أشعل تراجع المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن إقالة حكومة كمال الجنزورى أزمة جديدة مع جماعة "الإخوان المسلمين"، بعد أن أكد اللواء محسن الفنجرى، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة في تصريحات أمس، استمرار الحكومة الحالية حتى انتخاب رئيس جمهورية جديد، وهو ما أثار حالة من القلق داخل الجماعة من موقف المجلس العسكرى منها بشكل عام، إثر تراجعه عن تعهده خلال محادثة هاتفية بين المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب عن إقالة الحكومة، ما يلقى بظلاله حول تصور المجلس للفترة القادمة ومدى التزامه بتسليم السلطة. وقالت مصادر مطلعة، إن قرار تعليق جلسات مجلس الشعب إلى يوم الأحد المقبل الذي اتخذه المجلس أمس الأول "جاء كخطوة استباقية من جانب جماعة الإخوان المسلمين على تصاعد احتمالات صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب"، استنادًا لعدم دستورية الخلط بين نظام القائمة والفردى، حيث سعت الجماعة لإيصال رسالة ل "العسكرى" بأنها لن تقبل بأى حال من الأحوال صدور مثل هذا القرار باعتبار أن المجلس سيد قراره. وكشف المصادر أن تريث المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى مسألة إقالة حكومة الجنزورى جاء استجابة لتحذير مرجعيات قانونية له من خطورة تشكيل "الإخوان" لحكومة تعطيهم الحق فى إدارة انتخابات الرئاسة فى وقت دفعت الجماعة بالدكتور محمد مرسى لمنصب الرئيس، وهو ما قد يسمح بتدخل الجماعة لدعم مرشحها. وأكد الدكتور طارق فهمى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة ل "المصريون"، أن مخاوف "الإخوان" من حل مجلس الشعب هى من حدت بالجماعة لتبنى نهج متشدد تجاه المجلس الأعلى وحكومة الجنزورى لوقف هذا القرار، والتلويح بورقة اللجوء للشارع والعودة للميدان التشكيك فى شرعية إدارة العسكرى للبلاد، وفى الإعلان الدستورى الذى يعتبره بعض الدستوريين فاقدًا للمشروعية بعد انتخاب البرلمان. ولم يستبعد إمكانية اللجوء لحل وسط بين "الإخوان" و"العسكرى" يجرى بموجبه تعطيل صدور حكم من الدستورية العليا يقضى بحل المجلس منها عدم تصديق الأعلى على حكم الدستورية، وإقالة عدد من وزراء حكومة الجنزورى المثيرين للجدل ليس من بينهم بالطبع وزير الداخلية. وكشف فهمى عن وجود مشاورات سرية بين جماعة "الإخوان" والمجلس الأعلى حاليًا لتجاوز هذه الأزمة فى ظل الأوضاع المضطربة، التى تمر بها البلاد لاسيما أن الجماعة لن تقبل حل البرلمان جملة وتفصيلا ولا تدخل العسكرى فيما يتعلق بالجمعية التأسيسية. بدوره، رأى ضياء رشوان، مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، أن الأزمة بين البرلمان والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لا تتعلق بحكومة الجنزورى بل باحتمالات حل البرلمان فى ظل تسريبات عن اقتراب الدستورية من إصدار قرار بعدم دستورية قانون انتخابات المجلس. واعتبر أن حالة العناد السائدة حاليًا بين المجلس العسكرى والإخوان ستقود البلاد لنفق مظلم، لافتا إلى أن تجميد مهام البرلمان سيزيد الأزمة اشتعالا ويكرس من حالة الاستقطاب الحاد، لاسيما أن المجلس العسكرى لم يصدر بيانًا حاليًا بإجراء تعديل وزارى وكأنه ترك الإخوان يعلنون هذه الأمر بأنفسهم ويتحملون تبعاته بشكل يكرس إحراجهم أمام الرأى العام. من جانبه، أكد الدكتور محمد جمال حشمت عضو الهيئة البرلمانية لحزب "الحرية والعدالة" بمجلس الشعب أن الكرة حاليًا فى ملعب المجلس العسكرى، والمطالب بحسب رأيه فى إقالة حكومة الجنزورى وتشكيل حكومة تعبر عن الثورة وتتولى إخراج مصر من النفق المظلم بدلا من تصدير الأزمات للحكومة القادمة. ودافع حشمت بضراوة عن حق رئيس مجلس الشعب فى اتخاذ قرار التجميد باعتبار المسئول الأول وحسب اللائحة عن الحفاظ على كرامة المجلس وأعضائه متسائلا كيف يباشر المجلس مهامه فى غياب الحكومة، وفى تجاهلها التام لدور البرلمان. وأشار إلى أن البرلمان سيواصل مساعيه لإقالة هذه الحكومة التى تقود بحسب قوله "الثورة المضادة وتعمل على عرقلة مهمة الحكومة القادمة"، لافتًا إلى أن "الإخوان المسلمين" وحزبها "الحرية والعدالة" سيدرسون جميع الخيارات فى حال تراجع العسكرى عن إقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة حسبما أبلغ المشير طنطاوى، الكتاتنى فى اتصال هاتفى.