قراءة متأنية لما تمر بها المحروسة من أحداث وتحديات تفرض على الجميع التعاضد بدل التشاحن والتآلف بدل التنافس والتوافق بدل الاختلاف والتنابذ ومن هذا المنطلق الأخلاقى الذى أمرنا ديننا بالأخذ به مع من نختلف معهم فى الرأى أو المرجعية سواء دينية أو سياسية فمن باب أوْلى أن نلتزم بتطبيقه تجاه من نعتبر أنفسنا جزءًا منهم وإن اختلفنا فلهم حق النصيحة ولنا حق النقد من باب أننا نتشارك مستقبل وطن غالٍ على نفوسنا جميعًا، ومن هذا المنطلق أوجه رسالتى إلى الأخوة من قيادات الإخوان وإلى الأخوة بمكتب الإرشاد وأرجو أن تتسع الصدور للخلاف والنقاش وصولاً إلى ما نرنو إليه من مصلحة وطننا الغالى. الأخوة الأعزاء هل مِن مخلص لهذا البلد يقبل حالة التشاحن الموجودة على الساحة بين القوى الإسلامية والتى وصلت إلى تسفيه أحدها للآخر والهمز واللمز عليه، بينما الكل ينتمى للحركة الإسلامية التى يكثر كارهو توجهاتها والمتصيدين لأخطائها، وأعنى بذلك أخطاء المنتسبين إليها من سلفيين وإخوان لأننا طالما ارتضينا أن نربط أنفسنا بالإسلام كمرجعية وحيدة فلابد أن نعى أن كارهى الإسلام والذين فى قلوبهم مرض ولا يستطيعون الطعن فيه لابد أن يلجأوا إلى سقطات من ينتسبون إليه للطعن فيه من خلالهم فيا من تربيتم على آداب وأخلاق الإمام الشهيد رحمه الله نرجوكم ومهما كانت التحديات التى تواجهكم والتى ربما يشعر بها الكثير ولكنها ليست مبررًا للخروج على آداب الجماعة الراسخة فى وعى الكثير من الناس وعامتهم ولابد أن تتسع الصدور لاحتواء المخالفين سواء شبابًا أو شيوخًا سواء كانوا منا أو انشقوا عنا فلا يجب أن ينسى أحد أننا جميعا أبناء لهذا الوطن وكلنا مخلصون لتوجهنا الإسلامى ونسأل الله التوفيق للقائمين عليه نصرًا لديننا وإنقاذًا لوطننا الغالى. الأخوة الأفاضل الأعزاء أربأ بكم أن ينطبق عليكم ما تتناقله وسائل الإعلام ونراه على أرض الواقع من شطط فى الخصومة تجاه ابن من أبناء الحركة وإن انشق عنها فما يربطنا لابد أن يكون الانتماء إلى بلدنا وأن يكون هذا الانتماء لبلدنا الغالى أقوى من انتماءاتنا التنظيمية وهو أمر أعلم أنه صعب على الكثير من قيادات الجماعة فى غمار ما عاشت فيه وتربت عليه فى أزمان سابقة تعرضت فيها لأسوأ أنواع البطش التى يمكن أن يتخيلها إنسان ولكن لنكن صادقين مع أنفسنا لقد قامت ثورة مباركة جعلها الله آية من آياته على الأرض لتحقق على الواقع ما كان غائبًا عن الخيال أو متصورًا له الحدوث من نزع ديكتاتور جائر ومن تمكين لمن كانوا مستضعفين بالأمس وآية هذا التمكين ما حققتموه من نسب عالية فى الانتخابات البرلمانية السابقة وما جلوس السيد الكتاتنى على كرسى رئاسة البرلمان المصرى إلا آية من آيات الله تستوجب الشكر، فشكر النعمة واجب، وهذا الشكر يجعلنا نتعاضد ليأخذ أحدنا بيد الآخر فمصر تحتاج للجميع وندعو الله ألا تؤتى مصر من قبل أحدنا، لأن فتنة السلطة جارفة نسأل الله أن يحفظكم وإيانا من الوقوع فيها وهذه المرحلة تحتاج أن يكون من الجماعة نفسها مَن يتواصى بالحق وتحتاج إلى تقويم مستمر ومراجعة وهذه هى السياسة تحتاج إلى المرونة ولا يصلح لها العناد مهما كانت القدرة على الحشد والتنظيم. الأخوة الأفاضل لا أخفيكم سرًا بأننى كنت ممن فوجئ بنتائج الانتخابات البرلمانية وما حققه السلفيون فيها واشتملنى خوف كبير على بلدى لظنى (وإن بعض الظن إثم)، إن الخطورة على مستقبل البلاد ستكون من قبل السلفيين لعدم سابق خبراتهم فى ممارسات السياسة والتعامل بدهاليزها، ولكن هذا الخوف كان مستبعدًا جدًا تجاه جماعة الإخوان نظير ما نعلمه جميعًا من أحاديثهم ومن الاحتكاك بهم من سابق خبرتهم فى التعامل السياسى لسابق تجربتهم فى البرلمان المصرى من أيام المخلوع ولكن صدمة كبيرة فاجأت الجميع هى أن الأخوة السلفيين نجحوا نجاحًا مبهرًا فى تقديم أنفسهم للناس بصورة لاقت استحسانًا وقبولاً لم يكن متوقعًا مع التزامهم المعلن بتمسكهم بالثوابت وعدم التخلى عنها وشفافية الحديث عن مرشحى الرئاسة وصولا إلى ترك حرية اختيار أعضاء التيار السلفى لمن يثقون فيه لهذا المنصب، وعلى الوجه الآخر نجد جماعة الإخوان تتصرف بخشونة لم تكن موجودة قبل ذلك وتتخلى عن بعض وعودها السابقة بعدم الدفع بمرشح رئاسى والإصرار على الدفع بالسيد خيرت الشاطر ثم الدفع بالسيد محمد مرسى مرشحًا رئاسيًا دون مراعاة أن نجاح أى مرشح ليس فقط بقوة التنظيم التى يتمتع بها الإخوان ولكن يتطلب أيضًا الوصول إلى الناس وشرح الأمور واطلاع العامة قبل النخبة على المستجدات أولا بأول وبذل جهد أكثر لاستيعاب الآخر مهما كانت توجهاته لأن زمن الإقصاء ولى بغير رجعة ولا يمكن لأى قوة على الأرض أن تستعمل قوتها أو مواردها أو كثرتها العددية لإقصاء المقابل لها، لأن كل ما ستبذله تلك القوة الغالبة بصورة أو بأخرى سيصب فى صالح القوة المستضعفة فأولى بكم استيعاب الآخر والوصول معه إلى نقطة سواء لمصلحة هذا البلد الذى ننتمى إليه جميعًا. أحبتى جماعة الإخوان بخصوص مشروع النهضة الذى يكثر الحديث عنه سواء ترويجًا مثل ما يتناثر من تأويلات على السنة المحبين أو تشكيكًا كما يجرى على السنة المنافسين أو المنشقين، وهو ما يجعلنا نسألكم بالله عليكم لماذا لا يطرح مثل هذا المشروع إعلاميًا ليعلم الناس أنه مشروع جدى وواقعى وليس دربًا من الخيال وهذا الطرح سينعكس على تعاطف أكثر من جماهير شعبنا الطيب، التى هى فى أمس الحاجة إلى بصيص نور يبدد الظلام الدامس الذى يحيط بها من كل جانب فلماذا تبخلون على الناس بهذا البصيص من الأمل. أسأل الله لى ولكم ولمصرنا الغالية بكل أطيافها التوفيق والفلاح وأن يجعلنى وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. تحياتى [email protected]