شهدت مصر هذا الأسبوع وفاة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسية، حيث تدفق الآلاف من المسيحيين طوال الأيام الماضية على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لإلقاء نظرة الوداع والمشاركة فى الجنازة.. وقد لاحظ الجميع أنه رغم الزحام الشديد وعدم وجود قوات أمن كافية لم يقع حادث طائفى واحد فى ظل تلك الجموع الغفيرة.. وقد مارس المسيحيون حريتهم الكافية فى المشاركة بمراسم وداع البابا، بل تم منح الأقباط ثلاثة أيام إجازة لوداع البابا وتخصيص طائرة حربية لنقل الجثمان لدفنه بدير الأنبا بيشوى بصحراء وادى النطرون. كل ذلك يؤكد أن مصر بعد ثورة 25 يناير يسودها الحرية والعدالة للأقباط قبل المسلمين لم يكن هناك فى يوم من الأيام احتقان طائفى بل كان هناك احتقان سياسى.. وإن معظم حوادث الطائفية كانت مفتعلة استغلها الذين فى قلوبهم مرض لإشعال نار الفتنة فى هذا الوطن. وقد شاهدنا التلاحُم الطائفى مثل رقمًا مُهِمًّا فى نجاح الثورة المصرية.. فنصارى مصر رغم محاولة البعض استغلالهم من قبل المؤامرات الخارجية فى إشعال الفتن إلا أنهم نسيج وطنى لا يمكن أن ينفك عن لحمة هذا الوطن. لذلك عاش الكثيرون حالةً من القلق والحزن تجاه أحداث الفتنة الطائفية التى اندلعت عقب الثورة فى أطفيح وإمبابة؛ خشيةَ تأثيرِها على الثورة والتى لم يكد يَمُرّ عليها مائة يوم إلا أنه تأكد للجميع أن هناك أيادى تعبث بهذا الوطن لإفساد الثورة, خاصةً أن أذناب وفلول النظام البائِد حاولت بشَتَّى الطرق إحداث فوضَى فى البلاد وقد وَجدت فى الطائفية أرضًا خصبة للوقيعة بين أبناء الوطن؛ لكن والحمد لله خاب مسعاهم. والحمد لله بعد أن حقق الإسلاميون أغلبية فى البرلمان لم يقع حادث واحد ضد الأقباط ليتبين للجميع أن الفزاعة التى كان يرفعها متطرفو العلمانية وأقباط المهجر ليس لها وجود فى الواقع، فالإسلاميون بكافة طوائفهم يمدون جسور المودة مع الأقباط ويرفضون الطائفية والاعتداء على الآخرين بسبب ديانتهم، خاصة أن القرآن الكريم ساوَى بين المساجد والكنائس والمعابد من حيث حرمة الاعتداء أو الهدم، يقول تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}، بل إن النبى صلى الله عليه وسلم أطلق بندًا دستوريًّا بِحُرْمة معاداة أهل الذِّمَّة من الأقباط وغيرهم، فقال: «من عادى ذِميًّا فأنا خصيمه يوم القيامة»، والتاريخ حافل بالسلام والتعايُشِ بين أبناء الأمة من المسلمين والأقباط، ومن هذا المنطلق نحن نطالب بإنهاء قضية الفتنة الطائفية بإمبابة وإطلاق سراح المتهمين على رأسهم الشيخ السلفى أبو يحيى لأننا نريد أن نغلق هذا الملف الدامى للأبد ونتفرغ جميعًا لبناء هذا الوطن الذّى يسوده العدل والحرية والكرامة والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.