انسحاب المعترضين من الهيئة التأسيسية للدستور لن يكون مؤثرًا إذا ظل عددهم أقل من الاحتياطى، وهم 20 عُضوًا بالنسبة لأعضاء مجلسى الشعب والشورى، ومثلهم للأعضاء من الخارج؛ عندما يصل العدد إلى 21 هنا يتحتم إجراء انتخابات جديدة لاختيار الجمعية التأسيسية بالمعايير نفسها التى وافقت عليها الأغلبية فى الاجتماع المشترك، وقد كانت بنسبة 93% حول طريقة انتخاب الأعضاء، وبنسبة 83% بالنسبة لتقدير الاحتياطى، وبذلك فإن النصاب القانونى سيظل قائمًا حتى لو وصل عدد المنسحبين فى كل من أعضاء الداخل وأعضاء الخارج على حدة إلى 20 عضوًا. ليس هناك أمل كبير أيضًا فى أن يحكم القضاء الإدارى ببطلان تشكيل الجمعية يوم 10 أبريل القادم، بل سيحكم بعدم الاختصاص؛ لأن قضاء مجلس الدولة يختص بالقرارات الإدارية ومناظرتها قانونيًّا، وما يصدر عن البرلمان لا يعتبر بأى حال قرارات إدارية، بل قوانين وتشريعات. تفسير الإعلان الدستورى بأن أول اجتماع لمجلسى الشعب والشورى يختص بانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية، ليس غامضًا أو فضفاضًا كما يقول المعترضون، ولكنه يحدد أن مهام المجلسين هو الانتخاب وذلك يعنى ضمنيًّا وضع قواعده ، وهو ما اتفقت عليه الأغلبية بنسبة 93%. قول المعترضين بأن الدستور يضعه الفقهاء الدستوريون ليس صحيحًا ، وهذا ما فنَّده بوضوح كامل الدكتور وحيد عبد المجيد فى لقائه مع قناة "العربية" الحدث، فنحن لسنا فى دراسة أكاديمية ليضع هؤلاء مذكرة علمية يدرسها التلاميذ، كما أنه ليس هناك فى الأصل فقهاء دستوريون ولكن أساتذة للقانون الدستورى، ولم يسبق فى أى من دساتير العالم أن قام هؤلاء بوضع الدستور، فالشعب وحده هو مَن يصنعه. البرلمان يمثل الشعب، فأعضاؤه منتخبون. وعندما تم الانتخاب كان الإعلان الدستورى موجودًا بنص المادة 60، وحازت الأغلبية على أصوات المقترعين لهذا السبب فى الأساس، ومن ثَم فإن ذلك الاقتراع بمثابة توكيل شعبى عام. لكن يبقى أمل المعترضين فى الوصول إلى توافُق مع الأغلبية، وظنى أن التوافق لن يكون بإبداء تنازلات؛ لأن أى تدخل فيما تم الاقتراع عليه ، وأصبح قواعد للانتخاب سيكون عُرضة للطعن فى المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم فالحل الوحيد أن يتجاوز المنسحبون عدد الاحتياطى، أو تجرى انسحابات من الاحتياطى، بحيث لا تبقى على نصاب العشرين، ومن ثم يجرى انتخاب جديد، وهنا يمكن الاتفاق مع الأغلبية على منح نسبة أكبر من المنتمين إلى القوى السياسية الليبرالية واليسارية عن طريق التصويت لهم. أشير هنا إلى أن الدكتور وحيد عبد المجيد قال إنه سينسحب من الجمعية إذا لم يحدث اتفاق. أعتقد أن العمل يمكن أن يجرى خلال اليومين القادمين على زيادة نسبة المنسحبين عن الاحتياطى وانسحابات من الاحتياطى، وإذا لم ينجح المعارضون أو لم يتفقوا مع الأغلبية على هذه الطريقة فإن اللجنة ستستمر فى عملها لإنجاز الدستور. ويدرك سامح عاشور هذه المعضلة ومن هنا طالب المجلس العسكرى بالتدخل، أى الانقلاب، وهو سلوك غريب من نقيب نقابة تتبنى الحريات العامة. [email protected]