ما يكاد أهل مصر المحروسة يفيقون من فاجعة إلا وتحيق بهم أخرى، وآخر تلك النوازل -التى ليس لها آخر- زيارة صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور العالم العلامة القطب نور الدين على بن جمعة مفتى الديار المصرية للمسجد الأقصى، وشر البلية فى الدنيا ما يأتى من سقطات أرباب الديانة، لأن الناس اتخذوهم حجةً وقدوةً، وما أكثر سقطات أرباب الديانة الآن! وقد عودنا فضيلته دائمًا على أنه صاحب المفاجآت، ففى طرفة عين، وفى رحلة بُرَاقية محفوفة بالكتمان والسرية، زار فضيلته المسجد الأقصى بصفته الشخصية غير الرسمية! وليس لأحد الرعية أن يسأل عن دوافعه الحقيقية لتلك الزيارة المقدسية! ليس لفضيلة المفتى أن يرشد المسلمين إلى فضل شد الرحال للأماكن المقدسة، فهم يعلمون حديث أبى هريرة رضى الله عنه الذى رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى"، ولسنا فى حاجة إلى فتوى من فضيلته يرشدنا فيها إلى فضل الصلاة فى المسجد الأقصى. وأُذَكّر فضيلته الذى دعا الناس مرارًا وتكرارًا إلى التمييز بين الحكم الشرعى والفتوى الشرعية، أنه سقط فى ألف باء الإفتاء. ألم يعلم فضيلته فتوى العلماء المعاصرين بالمنع من زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيونى، وأن هذه الفتوى محل اتفاق وطنى، إسلامى مسيحى، فالأزهر حرمها على المسلمين فى مصر والعالم، والكنيسة الأرثوذكسية حرمتها كذلك على أتباعها. ولا أدرى ما ألجأ فضيلة المفتى إلى التحول والتبدل، ألم يسمع أن فى مصر ثورة قامت منذ عام ويزيد، أم غرَّه بعد بلوغه سن الستين التجديد، وأن فعلته هذه لا تتفق وصريح مبادئ الثورة المصرية، وأن رحلته المقدسية تمثل ذروة التحول فى حياة فضيلته. ولكنى أقول: إن المفتى كِبِرْ وحَرَّفْ، من التحريف، وليس من التخريف، حتى لا أقع فى التصحيف، فلا يرفع فضيلته علىََّ قضية. وأخيراً أهمس فى أذن فضيلته بقول الشيخ الداعية محمد الغزالى –رحمه الله-: "لا أعرف مظلومًا تواطأ الناس على هضمه ولا زهدوا فى إنصافه كالحقيقة"؛ والحقيقة: أن " كُلْ شيخْ ولُهْ طَريقَهْ". [email protected]