أكرر ما قلته بالأمس بأنه لا يوجد غير الاهلي في مصر يستطيع أن يدفع فاتوة الاحتراف الضخمة! وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية المأساوية لباقي الأندية فلا تنتظروا منافسة قوية في الدوري المصري. دوري المحترفين يحتاج أموالا ضخمة للانفاق على اللاعبين والاعلام، فكيف يستطيع ناد مثل الاسماعيلي ان يشتري نجما سوبر بينما كل ما في خزينته لا يكفي لسداد الرواتب الشهرية للاعبين والفنيين والموظفين داخل النادي! كيف يمكن ان يعود المحلة الى ماضيه الجميل في ايام عماشة وعبدالرحيم خليل وعمر عبدالله والسياجي عندما كنا نعرف نتيجة مباراته مع الاهلي او الزمالك مقدما وهي فوز المحلة بسبب الامكانيات الفنية العالية للاعبيه، عندما لم يكن هناك احتراف في مصر، وكانت بضعة آلاف من الجنيهات تكفي للصرف على كل عناصر اللعبة! ماذا استفادت الكرة المصرية من الاحتراف منذ تطبيقه بعد اشتراكنا في نهائيات كأس العالم بايطاليا عام 1990؟ لا شئ.. قارنوا مستوى لاعبينا قبل الاحتراف وبعده؟ هل انجبت الكرة المصرية مثل نجومها الهواة.. رضا وطه اسماعيل وحمادة امام والشاذلي ومصطفى رياض ومحمود الخطيب وزيزو وطاهر الشيخ وحسن شحاتة وفاروق جعفر وعلي خليل وطه وحسن بصري ومحمد توفيق وعمر النور وطاهر ابو زيد وجمال عبدالعظيم ومحسن صالح واسامة خليل ومسعد نور وغير ذلك من عناقيد الذهب التي طوقت طويلا جيد كرتنا عندما كانت جميلة وممتعة ومخيفة للفرق الأخرى! لقد كان النجوم موزعين على كل الأندية.. لا فرق بين ناد صغير وآخر كبير، فاذا ذهبنا تجاه المنصورة مثلا كنا نجد حارس مرمى عملاقا مثل سطوحي واذا اتجهنا نحو المحلة رأينا سلالة عمالقة الفلاحين وآخرهم شوقي غريب. وفي الاولمبي طاهر الشيخ الذي انتقل فيما بعد للاهلي والكاس "الكبير" وهو غير النجم احمد الكاس الذي شارك في كأس العالم وعاش زمن الاحتراف عندما انتقل للزمالك في ما يسمى فريق الاحلام ثم عاد إلى ناديه بعد هبوطه لاعبا ومدربا! وفي الاتحاد الاسكندري لا ننسى الجارم والبابلي وشحتة الاسكندراني وبوبو وحارس المرمى الشهير عرابي. في الترسانة الثنائي الشهير الشاذلي ومصطفى الرياض وكذلك محمود حسن والحارس العملاق حسن علي، وفي المصري جمال عبدالعظيم ومحسن صالح اللذان انتقلا للاهلي بعد ذلك، ومسعد نور والتفهني وجمال جودة. وما اكثر النجوم المتلألئة التي كانت تزين سماء الاسماعيلي.. وحتى من المنيا في الصعيد جاء نجم الدفاع حمادة صدقي ومهاجم مبدع، لا اتذكر اسمه حاليا، ساهم بدور كبير في وصول مصر إلى كأس العالم عام 1990 ومن سوء حظه انه اصيب في حادث سيارة فلم يشارك في النهائيات. هذا الاتساع جعل قاعدة الاختيار للمنتخب القومي كبيرة للغاية، وكان يجد المسئولون عن المنتخب ان في امكانهم تشكيل ثلاثة فرق بنفس المستوى! أين ذلك كله مما نراه الآن.. لن تجد نجوم كرة سوى في الاهلي، وقليلا في الزمالك.. أما باقي الاندية فهي تمارس فقط دور الكومبارس لاستكمال فرق الدوري، ولا ينتظر أحد منها أي منافسة، ما عدا تلك المنافسة المقلوبة للهروب من قاع الجدول! لذلك فالأجدي في الوقت الحالي لجميع الاندية والأفضل لمستوانا الكروي الغاء الاحتراف الداخلي واقتصاره على الخارجي فقط.. ومن هنا نضمن هجرة المواهب الى الكرة العالمية تماما مثلما يحدث في الدول الافريقية، والتي اصبحت بفضل محترفيها في الخارج تتقدم عن مستوانا بمراحل كبيرة، وقس على ذلك دولا لم تكن على الخريطة الكروية الافريقية صعدت بفضل لاعبيها في الخارج الى نهائيات كأس العالم القادمة. المشكلة عندنا أن لاعبينا يكرهون الغربة ويملون بسرعة منها، وتراهم بمجرد ان يعيشوا حياة الاحتراف الحقيقية في الاندية الاوروبية، يتمنون العودة سريعا فهم لا يستطيعون منع انفسهم من السهر والصرمعة والاكل والتدخين وغير ذلك من الحياة المخملية التي يعيش فيها نجومنا المدللون! وبالتالي فان الاهلي بامواله الكثيرة وجماهيره العريضة، ومن بعده الزمالك في انتظارهم خاصة ان المال الذي يهاجرون بسببه الى الخارج سيجدونه اضعافا مضاعفة! فاذا اغلقنا الاحتراف الداخلي نضمن استمرارهم في الخارج وصمودهم وبناء نفسيات جديدة لا تجد في الهجرة غربة، بل تلتمس الرزق في ارض الله الواسعة والمستفيد الاكبر في النهاية هو منتخبنا الوطني. ما رأيكم دام فضلكم؟! [email protected]