عندما يقول الإخوان إنهم سيدخلون ملعب السياسة بمبدأ (المشاركة لا المغالبة) ثم تكتشف أنهم يتصرفون بما يتجاوز المغالبة إلى السيطرة والاحتكار الكامل لكل مؤسسات الدولة بصورة تعيدك فورا إلى الأداء السيئ للحزب الوطنى الراحل بل تزيد عنه سوءا, وعندما يعلن قادة الجماعة ويقسمون بأغلظ الأيمان أنه لن يكون لهم مرشح إخوانى على مقعد الرئيس ثم يدفعون بنائب المرشد العام للجماعة (مرة واحدة) للمنافسة على المنصب, ثم عندما يعد رئيس مجلس الشعب الإخوانى فى خطابه الافتتاحى بالبرلمان, المصريين والثوار بدستور ترتضيه الأمة ويضعه ممثلون عن كل طوائف الشعب ثم تكتشف استحواذ الإخوان على غالبية مقاعد الجمعية التأسيسية دون اعتبار لأى قوى سياسية أخرى. عندما ترى وتسمع وتراقب كل ماسبق فتأكد أن تلك هى السياسة لكن فى أدنى درجاتها وأقلها ذكاء, المشكلة عندى أن خطاب الإخوان مغلف دائمًا بالدين بل إن شعارهم هو السيفان وأسفله الآية القرآنية (وأعدوا) ومن المبادئ الأساسية للدين الإسلامى (الوفاء بالعهد والوعد) حتى أن الرسول (ص) اعتبر مخالفة العهد والوعد من صفات المنافقين, وكل ذلك وأكثر منه يعرفه قادة الجماعة عن ذم الإسلام لمخالفى الوعود, وجماعة الإخوان المسلمين تعهدت والتزمت أمام المصريين والقوى السياسية بأنها لن ترشح إخوانيا لرئاسة الجمهورية, فلماذا حنثت بالعهد وتراجعت عن الوعد وأخلفته وارتكبت إثما دينيا يدخل صاحبه فى دائرة النفاق, وهم الذين يبدأون كلامهم السياسى بأقوال الله والرسول, أم أن مكاسب الدنيا أهم وأغلى الآن؟ لن أتحدث كثيرا فى مسألة النهم والاستعلاء التى أصابت الجماعة وقياديها بالغرور والاستكبار كأن مصر وشعبها قد دانت لهم ولن أعلق على كلام المرشد حيث يرى أن منصبه يفوق فى أهميته منصب رئيس جمهورية مصر, بل دعنا نبحث عن الضفة المقابلة للنهر وأعنى بها هنا المؤسسة العسكرية الحاضرة فى المشهد السياسى الآن عبر مجلسها العسكرى الأعلى الذى يدير البلاد سياسيًا لنرى ونبحث عن خطوته القادمة. الإخوان خالفوا العهد والوعد مع المجلس العسكرى (دعك عن العهد مع الشعب ومع الخارج) عندما رشحوا الشاطر للرئاسة, فالسؤال الآن بصراحة: هل سيمارس المجلس العسكرى نفس المصلحة كمبدأ سياسى ويدفع بمرشح عسكرى لمنصب الرئيس كأن يرشح المشير طنطاوى نفسه لرئاسة الجمهورية أو يدفع بنائبه الفريق سامى عنان, وساعتها يقول العسكرى للجماعة (كش مرشد). فى السياسة كل الاحتمالات واردة وماكان مرفوضا أو متحفظا عليه بالأمس يمكن قبوله وتمريره للرأى العام اليوم خاصة أن هناك حالة من الرفض الشعبى العام تجاه خطوة الإخوان بترشيح الشاطر, ويصبح للمجلس العسكرى الحجة والمنطق لترشيح أحد أعضائه للمنافسة على منصب الرئيس, طالما نقض الفصيل السياسى الأكبر بالبلاد تعهداته, فمن ثم يحق للجميع التحلل من التزاماتهم وتعهداتهم. إذا جرى الدفع بهذا السيناريو الافتراضى: ترى أيهما سيحسم منصب الرئيس؟ هل سيكون الحسم لمرشح الإخوان أم مرشح المؤسسة العسكرية؟ وحتى تصل لإجابة هذا السؤال, يجب أن تطرح سؤالا قبله مفاده: إذا ذهب الناخب إلى صندوق الانتخابات وكان أمام أحد اختيارين, أما التصويت لمرشح الدولة الدينية أو الانحياز لمرشح الدولة العسكرية, فإلى من سينحاز؟ ظنى أنه سيكون اختيارًا صعبًا أمام الناخب المصرى الذى أشعل ثورته هربا من كليهما لكن عند الاضطرار فإنه سوف يميل إلى المرشح العسكرى على حساب المرشح الدينى. هل يعى الإخوان حجم الخطوة التى اتخذوها وسحبت كثيرا من رصيدهم ومصداقيتهم لدى الشارع المصرى والمتعاطفين معهم؟..لا أظن. [email protected]