يحتفل العالم بعد غد "الخميس" باليوم العالمي للملكية الفكرية حيث يشهد في هذه السنة الاحتفال "بالمبتكرين الملهمين".. أولئك الذين تركوا بصمات خالدة تدل على عبقرية البشر وإبداعهم من مخترعين وكتاب وموسيقيين وفنانين ، وبهذه المناسبة تنظم المنظمة العالمية للملكية الفكرية في جنيف يوم 26 أبريل معرضا لاختراعات ستيف جوبز يفتتحه مدير عام المنظمة فرانسيس جاري ، والسفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة بيتي كينج ، وسفيرة أمريكا لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية تيريزا ستاينك ريا. إن كل ابتكار سواء كان فنيا أو تكنولوجيا، خلفه قصة بشرية تشق فيها أفكار الأفراد وإصرارهم طرقا جديدة. فقد أدى انبهار الأخوين رايتس بالطيران إلى ابتكار آلة تطير واستخدامها في السفر عبر الهواء .. وقادت عقلية لويس باستور الباحثة إلى إحراز تقدم في علوم الوقاية من الأمراض .. وأثمرت مثابرة تو يويو على البحث عن سبل علاج بالأعشاب عن إيجاد علاج أنقذ ملايين الأرواح من الملاريا .. أما طموح ستيفي جوبس في تبسيط التكنولوجيا الرقمية وإتاحتها للجميع فقد أدى إلى انتشار الحواسيب الشخصية وابتكار نموذج جديد للترفيه بعد ذلك بثلاثة عقود. والقائمة تحفل بهؤلاء المبتكرين بل قل إنها تحفل بالأمثلة على عبقرية البشر وإبداعهم، فتضم أسماء الكثير من الفنانين والكتاب والموسيقيين الذين غيروا طريقة رؤيتنا وسماعنا للأشياء، ومنهم رمبرانت وترنر وبيكاسو وكاندينيسكي وقد أعاد كل منهم تشكيل إدراكنا للضوء والهيئة والشكل؛ وتشيكوف وتاغوري ونيرودا ومحفوظ وما قدمته كتاباتهم من أفكار جديدة إلى التجربة البشرية؛ وكذلك شارلي باركر وميليس دافيس وهندريكس وروستروبوفيتش - وهم موسيقيون تحدوا أوضاعهم وجلدوا. وقال مدير عام المنظمة فرانسيس جري إن اليوم العالمي للملكية الفكرية هو فرصة للاحتفاء بإسهامها في الابتكار والإبداع الثقافي، وبكل ما تعود به تلك الظاهرتان الاجتماعيتان من منافع جمة على العالم. واليوم العالمي للملكية الفكرية هو مناسبة للاتيان بفهم أعمق لدور الملكية الفكرية كآلية لحفظ التوازن في المصالح المتنافسة التي تحيط بالابتكار والإبداع الثقافي :أي بين مصالح المبدع كفرد ومصالح المجتمع ككل، ومصالح المنتج ومصالح المستهلك، والمصلحة في تشجيع الابتكار والإبداع والمصلحة في تقاسم المنافع المستمدة منهما .. وشعار اليوم العالمي للملكية الفكرية هذا ، وهم أولئك المبتكرون الذين يغيرون حياتنا، ولهم وقع هائل، وهم قادرون أحيانا على إحداث التغيير في مجرى المجتمعات. لنأخذ المبتكر الصيني كاي لون مثلا هو الذي وضع الأسس لصناعة الورق ، وهى تقنية غيرت كل شيء لأنها مكنت من تدوين المعرفة .. ثم بعدها اختراع حروف الطباعة، الذي أتى به يوهانس غوتمبرغ في أوروبا إذ اخترع فن الطباعة الذي بدوره مكن من تعميم المعرفة وجعلها في متناول الجميع دون تفريق .. وشهدنا في حياتنا انتقال المواد إلى النسق الرقمي والإمكانيات الهائلة لتوزيع المصنفات الإبداعية المتاحة بفضل الإنترنت وتطور الشبكة العالمية للمعلومات، والشكر في ذلك يعود لتيم بيرنرز لي وغيره ، ووراء العديد من الابتكارات الرائعة نجد قصصا خالدة لأشخاص متميزين. وفي حقبة كانت النساء قلة قليلة في صفوف العلماء، كافحت ماري كوري اسكلودوفسكا كي تجد لنفسها مكانة في صفوف العلماء ولم تكتف بمرتبتها كزوجة عالم ، كما كافحت لأنها كانت من المهاجرين العاملين في مجتمع جديد ، ورغبتها في فهم الأمور كانت مفتاحها للاكتشافات الأساسية التي مكنتها من الفوز بجائزتي نوبل في مجالين علميين مختلفين هما الفيزياء والكيمياء، ولا تزال حتى اليوم تتفرد بالجمع بينهما. وفي عالم الفن، يفتح الابتكار الآفاق للنظر إلى الأشياء بعين جديدة .. فالفنان أو الملحن أو الكاتب الملهم قادر على أن يكشف لنا عن مسار مختلف أو منظور جديد للعالم .. فنجد بوب ديلان مثلا الذي استلهم بما حوله فحول ضروبا موسيقية وتصرف فيها ولاسيما ضربي موسيقى البوب والروك .. وإليك أيضا مهندسين معماريين من قبيل زها حديد و نورمان فوستر والذين يغيرون مشاهد مدننا ويزينون حياتنا بالطرق الجديدة وهم في كل ذلك واعون بضرورة المحافظة على البيئة ، وكلنا معتمدون على الابتكار للسير قدما ودونه سنظل على حالنا الذي نحن فيه كعنصر بشري. ان الاختراعات والابتكارات في مجال الصحة مثلا، قد تظل دون قيمة تذكر ما لم تستعمل وتتداول .. وهنا الإشكالية الكبرى في مجال السياسة العامة .. ومن جهة أولى نجد تكلفة الابتكار الهائلة في الطب الحديث ، ومن جهة ثانية ندرك واجب الرفق ومشاطرة الابتكارات المفيدة، وهو جانب لا يقل وزنا عن الأول. وقال فرانسيس جري "لابد أن ننظر إلى الملكية الفكرية كآلية تمكينية لمواجهة تلك التحديات ، ولابد لنا أن نحقق التوازن السليم، ولذلك من المهم أن نتحدث عن الملكية الفكرية .. وفي هذا اليوم العالمي للملكية الفكرية، أود أن أشجع الشباب بصورة خاصة على الإسهام في هذا النقاش لأن الملكية الفكرية هى في الأصل تعنى بالتغيير وبما هو جديد .. وتعنى بتحقيق التغييرات التي نريد تحقيقها في المجتمع. ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة، حققت إيداعات البراءات الدولية وفقا لمعاهدة التعاون بشأن البراءات التي تديرها الويبو رقما قياسيا جديدا في عام 2011، حيث بلغ عدد الطلبات 181900 طلب ، بزيادة قدرها 7ر10\% على 2010. وقد ساهمت الصين واليابان وأمريكا بما نسبته 82\% من النمو الإجمالي ، وكانت شركة الاتصالات الصينية "زد تي إي" هى الأكثر إيداعا للطلبات وفقا لمعاهدة التعاون بشأن البراءات في عام 2011. وقال المدير العام للويبو فرانسس جري "إن الانتعاشة التي شهدناها في إيداعات البراءات الدولية عام 2010 اكتسبت مزيدا من القوة في عام 2011، وهذا يؤكد أهمية الدور الذي يلعبه نظام معاهدة التعاون بشأن البراءات في عالم تتزايد فيه أهمية الابتكار في الاستراتيجية الاقتصادية ، كما أنه يوضح أن الشركات واصلت السير على طريق الابتكار في عام 2011 لتمنح بعض الطمأنينة في وقت غاب فيه الاستقرار الاقتصادي".