حينما يرفع مجلس النواب شعارات «ممنوع الاقتراب أو الحديث أو حتى التصوير» بمنع إذاعة جلسات، فنجد أنفسنا أمام تكميم للإعلام المرئي، وحينما تقوم الصحافة بدورها الرقابى على السلطة التشريعية باعتبارها سلطة رابعة، يقوم رئيس مجلس النواب بتوجيه هجوم شديد عليها وصل الأمر إلى معايرته لصحيفة "الأهرام"، باعتبار تمويلها من الدولة نظرًا لنشرها تقريرًا حول ما يحدث للنائب البرلمانى محمد أنور السادات قبل إسقاط عضويته رسميًا من المجلس. فلم يكتفِ مجلس النواب بذلك، بل أعلن بعدها عن إحالة الكاتب الصحفى إبراهيم عيسي، رئيس تحرير جريدة المقال، إلى النيابة العامة، حيث قال إن عيسى دأب على مهاجمة البرلمان ب"أحط الألفاظ" بحسب كلامه، بسبب ما صدر بصحيفة المقال فى عددها أمس الثلاثاء بوصفها للبرلمان بأنه مجلس كارتوني.. فجاء المانشيت: "أفضل فيلم كارتون: البرلمان"، وذلك تعقيبًا على ما صدر من رئيس مجلس النواب ضد صحيفة الأهرام بالجلسة العامة أول أمس، وهو ما اعتبره رئيس مجلس النواب أهانة وإساءة. فليكون السؤال ماذا يريد مجلس النواب من الصحافة والإعلام المصري؟ هل يسعى لتكميم جميع الأفواه المعارضة لسياسته؟ وما هو الدور الأساسى التى يجب أن تلعبه وسائل الإعلام سواء المرئية أو المقروءة مع السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب؟!. فمن جانبه يقول محمد الخولي، الخبير الإعلامي، إن مجلس النواب دوره أن يشرع القوانين ويقيم الأداء الحكومى والرئاسي، وليس من دوره أن يعمل بالرد على كل كبيرة وصغيرة أو الهجوم على ما تقوم به أى جهة إعلامية، سواء مقروءة أو مسموعة ومرئية، مشيرًا إلى أن مجلس النواب ورئيسه منهمكون ومشغلون بهذه الأمور على حساب التشريعات والقوانين التى يجب أن تنظر وينتظرها الشعب المصرى الذى قام بانتخاب نواب هذا المجلس للدفاع عن حقوقهم. وأضاف الخولي، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن الصحافة تقوم بدورها الطبيعى المنوط به، فى الرقابة على السلطات التشريعية والتنفيذية، لتقييم دورها حتى تكون وسيلة لتوصيل الرسائل من الجمهور إلى هذه السلطات والعكس. وأوضح الخبير الإعلامي، أن ما حدث من رئيس مجلس النواب، من هجوم على مؤسسة الأهرام وتحويل إبراهيم عيسى إلى النيابة العامة، أمر غير مقبول إطلاقًا ولا يعبر عن حرية التعبير والرأى التى يسعى الشعب المصرى إلى تحقيقها منذ ثورة ال25 من يناير و30 يونيو. وفى سياق متصل تساءل حسن عماد مكاوي، الخبير الإعلامي، قائلًا "هل يحاول مجلس النواب أن يكمم الصحافة والمعارضين؟ ولماذا تشغل الصحافة كل هذا الحيز من التفكير داخل قبة البرلمان، فى ظل وجود العديد من الأزمات التى تعانى منها الدولة المصرية، سواء سياسية أو اقتصادية؟! وأضاف مكاوى ل"المصريون"، أن الصحافة تمارس دورها الأساسى فى الرقابة كسلطة رابعة، على أفعال مجلس النواب، ولا يجب إطلاقًا من مجلس النواب التعليق أو التلويح بأى أمور قديمة مثلما حدث من رئيس المجلس بحق مؤسسة الأهرام فى جلسته العامة السابقة. وأشار مكاوي، إلى أن البرلمان بذلك يسعى إلى تمكين الموالاة والتضييق على الحريات والضجر بأى نقد، يصدر من أى مؤسسة صحفية أو إعلامية ويحاول أن يكمم هذه الأفواه لعدم وصول تلك الرسائل إلى الشعب الذى يجب أن يسمع النقد والمدح من كل الأطراف لتكوين رأى وصدى واضح ليقيم أداء البرلمان ونوابه. وعلى جانب النواب، هاجمت النائبة غادة صقر عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، الإعلامى إبراهيم عيسى بسبب مقاله الأخير، الذى اعتبرته إهانة للبرلمان مشيرة إلى أن هذا مخالف للمهنية الصحفية. وأضافت صقر فى تصريح خاص ل"المصريون" أن البرلمان مع حرية الصحافة والصحفيين ومع النقد البناء إلا أن مقالات إبراهيم عيسى تجاوزت أصول الكتابة والصحافة ودائمًا ما تهدف إلى إثارة البلبلة وسط الشباب والرأى العام دون أن يضع فى الاعتبار المخاطر والغزو الإعلامى الذى يحيط بمصر. وطالبت النائبة أعضاء البرلمان بسرعة إقرار الهيئات الإعلامية والتى تمثل فى " الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" والتى تضبط معيار الصحافة والإعلام فى مصر.