اعتبر إريك تريجر الباحث الأمريكى المتخصص فى الشئون المصرية إن الظهور المفاجئ للدكتور محمد مرسى، مرشح حزب "الحرية والعدالة" لرئاسة الجمهورية، بوصفه حامل لواء جماعة "الإخوان المسلمين" بعدما تم استبعاد مرشحها خيرت الشاطر، يعد تغييرًا كبيرًا، بات معه الأول أبرز اللاعبين السياسيين للجماعة، بعدما ظل يمارس عمله لوظيفتين حيويتين: الأمن الخارجى للجماعة، وانضباطها الداخلى من خلف كواليس المشهد السياسى المصرى، الأمر الذى سيكون له تأثير مختلط على فرص مشاركته فى الانتخابات الرئاسية. وقال تريجر فى مقاله الذى نشره "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، إنه سواء نجح مرسى فى الانتخابات الرئاسية أو خرج منها خاسرًا، فمن المحتمل أن يظل لاعبًا أساسيًا فى السياسة المصرية لسنوات قادمة، إذ سيمكنه رئاسته لحزب "الحرية والعدالة"، الجناح السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" من مواصلة مساره تجاه تبنى رؤى اليمين المتطرف، على حد تعبيره. ورأى، أن التزامه بالحفاظ على الانضباط الداخلى للجماعة سيحجم من مساعى شباب "الإخوان" فى التوصل إلى حل وسط مع مختلف الفصائل السياسية، ناهيك أن علاقاته مع سلطات الأمن المصرية ستجعله أهم الشخصيات القادرة على التصدى لضغوط الجيش. وقال إنه فى الوقت الذى يتوقع فيه جذب مرسى لأصوات الناخبين من أعضاء الجماعة ومؤيديها؛ فإن أصوات السلفيين ومؤيديهم لا تزال لقمة سائغة؛ إذ يتوقع محاولة جذب مرسى لأصوات السلفيين بعدما تم استبعاد المرشح الذى يحظى بدعمهم الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل على خلفية حصول والدته على الجنسية الأمريكية، لتوافقه معهم فى كثير من رؤاهم المتشددة، بحسب قوله. وأكد الباحث الأمريكي، أن بروز نجم مرسى من خلف الكواليس باعتباره حامل لواء "الإخوان المسلمين"، ينبغى أن ينظر إليه بمثابة مؤشر على القدرة التنظيمية الفائقة للجماعة، وديكتاتوريتها الداخلية، وتعصبها الداخلى وربما الأهم استعدادها لتبنى سياسة التدرج فى تطبيق سياساتها حينما تخضع لضغوط خارجية. وأوضح تريجر أن مرسى كان نقطة الاتصال الأولى بين "الإخوان المسلمين" و"أمن الدولة" خلال الأربع سنوات الأخيرة من حكم المخلوع، لافتًا إلى الدور الذى قام به مرسى فى التفاوض مع جهاز أمن الدولة القمعى بشأن التأكد من مشاركة الجماعة فى نواحى الحياة السياسية مثل الانتخابات البرلمانية. وذكر أن حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، والذى يحاكم الآن بتهم قتل المتظاهرين وقضايا فساد كان قد صرح خلال لقائه معه فى مارس 2011 ، بأن "جهاز أمن الدولة يفضل نقطة الاتصال التى تحظى بثقة الإخوان". وقال الباحث الأمريكى، إن مرسى بالفعل يحظى بثقة قيادات الجماعة، إذ يعتبرونه متزمتًا من الناحية الأيديولوجية، وبالتالى من غير المرجح أن يقدم الكثير من التنازلات لنظام المخلوع خلال أى تفاوض معه، كما أن "الإخوان" يعتبرونه ذا خبرة سياسية جعلته مفاوضًا ذا حنكة؛ إذ انضم للقسم السياسى بالجماعة منذ عام 1992، فضلاً عن قيادته للكتلة البرلمانية ما بين عامي 2000 و2005. ويرى الباحث الأمريكى أن مرسى ورث هذا الدور عن خيرت الشاطر في أن يصبح قناة الاتصال الوحيدة بين الإخوان وأمن الدولة، بعدما تم اعتقال الأخير عقب انتخابات 2005 . واعتبر أن استعداد مرسى عقب اعتقال الشاطر للتفاوض مع النظام السابق الذى قمع الجماعة بوحشية على مدى السنوات الماضية، هو مؤشر على التدرج السياسى للجماعة خلال تلك الفترة، لافتًا إلى تصريح لمرسى فى أغسطس 2010 "برنامجنا طويل المدى وليس بالقصير، إذا استعجلنا الأمور، فإننى لا أعتقد أن يسفر موقف مستقر حقيقى". وأرجع الباحث رغبة الجماعة فى التنسيق مع النظام السابق لنشاطها السياسى فى ظل حكم حسني مبارك القمعى ورفضها الانضمام إلى الحركات الاحتجاجية المختلفة التى برزت خلال السنوات الأخيرة من حكم المخلوع إلى رغبة الجماعة فى البقاء على قيد الحياة وهو ما يشكل هدفها الرئيسى. وأشار إلى تردد الجماعة فى المشاركة فى التظاهرات الأولى لثورة ال25 من يناير، وقيام مرسى بالمشاركة فى المفاوضات مع عمر سليمان نائب الرئيس آنذاك فى مطلع فبراير لإنهاء الاحتجاجات التى انتهت بلا جدوى. وقال إن مرسى يقوم بمهمة المحافظ على الانضباط الداخلى للجماعة باستبعاد كل من يخرج عن رأى مجلس شورى الجماعة، وأشار إلى قيامه بتوبيخ شباب الجماعة ممن اعترضوا على البرنامج الذى صاغه والذى يشتمل على إقامة مجلس شورى من العلماء لإبداء المشورة لأعضاء البرلمان وفقا لما تقتضيه الشريعة الإسلامية.