لم تتلق مصر نقداً سوى مبالغ ضئيلة من المعونة الأمريكية ، ولذلك لم تعد المعونة التي تقدمها الولاياتالمتحدة لمصر تمثل أداة ضغط عليها ، وقد حققت الولاياتالمتحدة فائضا تجاريا مع مصر يقترب من 50 مليار دولار أمريكي ، كما بلغت الصادرات الأمريكية لمصر أكثر من 60 مليار دولار كما ساعد برنامج المعونة على فتح السوق المصري للسلع الأمريكية التي لها الأفضلية رغم ارتفاع أسعارها . وقد كان المتوقع أن الجانب الأكبر من المعونة الأمريكية موجه لخدمة الأغراض العسكرية والإستراتيجية ولصالح إعادة هيكلة الاقتصاد المصري واندماجه في السوق العالمي ، إلا أن المعونة الأمريكية ارتبطت بقيام شركات أمريكية بتنفيذ المشروعات ، كما تم توجيه الجانب الأكبر من مخصصات برنامج المعونة للخبراء الأمريكيين ، وتمويل استيراد فائض الحبوب الأمريكية وتمويل عمليات النقل عبر وسائل نقل أمريكية ، في حين واجهت الصادرات المصرية للأسواق الأمريكية عقبات شديدة في دخول السوق الأمريكية . ، كما أن الاستثمارات الأمريكية في مصر قليلة ، وكان من المفترض مساعدة الاقتصاد المصري على توفير الصناعات التي تحقق قفزة تكنولوجية مثل الصناعات الإلكترونية ، إلا أن الجزء الأكبر اتجه إلى قطاع الخدمات مثل السياحة والصناعات الغذائية المحدودة ، ولم تتجه إلى دعم اندماج مصر في الاقتصاد العالمي وبما يتوافق مع المصالح الوطنية للاقتصاد المصري . فمثلاً تم توجيه 5 مليار دولار لخدمات الصحة وتنظيم الأسرة والزراعة والتعليم ، وهي أموال تم إنفاقها في مرتبات الموظفين ووسائل الانتقال ومقابل خدمات استشارية للخبراء الأمريكيين ، كما تضع الولاياتالمتحدة على مصر بعض الشروط الخاصة منها أن تشمل المعونة سلعا محددة من الولاياتالمتحدة وأن تحصل الولاياتالمتحدة على النصيب الأكبر من المشتريات الخارجية مع ربط المعونات بالواردات الأمريكية والخبراء الأمريكيين ، وقد قدمت وزارة التخطيط المصرية تقريرا يوضح أن حوالي 40% من المعونة الأمريكية لمصر طوال السنوات الماضية وهو ما يعادل 7 مليار دولار من أصل 25 ملياراً تذهب للشركات الأمريكية في صورة استيراد سلع وخدمات وأن الصافي الذي تحصل عليه مصر لا يزيد على ثلث المعونة. أما المعونة الأمريكية لإسرائيل فيقدر حجمها في الفترة ( 1954 – 2005 ) بحوالي 114 مليار دولار وتعادل بالأسعار الحالية 600 مليار دولار وتحصل المجالات العسكرية على 70% والاقتصادية على 30% ، كما حصلت إسرائيل على ضمانات قروض لاستيعاب المهاجرين من الاتحاد السوفيتي لإسرائيل عام 1990 وتغطية نفقات تهجير واستيعاب 50 ألف إثيوبي لإسرائيل ، وتعويض خسائر الاقتصاد الإسرائيلي إثر انتفاضة الأقصى . كما أن هناك أكثر من مصدر للمساعدات الخارجية لإسرائيل منها التعويضات الألمانية التي زادت عن 40 مليار دولار أمريكي وأموال الجباية اليهودية وهي تزيد عن 25 مليار دولار كما توجد مصادر أخرى لا يكشف عنها ، بالإضافة إلى المساعدات غير المباشرة من الحكومة الأمريكية والتي تعتمد عليها إسرائيل وتعمل الولاياتالمتحدة على ضمان تفوق إسرائيل في المجالات العسكرية ولذلك قامت الولاياتالمتحدة بتمويل برنامج الصواريخ الإسرائيلي ومشروع طائرة لافي ، ولولا المساعدات الخارجية لإسرائيل لما استطاعت إسرائيل سد الفجوة في الميزان التجاري ، وفي سنة 1990 وهي السنة التي ارتبطت بحرب الخليج الثانية حصلت على مساعدات قيمتها عشرة مليارات دولار وهو يزيد كثيرا عما حصلت عليه الدول المشاركة ، كما زودت الولاياتالمتحدة إسرائيل بأجهزة ومعدات إلكترونية متطورة سهلت عليها القيام بعمليات اغتيالات القادة الميدانيين للانتفاضة الفلسطينية . والحديث عن استقلال الاقتصاد الإسرائيلي وتوقف حاجة إسرائيل للمساعدات الأمريكية ما هو إلا تصريحات إعلامية موجهة للأصوات الأمريكية الداعية لمنع اليهود من الاستمرار في استنزاف قدرات وطاقات الشعب الأمريكي ، فالمساعدات الأمريكية لإسرائيل تشكل الأساس لاقتصادها وتدرك الصهيونية أن الدعم الأمريكي أمر حيوي وأساسي لبقاء إسرائيل واستمرارها . دكتور أحمد إبراهيم عبد السلام عضو نقابة العلميين - مصر