اللى يعيش ياما يشوف، واللى يثور يشوف أكتر، وما أكثر ما رأينا فى توابع ثورتنا من اختراعات فى أم كل شىء.. وأول اختراع فى أم هذه الثورة كان ما فعله المخلوع حين كلف القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، عملا بالمثل الشعبى القائل "اللى كلف ما ماتش"، ورضينا بالهم. ثم انهالت علينا الاختراعات فى أمها تترى، وكأننا فى بلد العجائب، فتم استفتاء الشعب على تعديل الدستور، ثم بعدها تم إسقاط الدستور المعدل وأصدر الجيش إعلاناً دستورياً تأكيدًا لشعار "الجيش والشعب إيد واحدة"، وكلنا أولاد تسعة، وبموجب هذا الإعلان صار من حق السيد المدير المكلف الذى ليس له أى شكل من أشكال الشرعية سوى أن أمير المجرمين قد استخلفه قبل رحيله، له حق حل برلمان الثورة الذى انتخبه الشعب بإرادة حرة نزيهة وصار هذا البرلمان لا يملك حجب ولا سحب ولا حتى هز الثقة فى الحكومة التى جاء بها السيد المدير المؤقت. ومن هذه الاختراعات فى أمها، تلك اللجنة الإلهية التى لا تسأل عما تفعل، فهى لجنة تحكم ولا معقب لحكمها،لا يهمها أحكام قضائية ولا مستندات ولا يحزنون.. من تشير إليه وتقول له: "يا ابن الأمريكية"، فكلمتها تلزق فى أمه فورًا. وهكذا أصبحنا نعيش فى منزلة بين المنزلتين على رأى إخواننا المعتزلة، فلا نحن فى مرحلة شرعية ثورية، ولا نحن فى مرحلة شرعية دستورية، فهى نوع جديد لم يعرفه العالم من قبل وهو"الشرعية التكليفية"، وهى شرعية تسمح للمشير أن يركب جميع السلطات بنصف تذكرة. ومن الاختراع فى أمها أن يترشح للرئاسة من اقتلعتهم الثورة، ويقول لك أصحاب اللجنة وفقهاء الدستور إن هؤلاء الفلول نظام قانون قديم، وعزلهم يخالف الشرعية الدستورية، فهذه نقرة وهذه نقرة، وعملاً بالشرعية الدستورية، فإن الذين صدرت ضدهم أحكام فى عهد مبارك من معارضى النظام البائد محجوبون عن الترشح حتى بعد صدور عفو شامل عنهم، لأن الأحكام قد لزقت فيهم لزقة الغراء، فلا تنفعهم ثورة الثائرين ولا عفو العافين، وكما أن المثل الشعبى يقول: "يموت الزمار وصباعه بيلعب"، فإن المثل الثورى يقول: "يموت النظام وأحكامه بتسرى". ومن الاختراعات فى أمها أن البرلمان الذى انتخبه الشعب الذى قام بأم هذه الثورة لا يملك لنفسه ولا لناخبيه ضرًا ولا نفعًا سوى إصدار تشريعات تظل رهنًا لبصمها بخاتم النسر والخاتم فى الدرج ومفتاح الدرج مع المشير، والمشير راسه وألف سيف ما يطلع الختم إلا لما يلفف القانون كعب داير بدءًا من المحكمة الدستورية وانتهاءً بمجلس محلى حى وسط القاهرة للاختصاص. فى حين أن المدير المؤقت صاحب الشرعية التكليفية يمكنه ليس فقط إصدار تشريع بل إصدار إعلان دستورى فى غمضة عين مختوم وجاهز. ومن الاختراعات فى أمها أن كل القوى الثورية "الليبرالية منها واليسارية"، تقف طول النهار فى ميدان التحرير تصرخ "يسقط يسقط حكم العسكر"، على أساس أنه فاقد للشرعية بنوعيها، ثم إذا جن الليل تقدموا إلى العسكر بطلب باسم القوى الثورية يناشدونه إصدار إعلان دستورى جديد لانج بتعديل المادة 60 التى استفتى عليها الشعب لتقييد حق البرلمان، "الذى هو المؤسسة الشرعية الوحيدة فى البلاد"، وإجباره على تفصيل الجمعية التأسيسية على مقاس أبناء الجالية العلمانية، فإذا ذهب الليل وطلع الفجر والعصفور صوصو، عادوا إلى الميدان ليستهبلوا فى أمها قائلين: "أيوه بنهتف ضد العسكر". وأخيرًا سؤال حلقة اليوم: هل نحن فى مرحلة شرعية ثورية؟ أم شرعية دستورية؟ أم شرعية ليبرالية؟. إذا عرفت الإجابة اتصل ب (0900) واربح فوراً إعلاناً دستورياً أو جمعية تأسيسية أو مكبر صوت مزود بهاتف ذاتى يهتف ضد العسكر. [email protected]