فى الفترة من 13 وحتى 15 أغسطس الماضى كتبت سلسلة من المقالات فى نفس هذا المكان بعنوان " قرارات بقوانين مخالفة للدستور اصدرها الرئيس السيسى " والتى كشفت من خلالها بالوقائع عن عدد من المخالفات الدستورية التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى . وكنت وما أزال متمسك بكل كلمة قلتها فى مقالاتى السابقة . اليوم أعود للحديث عن قضية المخالفات الدستورية فيما يتعلق بالقرارات الصادرة عن لجنة العفو الرئاسية التى يترأسها الكاتب والمفكر السياسى د. أسامة الغزالى حرب . وقبل أن أواصل الحديث , أشير إلى أن القرار الذى أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسى، رقم 515 لسنه 2016(المنشور فى العدد 46 (تابع ) بالجريدة الرسمية بتاريخ 17 نوفمبر ) بالعفو عن بعض الشباب المحبوسين ، ويضم القرار 82 شاباً بينهم إسلام بحيرى, صحيح من الناحية الدستورية ولا يشوبه أى عوار دستورى أو قانونى نظراً لأن جميع المفرج عنهم قد صدرت ضدهم أحكام قضائية ونهائية وتم أخذ رأى وموافقة مجلس الوزراء وفقا للإشتراطات الدستورية . إلا أننى أعود للحديث عن هذه القضية , بعدما تابعت التصريحات التى أدلى بها النائب طارق الخولى، عضو لجنة الخمسة للإفراج عن الشباب المحبوسين ( وعضو مجلس النواب أيضاً ) والتى قال فيها إنه يتم عقد اجتماعات يومية والتركيز حالياً على فحص الحالات المحبوسة احتياطياً , وكشف "الخولى"، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "الحياة اليوم"، على فضائية "الحياة" مع الإعلامية لبنى عسل، أن القائمة الثانية متعلقة بالشباب المحبوسين احتياطياً لفحص حالاتهم وإمكانية الإفراج عنهم، موضحاً أن القائمة الثالثة تخص أسماء الشباب الصادر بحقهم أحكام نهائية باتة والإفراج عنهم يدخل فى نطاق سلطات الرئيس. وهنا أتوقف أمام تصريحات الخولى الخاصة بالإفراج عن المحبوسين إحتياطياً على ذمة القضايا, لأؤكد أن هذا الأمر – فى حال حدوثه – مخالف للدستور والقانون , وهذا ليس رأيى الشخصى بل رأى فقهاء الدستور والقانون والذين أكدوا انه لا يجوز لا لرئيس الجمهورية ولا للجنة العفو الرئاسية إصدار عفو عن المحبوسين احتياطيا علي ذمة تحقيقات النيابة إلا بعد صدور حكم نهائي ضدهم، مشددين علي أنها تبقي سلطة النائب العام. حيث أكد د.احمد رفعت استاذ القانون ورئيس جامعة بني سويف الأسبق - فى تصريحات له - أن الإفراج عن متهمين محل تحقيق لا يجوز بقرار إداري أو سيادي وإنما يتم من خلال إجراء تعديل في الدستور أو تعديل في قانون الإجراءات الجنائية، بحيث يجيز الإفراج عن المتهم المحبوس علي ذمة التحقيق وإنهاء عملية الحبس الاحتياطي، مشيرا الي ان المحبوسين احتياطيا علي ذمة قضايا لا يتم العفو عنهم بقرار رئاسي حتي لا يكون هناك صدام مع القانون، باعتبار أنها مسألة خاضعة لرقابة القضاء . ولهذا نؤكد انه لا يوجد نص دستوري أو قانوني يسمح للرئيس بالعفو عن المحبوسين احتياطياً في القانون والدستور، حيث أنه لابد أن يكون صادر ضده حكم نهائي، نظراً لأن النيابة العامة والنائب العام هما فقط من لهم الحق قانونيا في إصدار قرار بإخلاء سبيل شخص مازال محبوسا، ولم يصدر الحكم ضده، وهو ما يعنى أن صاحب السلطة في إخراجهم هو النائب العام وليس الرئيس. وتأكيداً لهذا الكلام نشير إلى أن المادة 184 من الدستور المصرى الصادر فى 2014 تنص على أن "السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، والتدخل في شئون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم". كما أن المادة 185 تؤكد عدم التدخل في شئون العدالة والقانون، أما المادة 189 فتشير إلي أن القضايا المنظورة أمام النيابة العامة التدخل فيها تعدٍ على سلطة النائب العام". بينما تؤكد المادة 155 من الدستور على أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية التدخل في القضايا المنظورة أمام المحاكم والنيابة، وإنما يجوز له إصدار قرار بالعفو العام في بعض القضايا ( الصادر بشأنها أحكام قضائية نهائية وباتة لا تقبل الطعن عليها ) ، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء . لهذا أحذر من ارتكاب لجنة العفو الرئاسية تلك الجريمة الدستورية , وأتمنى ألا يتورط الرئيس عبدالفتاح السيسى فيها , وأرجو أن تتم مساءلة طارق الخولى عن هذه التصريحات التى لا يجب أن تصدر عن نائب برلمانى مهمته التشريع ولا يليق به أن يكون جاهلاً بالدستور الذى اقسم على احترامه . وفى النهاية أؤكد على أننى لست ضد الإفراج عن الأبرياء فى السجون الذين لم يتورطوا فى جرائم عنف أو تخريب أو تحريض على أرواح الأبرياء , ولكننى فقط أطالب بمراعاة القواعد والضوابط الدستورية والقانونية .