45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط « طنطا - دمياط»    سلسلة غارات إسرائيلية على البقاع شرقي لبنان    أوديسا: هجوم روسي يودي بحياة أوكراني وإصابة خمسة أجانب    البيت الأبيض يتخوف من تكرار سيناريو الكابيتول في الانتخابات الرئاسية    محمد أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    ثروت سويلم يكشف حقيقة عدم إجراء قرعة للدوري الجديد    بالأسماء.. مصرع 4 أشخاص وإصابة 6 آخرين في حادث تصادم ببني سويف    إيمان العاصي: كرهت محمد القس بسبب دوره.. والجمهور شكرنا على اللهجة البيضاء    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    غزه الفاضحة .. قناة فرنسية: الإمارات تشارك "اسرائيل" بعمليات عسكرية في غزة (فيديو)    المدير الفني لنادي بلاك بولز: الزمالك أحد أكبر فرق إفريقيا ومواجهته صعبة.. والمصري البورسعيدي مميز    أمير توفيق: الأهلي لم يتفاوض مع دونجا.. ورؤية موسيماني سبب عدم ضم رحيمي    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    العجيزي يكشف كواليس مباراة ال 4 ساعات بين الزمالك وسموحة    ماذا تضمنت تعديلات قانون صندوق مصر السيادي؟ رئيس موازنة النواب يوضح    ننشر نص التحقيقات مع صاحب الاستديو في واقعة سحر مؤمن زكريا| خاص    ضبط سيدة بحوزتها عملات أجنبية بمطار القاهرة    مصرع وإصابة 22 شخصا في تصادم مروع بين سيارتين بطريق بلبيس العبور    "وصل المستشفى قاطع نفس".. طعنة الغدر تنهي حياة شاب في الجيزة    "التوك توك نزل الترعة".. إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم بالغربية    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    حدث بالفن| طلاق فنانة ومفاجأة شيرين وتعليق نشوى مصطفى على أزمتها الصحية    هنا الزاهد في أبو ظبي وجوري بكر مع نجلها ب بورسعيد..10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    «إسقاط عضوية إسرائيل».. ننشر بيان مؤتمر التحالف التقدمي العالمي    أمير توفيق: قدمت 24 مستندا في تحقيقات الأهلي.. وقندوسي طلب الرحيل مجانا الصيف الماضي    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    أحمد القندوسي يهدد الأهلي بأزمة جديدة.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    «فرعون شديد».. عمرو أديب عن تألق عمر مروموش    من أين لك هذا، كيف تفوقت تايلور سويفت على ريهانا وأصبحت أغنى موسيقية في العالم    أول تعليق من نشوى مصطفى بعد خروجها من المستشفى    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر انهيار منجم في زامبيا    «خانتني بعد ما وعدتني بالزواج».. محاكمة المتهم بقتل سائحة سويسرية بالفيوم اليوم    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    شاهد جمال الممشى السياحي بكورنيش بنى سويف ليلاً    أوسيمين آخر.. نابولى يخطط لتجديد عقد كفاراتسخيليا فى الأجندة الدولية    ترتيب الدوري الإيطالي بعد نهاية الجولة السابعة.. نابولي يتصدر    بايرن ميونخ يرصد 25 مليون يورو راتبا لحسم ملف تجديد جمال موسيالا حتى 2030    قطع التيار الكهربائي عن مدينة طور سيناء اليوم لنقل محولات    عمرو خليل: فلسطين هي قضية العرب الأولى منذ عام 1948.. فيديو    هجمة صيفية مفاجئة.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    حياة كريمة: نوفر اللحوم الطازجة ب310 والمجمدة ب180 جنيها عبر 100 منفذ    عيار 21 الآن بالمصنعية.. أسعار اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 «بيع شراء» بعد الانخفاض الجديد    تنسيقية شباب الأحزاب: الرعاية الصحية ركيزة قادرة على دعم الحياة الكريمة    هل يجوز تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    مدير صحة القليوبية يتابع العمل بالوحدات الصحية: إحالة المقصرين للتحقيق    بالزي الفرعوني.. استقبال مميز للطلبة في كلية الآثار بجامعة دمياط    الأزهر للفتوى: الإنفاق في الخير لا يشمل المال بل النية والعاطفة    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    «الرعاية الصحية» تعلن نجاح جراحتين لزراعة القوقعة في مجمع الإسماعيلية الطبي    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    جامعة عين شمس تنظم احتفالية كبيرة بمناسبة الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر    مرشح "الأوقاف" في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم يُبهر المشاركين والمحكمين    الدكتور حسام موافي ينتقد الإسراف في حفلات الزفاف: "ستُسألون عن النعيم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحذير الأولياء من المنافسة في تجهيز النساء

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده ، وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد ،،،
فقد كان الزواج فى الريف المصرى بسيطا سهلا ميسورا ، إلا قلة من الناس تشدد فى طلباتها على الأزواج ، وبمرور الوقت ونتيجة للبعد عن الله ، فقد زاد التشديد في أمور الزواج ، ولم يعد قاصرا على ما يطلبه أهل المرأة ، من المتقدم لها ، فشمل أهل المرأة نفسها ، فشددوا على أنفسهم في تجهيز بناتهم ، واشتعلت المنافسة بين أولياء النساء ، حتى وصلت إلى الغلو والسفه ، وشراء ما يلزم ، ومالا يلزم ، حتى أسرفوا وبذروا متغافلين عن قوله تعالى : { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } ( الإسراء 26 – 27 ) وهذه المقالة محاولة سريعة لإلقاء الضوء على هذه الظاهرة السيئة التي عمت بها البلوى في الريف المصرى ، لمعالجتها وفق ضوابط الشرع .
الوقفة الأولى : أصل المشكلة ، وسببها :-
يكمن أصل المشكلة في البعد عن الله – عز وجل - ، وعن تعاليم نبيه صلى الله عليه وسلم ، التي تنهى عن نظر المسلم لمن فضل عليه في الدنيا ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { انظروا إلى مَن أسفلَ منكم . ولا تنظروا إلى مَن هو فوقَكم . فهو أجدرُ أن لا تزدروا نعمةَ اللهِ } ( رواه مسلم ) وفى رواية لإبن ماجه صححها الألبانى : { انظُروا إلى مَن هوَ أسفَلَ منكُم ولا تَنظُروا إلى من هوَ فوقَكم فإنَّهُ أجدَرُ أن لا تزدَروا نِعمةَ اللَّهِ } قال النووي – رحمه الله – في " شرح مسلم " : { معنى ( أجدر ) أحق ، و ( تزدروا ) تحقروا . قال ابن جرير وغيره : هذا حديث جامع لأنواع من الخير : لأن الإنسان إذا رأى من فضل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك ، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى ، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه . هذا هو الموجود في غالب الناس . وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها ظهرت له نعمة الله تعالى عليه ، فشكرها ، وتواضع ، وفعل فيه الخير . } أه .
فقد نظر الفقير إلى الغنى في تجهيزه لإبنته ، وحاول أن يجاريه في هذا التجهيز بمقولة : { إبنته ليست أفضل من إبنتى } وترتب على مخالفة هذا الهدى المبارك ، الوقوع في المخالفة الثانية لهديه صلى الله عليه وسلم ، و التى رواها المسور بن مخرمة رضى الله عنه ، أنه قال : { واللهِ ما الفقرَ أخشى عليكم . ولكني أخشى عليكم أن تُبسطَ الدنيا عليكم كما بُسِطتْ على من كان قبلكم . فتنافَسوها كما تنافَسوها . وتُهلكَكم كما أهلكتْهم " . وفي روايةٍ : وتُلهيكم كما ألهَتهم " } ( رواها مسلم ) فتنافس أولياء أمور النساء في التجهيز ، ولم يسلم من ذلك غنى ولا فقير ، فإذا سمع أهل البلدة بجهاز بنت من بناتها ، إلا وسعوا إلى الزيادة عليه ، ليذكروا عند الناس بأفضلية جهاز بنتهم على من سواها .
الوقفة الثانية : بعض صور الإسراف في التجهيز :-
قد لا يتخيل القارىء الكريم حجم المشكلة ، وضخامتها ، إلا إذا وقف على بعض صورها ، ولك أن تدرك أخى الكريم أن تجهيز الفتيات في الريف المصرى قد تخطى حاجز المائة وخمسين ألف جنية ، وهذه أمثلة لما وقعوا فيه من الإسراف والتبذير :
1- في مجال فرش الغرف :
عن جابر بن عبدالله رضى الله عنهما قال : انَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال له : { فراشٌ للرجلِ . وفراشٌ لامرأتِه . والثالثُ للضَّيفِ . والرابعُ للشيطانِ } ( رواه مسلم ) قال النووي – رحمه الله – في " شرح مسلم " : { قال العلماء : معناه أن ما زاد على الحاجة فاتخاذه إنما هو للمباهاة والاختيال والالتهاء بزينة الدنيا ، وما كان بهذه الصفة فهو مذموم ، وكل مذموم يضاف إلى الشيطان ؛ لأنه يرتضيه ، ويوسوس به ، ويحسنه ، ويساعد عليه . وقيل : إنه على ظاهره ، وأنه إذا كان لغير حاجة كان للشيطان عليه مبيت ومقيل ، كما أنه يحصل له المبيت بالبيت الذي لا يذكر الله تعالى صاحبه عند دخوله عشاء .} أه . فتجد المنافسة في شراء أطقم الفراش ، فمنهم من يشترى أكثر من مائة طقم ، وأكثر من عشرين بطانية ، وعشرات الألحفة الفيبر ، مع أن غالبية البيوت لا يزيد بها الفراش عن ثلاثة !!!
2- في مجال الأجهزة الكهربائية :
أ - شراء غسالات : فول أتوماتيك ، وعادية ، وأطفال ، وأطباق .
ب – شراء إثنين شاشة تليفزيون إل سى دى على الأقل ، وربما فى كل غرفة من غرف البيت والصالة واحدة .
ج – إشتراطهم وجود جهاز للكمبيوتر في التجهيز ، ثم تطور الأمر إلى جهاز للاب توب ، ثم الآى باد والتابلت حتى ولو كان الزوجان لا يقرآن .
3- في مجال مستلزمات الحمام :
أ - شراء أكثر من ستين فوطة .
ب – شراء عشرات الأنواع من الصابون ، والشامبو ، بكميات مبالغ فيها .
4- في مجال ثياب المرأة :
قيام البعض بشراء أكثر من مائة عباءة خروج للمرأة ، وعشرات الأحذية .
5- في مجال السيارات الناقلة للجهاز :
تأجير أكبر عدد ممكن من سيارات النقل يوضع بكل سيارة قطع صغيرة من العفش ، بالرغم من إمكانية حملة فى سيارة واحدة أوإثنين على الأكثر ، وإنما الرغبة فى المباهاه أمام أهل القرية .
6- في مجال المأكولات :
وجوب إحضار الزوجة لكثير من الطيور لبيت حماتها ليلة الدخلة ، وإشتراط عددها وأنواعها ، فيشترطون عددا من البط و الأوز ، والدجاج ، والرومى ، وهكذا .
الوقفة الثالثة : الحكم الشرعى للمسألة :-
قيام أولياء الأمور بشراء ما يلزم بناتهم مما تدعوا إليه حاجتهن ، لا حرج فيه ، وإن نووا شراءه بنيه إعانتهم على العفة ، وتكوين الأسرة المسلمة التي تقوم على شرع الله ، أثيبوا على نيتهم ، أما إن قاموا بشراء ما لا حاجه لهم فيه ، أو ما زاد على الحاجة ، فقد وقعوا في الإسراف والتبذير الممقوتين المحرمين ، قال ابن عابدين - رحمه الله – في " حاشيته " : { التبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف ، والتحقيق أن بينهما فرقاً ، وهو أن الإسراف : صرف الشيء فيما ينبغي زائداً على ما ينبغي ، والتبذير : صرف الشيء فيما لا ينبغي . } ا.ه.
والإسراف والتبذير من مساوىء الأخلاق التي تعود على صاحبها وعلى المجتمع والأمة بالكثير من الأضرار فإن الله عز وجل قد نهى عباده عنه فقال : { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } ( الأعراف : 31 ) . و قال : { وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً } ( الإسراء 26 -27 ) وقال تعالى ممتدحا أهل الوسطية في النفقة الذين لا يبخلون ولا يسرفون : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } ( الفرقان : 67 ) .
وقال البخارى – رحمه الله – في كتاب اللباس : { باب قول الله تعالى قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده وقال النبي صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة وقال ابن عباس كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة }
الوقفة الرابعة : الاثار السلبية المترتبة عليها :-
ونتيجة لهذه السلوكيات الخاطئة ، ولتنافس الفقراء مع الأغنياء على الدنيا الحقيرة ، شق الله عليهم ، فترى كثيرا من الأسر تستدين لتأتى لبناتها بما سبق ذكرة ، ثم يعجزوا عن الوفاء ، لأصحاب المحلات بأموالهم ، فتكون النتيجة الطبيعية ، إمتلاء السجون بأولياء أمور وأمهات كثير من النساء ، كما قد يلجأ بعض غير القادرين – ممن لا يخشون الله – إلى الطرق غير المشروعة – مثل الرشوة والإستيلاء والإختلاس للمال العام ، أو السرقة – لإكتساب المال لتجهيز بناتهم ، فضلا عن إشتمال فعلهم على الآثار السلبية الآتية :
1- عدم محبة الله لهم :
قال تعالى : { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } ( الأنعام : 141) .
2- مشاركه الشيطان في حياتهم :
فالذي يسرف ويبذر معرض لمشاركة الشيطان في مسكنه ، ومطعمه ، ومشربه ، وفراشه ، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم السابق : { فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان }
3- كونهم من إخوان الشياطين :
قال تعالى : { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } ( الإسراء : 26-27 ) .
قال السعدي – رحمه الله – في " تفسيره " : (لأنَّ الشيطان لا يدعو إلا إلى كلِّ خصلة ذميمة ، فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك ، فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير. والله تعالى إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها ويمدح عليه ، كما في قوله عن عباد الرحمن الأبرار وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوالَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا " الفرقان : 67" ) .
4- محاسبتهم على فعلهم في الآخرة :
فعن أبي برزة الأسلمي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه فيم فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى ) .
أي : من موقفه للحساب حتى يسأل عن عمره فيما أفناه أفي طاعة أم معصية ، وعن عمله فيم عمله لوجه الله تعالى خالصًا أو رياء وسمعة . وعن ماله من أين اكتسبه ، أمن حلال أو حرام ؟! وفيما أنفقه أفي البرِّ والمعروف أو الإسراف والتبذير ؟! وعن جسمه فيما أبلاه أفي طاعة الله أو معاصيه ؟! .
5- إسرافهم وتبذيرهم عاقبته وخيمة :
قال ابن الجوزي – رحمه الله – في " صيد الخاطر " : { العاقل يدبر بعقله عيشته في الدنيا ، فإن كان فقيرًا ؛ اجتهد في كسبٍ وصناعةٍ تكفُّه عن الذُّل للخلق ، وقلل العلائق ، واستعمل القناعة ، فعاش سليمًا من منن الناس عزيزًا بينهم . وإن كان غنيًّا ، فينبغي له أن يدبر في نفقته ، خوف أن يفتقر، فيحتاج إلى الذُّل للخلق ، ومن البلية أن يبذر في النفقة ، ويباهي بها ليكمد الأعداء ، كأنه يتعرض بذلك -إن أكثر- لإصابته بالعين ... وينبغي التوسط في الأحوال ، وكتمان ما يصلح كتمانه ، وإنما التدبير حفظ المال ، والتوسط في الإنفاق ، وكتمان ما لا يصلح إظهاره } أه .
6- إضاعة المال :
فإن المرأة لا يمكن لها بحال من الأحوال أن تستخدم كل ما جاء لها طيلة حياتها ، وتكون النتيجة الطبيعية ، إحتفاظها بكثير مما اشتراه لها أهلها دون إستخدام فترة طويلة من الزمن ، حتى يهلك وتنتهى منفعته ، فتضطر المسكينة إلى إلقائه ، وعدم الإحتفاظ به .
الوقفة الخامسة : جهاز فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم :
كان زواج عليّ من فاطمة رضي الله عنهما زواجاً سهلاً مُيَّسراً مباركاً ، لزوجين لا تعرف الدنيا لقلبهما طريقاً ، وأما جهاز وأثاث زواجهما فكان : قطيفة ، وقِرْبَة ، ووسادة من جلد حشوها ليف أو نبات ، فعن علي رضي الله عنه قال : { جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل ( قطيفة ) ، وقِرْبة ، ووسادة أدم (جلد ) حشوها إذخر ( نبات رائحته طيبة } ( رواه أحمد وصححه أحمد شاكر ) وفي رواية ابن حبان : { وأمَرهم أنْ يُجهِّزوها فجعَل لها سريرًا مُشرَطًا بالشَّرطِ ووِسادةً مِن أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ }
لقد كانت فاطمة رضي الله عنها تعلم أنها بنت سيد المرسلين وخاتم النبيين وسيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه ، ومع ذلك رضيت بالقليل ، ولم تطمع في متاع الحياة الدنيا ، ولم تطمح نفسها إلى العيش الراغد ، بل ضُرب بها المثل في زواجها اليسير المهر، القليل المؤنة.. ولم تكن حياتها في بيت زوجها مُترفة ولا ناعمة بل كانت أقرب إلى التقشف والخشونة ؛ لأن علياً رضي الله عنه -على عِظم مكانته لم يكن صاحب حظ من مال ، ومن ثم فقد عاشت رضوان الله عليها في بيتها حياة بسيطة متواضعة ، فهي تطحن وتعجن خبزها بيديها مع إدارة كافة شؤون بيتها الأخرى ، إضافةً إلى حقوق زوجها عليها ، وحين تعبت من عمل البيت وأثَّرَ عمل الرَحَى في يديها ، طلبت من أبيها صلى الله عليه وسلم خادماً يساعدها ، فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم لما هو أفضل لها ، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : { أنَّ فاطمة أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً ، وشكتِ العملَ ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما أَلفَيتِيه عندنا ) قال: ( ألا أدُلُّكِ على ما هو خيرٌ لك من خادمٍ ؟ تسبِّحين ثلاثاً وثلاثين ، وتحمَدين ثلاثاً وثلاثين ، وتكبِّرين أربعاً وثلاثين حين تأخذين مضجعَك } . قال إبن حجر – رحمه الله - في " فتح البارى " : { قال القرطبي : إنما أحالها على الذكْرِ ليكون عِوضاً عن الدعاء عند الحاجة ، أو لكونه أحب لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر، وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيماً لأجرها } أه
الوقفة السادسة : الحلول المقترحة لمعالجتها :-
ولحل هذه النازلة التي ألمت بكثير من الأسر الفقيرة قبل الغنية فنرى الحلول الآتية :
أولا : شعور كل مسلم بالمسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقه – لاسيما مع الحالة الإقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد - وألا ينجر وراء تلك المنافسة المذمومة ، وليمتثل قوله صلى الله عليه وسلم : { يسروا ولا تعسروا } ( رواه البخارى ) وليعلم أن { خير النكاح أيسره } ( رواه ابن حبان . وصححه الألباني ) .
ثانيا : الإقتصار على ما هو لازم وضرورى في الزواج شريطة ألا يكون هناك إسراف أو تبذير في شرائه .
ثالثا : نشر الوعى بين أولياء الأمور ، بحرمة الإسراف والبذير ، وما يترتب عليهما من آثار مدمرة .
رابعا : العمل على إنشاء صندوق للزواج في الريف المصرى ، وغيره ، يعمل على مساعدة الأسر الفقيرة على زواج بناتها .
الوقفة السابعة : نداء إلى طلبة العلم الشرعى :
وهذا نداء ورجاء لطلبة العلم الشرعى لنشر هذه المقالة في أماكنهم لتعم بها الفائدة ، ولعل الله أن يفتح بها الآذان والقلوب ، ويكتب لها القبول ، فتكون سببا في وقف الآثار السلبية لهذه الظاهرة .
والله الموفق ،،،
المستشار أحمد السيد على إبراهيم
** نائب رئيس هيئة قضايا الدولة – الكاتب بمجلة التوحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.