في فضيحة جديدة من شأنها أن تضاعف ورطة قوات الناتو في أفغانستان، أظهر تحقيق برلماني أفغاني أن جنودا أمريكيين اعتدوا جنسيا على امرأتين قبل أن يقتلوهما في مجزرة منطقة بانجاوي بولاية قندهار التي وقعت في 11 مارس وذهب ضحيتها 16 مدنيا، معظمهم نساء وأطفال. وذكرت وكالة "باجهوك" الأفغانية في 17 مارس أن وفدا من الغرفة الدنيا في البرلمان الأفغاني يحقق في مجزرة قندهار توصل إلى أن جنودا أمريكيين اغتصبوا امرأتين من الضحايا قبل إطلاق النار عليهما وعلى مدنيين آخرين، بينهم 9 أطفال، مؤكدا أن بعض جثث الضحايا أحرقت بعد المجزرة. بل وكشف التحقيق أيضا عن مفاجأة مفادها أن 15 إلى 20 جنديا أمريكيا شاركوا في إطلاق النار على منازل في قرية زانغ أباد في منطقة بانجاوي وأن مروحيات أمريكية كانت تحوم فوق المنطقة، الأمر الذي يتناقض تماما مع الرواية الأمريكية حول أن جنديا واحدا هو الذي خرج من قاعدته العسكرية في بانجاوي وارتكب المجزرة. وبالنظر إلى أن المفاجأة السابقة جاءت متزامنة مع رفض واشنطن لدعوات البرلمان الأفغاني لمحاكمة مرتكب مجزرة قندهار علنا في كابول، فقد رجح كثيرون أن الأسوأ ما زال بانتظار القوات الأمريكية في أفغانستان. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" كشفت في بيان لها في 17 مارس عن هوية الجندي الذي زعمت أنه مرتكب مجزرة قندهار، موضحة أنه يدعى روبرت بيلز ويبلغ من العمر 38 عاما وتم نقله إلى السجن العسكري في فورت ليفنوورث في ولاية كانساس بحجة أن الجيش الأمريكي لا يملك سجونا بأفغانستان على استعداد لاستقبال منفذي مثل هذه الأعمال. ومن جانبها، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن جون هنري براون محامي بيلز قوله إن المتهم كان أصيب مرتين أثناء خدمته في العراق مع القوات الأمريكية، وذلك في محاولة مفضوحة لتبرئته عبر إظهار أنه مختل عقليا. ولعل ما يفضح إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكثر وأكثر في هذا الصدد هو انتقاد الرئيس الأفغاني حامد كرزاي علنا الولاياتالمتحدة في 16 مارس لعدم تعاونها بشكل كامل مع التحقيق في المجزرة. وقال كرزاي في تصريح صحفي في قصر الرئاسة في كابول بعد الاستماع إلى شيوخ القرية الأفغانية التي شهدت المجزرة إن فريق التحقيق الأفغاني لم يحصل على التعاون الذي توقعه من الولاياتالمتحدة، وشدد على أن مشكلة استهداف المدنيين من جانب قوات حلف الناتو قد طالت أكثر مما ينبغي، مشيرا إلى أن سكان قرية "زانغ أباد" أكدوا له مشاركة أكثر من جندي أمريكي في تلك المذبحة. ويبدو أن انتقادات الصحفي البريطاني المعروف روبرت فيسك تعري هي الأخرى تماما المزاعم الأمريكيةوالغربية حول المجزرة، حيث هاجم بشدة الرواية التي تروج لها واشنطن وأجهزة الإعلام الغربية لتبرير تلك الحادثة البشعة. وقال فيسك في مقال له بصحيفة الإندبندنت البريطانية في 17 مارس إن الرواية الغربية بأن الرقيب الأمريكي روبرت بيلز رجل "مخبول" كانت متوقعة، إذ أنه ما إن عاد هذا الجندي إلى الولاياتالمتحدة حتى أعلن خبراء الدفاع والعاملون بمراكز الدراسات أنه فاقد العقل. وأضاف بلهجة تنم عن سخرية واستخفاف بالرواية الغربية" الجندي الأمريكي لم يكن من الإرهابيين الأشرار البغيضين والأغبياء، وهي النعوت التي كانت ستطلق بالطبع إذا كان مرتكب الجريمة أفغانيا وبخاصة طالبانياً، بل مجرد شخص أصيب بالجنون". واستطرد "هذا هو نفس الهراء الذي استخدم لوصف الجنود الأمريكيين القتلة الذين انتابتهم نزعة مسعورة للقتل في مدينة حديثة العراقية في 2005 ، كما أنها نفس العبارة التي استخدمت لوصف الجندي الإسرائيلي باروخ غولدشتاين الذي قتل 25 فلسطينيا بشكل وحشي في مدينة الخليل قبل سنوات". واختتم فيسك مقاله، قائلا:"هل يفترض منا أن نصدق ذلك؟، بالتأكيد إذا كان العريف مخبولا تماما كان سيقتل 16 من زملائه الأمريكيين، كان سيذبح رفاقه ثم يشعل النار على جثثهم، لكنه لم يقتل أمريكيين، واختار أن يقضي على أفغان. كان في الأمر خيار، فلماذا قتل أفغانا إذن؟". وبصفة عامة، وبالنظر إلى أن قوات الاحتلال الأمريكية ارتكبت جرائم متتالية أشعلت غضب الأفغان في الأسابيع الأخيرة، كان أبرزها "إحراق المصاحف في قاعدة "باجرام" الجوية في شمال كابول في 21 فبراير الماضي ، فقد رجح كثيرون أنها ستتعرض لخسائر فادحة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد تهديدات حركة طالبان بقطع رقاب الجنود الأمريكيين للانتقام من مجزرة قندهار.