كثيرون ممن لمعت أسماؤهم فى السنوات الأخيرة في مجال الإعلام الرياضى جاءوا من ملاعب الكرة إلى شاشات الفضائيات، وباتوا يشاركون فى صنع الرأى العام بمفاهيم لا علاقة لها بالمهنية الإعلامية، وإنما تحكمهم المصالح النفعية والمآرب الشخصية! وبات صوت هؤلاء عاليًا، ولهم كلمة مؤثرة فى الإعلام الرياضى بغض النظر عن الكبوات والهفوات التى تبحث عن الإثارة وتصفية الحسابات والإساءة للشخصيات التى تختلف معهم مصالحهم أيًا كانت أسماءهم ومهما كانت مناصبهم. هذه النماذج استغلت شاشات الفضائيات فى شن حروب عنيفة بالمدفعية الثقيلة ضد من يتنافسون معهم على أى مناصب رياضية، ومن يختلفون معهم سياسيًا، وقاموا بنفى هؤلاء وتخوينهم بحثًا عن المنفعة الشخصية والترقى الاجتماعى واحتلال مناصب مرموقة فى هيئات رياضية وسياسية، بل ومن مسح بلاط كبار الشخصيات، أملاً فى رضائهم، أو طمعًا فى عدم إظهار عوراتهم، وقد لعبوا دور "الفتوة" ضد رموز سياسية ودينية، لها فى القلوب مكانة، وفى النفس تقدير مصريًا وإسلاميًا. ومن العجب العجاب أن أحد هذه النماذج نراه الآن يشيد بالتيار الإسلامى ويمتدحه فيما كان يعتدي عليهم فى ساحات البرلمان، ويتطاول عليهم بالألفاظ الجارحة والخادشة للحياء على الشاشات وفى الطرقات. وأحد هؤلاء قد تلقى الصفعات تلو الأخرى حتي جلس فى بيته بحكم قضائى نهائى يمنعه من العمل الإعلامى، وبات يتسول الصفح والعفو أملاً فى العودة إلى شاشات الفضائيات، وما أن عاد حتي عادت "ريمة إلى عادتها القديمة"، رغم أن المثل الشعبى المصرى أكد كثيرًا التعلم من كثرة التكرار. ولا يخجل هذا من ماضيه القذر، ولا من سمعته السيئة، ولا مما يشينه، ويضر بتاريخه، ويصيب كل من ينتمون لهم بالخجل عند التلميح لا التصريح، لكنه يتحلى ب"ذاكرة السمكة"، ويتفاخر بالنسيان، ويحاول وضع مساحيق التجميل على صورته بالإلحاح بأنه رجل شريف ومحترم ونموذج للأخلاق الحميدة، فيما يتناسى أن الشعب المصرى ذكى بالفطرة ويضحك من إلحاحه فى الكذب. ولذا فإنه يجب الآن وضع معايير مهنية لمن يظهرون على شاشات الفضائيات بما يقضى على هذه النماذج السيئة التى أهانت الإعلام بالعمل فيه، وأساءت إلي المهنة النبيلة بالتعامل مع الشاشة على أنها كرة قدم، وبرؤية الأقوال بأنها أهداف فى مرمى المنافسين. وأقترح علي وزير الإعلام وأصحاب الفضائيات المصرية وضع ميثاق شرف إعلامي وشروط يجب توافرها فيمن يظهر على الشاشة خاصة بعد انتشار الابتذال والسفاهة والحماقة، خاصة مع رغبة الجهلاء فى نفى من تعلموا ودرسوا وتتلمذوا علي أيدى أساتذة فضلاء. ووجب الآن بعد الثورة وضع شروط مهنية لمن يظهرون على الشاشات، فمن يعتزل الكرة لا يمكن له أن ينتقل لملعب الإعلام إلا باجتياز دورات أساسية فى العمل الإعلامى، بحيث يتعلم قيمة وخطورة الكلمات على الشاشات، وقد لا يكون هناك تشريع قانونى لإجبار الكل على ذلك، ولكن يمكن أن يكون هناك "التزام أدبى" يجبر الجميع على العمل به. وللأسف فإننا نرى من "يعظ" الآخرين، ويقف علي منبر الناصح الأمين فيما يتناسى أن الناس حينما يرونه يتذكرون الفنان عادل أدهم فى فيلم "الشيطان يعظ "!