تبرأ غالبية القيادات الشبابية التى لعبت دورًا كبيرًا فى ثورة يناير، من الدعوة التى أطلقها "ياسر العمدة" ونشطاء آخرون للتظاهر يوم 11/11 المقبل فيما يُعرف إعلاميًا ب"ثورة الغلابة". وتباينت أسباب رفض نشطاء يناير للتظاهر فى اليوم المذكور: ما التلميح إلى كون الدعوة للتظاهر أتت من "جهات أمنية" أو من جهات تابعة لجماعة الإخوان، أو حتى بسبب غموض الدعوة نفسها وعدم شهرة من أطلقوها على الساعة السياسية والإعلامية. وقال الناشط وائل غنيم - مؤسس صفحة "كلنا خالد سعيد" التى دعت لأول مظاهرة فى 25 يناير - إنه لا علاقة له بالدعوة لمظاهرات 11/11، مشيرًا إلى أن الإعلام يضخم فيها لسبب غير مفهوم.. مضيفًا: "بشكل شخصى معرفش أى حد بيحشد للنزول لليوم ده غير الأذرع الإعلامية اللى بتتهمنى أنا ومجموعة منها عمرو حمزاوى والبرادعى وباسم يوسف وغيرهم بأننا وراء الدعوة لليوم برغم إن ده مالوش أى أساس من الصحة"، مشيرًا إلى أن الإعلامى "أحمد موسى نشر تويتة مفبركة منسوبة للبرادعى إنه بيدعو (أحرار مصر) لحمل السلاح ضد الدولة"، حسب قوله. وأضاف: "التفسير الوحيد المنطقى بالنسبة لى إن بعض الأجهزة عايزة يوم 11 نوفمبر يظهر وكأنه يوم بيتحشد له لتنفيذ مؤامرة على مصر، ولما اليوم يعدى عادى وميحصلش حاجة يقولوا فشلت المؤامرة (وده حصل قبل كده) ويحتفلوا بده كأى نجاح وهمى بيحتفلوا بيه. بس مش فاهم هما ازاى مش واخدين بالهم إن البالونة اللى عمالين ينفخوها دى ممكن فى النهاية تفرقع فى وشهم"، حسب تعبيره. قالت الناشطة السياسية أسماء محفوظ، فى تدوينة عبر حسابها ب"فيس بوك": "النظام فاضله شوية وياخد الناس من البيوت وينزلهم 11/11 بنفسه، وهيشتم اللى ضد المشاركة فى اليوم".. مضيفة: "حوارتكم فكسانة أوى يعني". وعلق الدكتور مصطفى النجار قائلًا: "الداعى الأساسى ليوم 11 / 11 المزعوم هو النظام وأبواقه الإعلامية.. الصورة واضحة والأهداف أيضا معروفة.. فليفكر من يراد لهم إكمال مشهد عبثى ألا يقعوا فى الأفخاخ المنصوبة لهم، هذا مرادهم وهذا يومهم.. نقطة ومن أول السطر"، حسب تعبيره. فيما رفض تامر وجيه، الباحث والقيادى الاشتراكي، تلك المظاهرات قائلًا: "اللى ينفع يدعو لمظاهرات واسعة النطاق (فى البلد كلها)، أو لإضراب عام، أو لفعالية شبيهة فى مستوى الحجم والتأثير، لازم يكون شخص/قوة سياسية/تحالف قوى سياسية ذا تأثير جماهيرى واسع جدا: شخص مثلا زى غاندى أو مانديلا، أو قوة/تحالف زى حزب الوفد أيام عزه قبل 52 أو المؤتمر الوطنى الأفريقى قبل سقوط حكومة الفصل العنصرى فى مطلع التسعينيات لكن لما حد أو قوة بلا وزن معروف (أو بلا وزن أصلا) تعمل دعوة زى دي، فده فى رأيى استهتار سياسي، خصوصا لما يكون غير مصحوب بأى شرح أو تحليل للآثار المحتملة للحدث أو لما هو المطلوب فعله غير (وبعد) الاحتجاج غير المنظم.. وهذا الاستهتار المقرون بالغموض يعد بالنسبة لى شيء مش أخلاقى لأنه غير مسئول.. القوى الصغيرة اللى ملهاش تأثير جماهيرى المفروض تدعو على قدها أو تشرح لنا إيه التصور وإيه الأثر وإيه اللى هيحصل بعد الحدث". وأضاف: "فى الحالات اللى فيها دعوات بالحجم ده بتنتشر رغم إن اللى وراها مش معروف أو حجمه صغير أو شغال لوحده من دماغه، أنا ظنى بيكون أن ده معناه إن فيه غضب منتشر فى أوساط شريحة اجتماعية ما، أو سخونة سياسية منتشرة فى الشارع بشكل عام، لكن الغضب والسخونة مش لاقيين تنظيمات مؤثرة وموثوق فيها يعبروا عن نفسهم من خلال نشاطها أو قيادتها، فبيطلعوا فى صورة الاحتفاء بدعوات من هذا النوع، لكن الغضب والسخونة ممكن ينفجروا بمليون طريقة، دى مسألة لا يمكن حسابها ولا توقعها.. ممكن ينفجروا بقرار حكومى معادى للناس، أو بمعركة نقابية معينة، أو بمليون مفجّر تاني، كلهم دورهم مبيزيدش عن كونه "مناسبة" أو "ذريعة" لتفجير وضع كان مستنى ينفجر بطريقة أو بأخرى". واستدرك: "فى هذا السياق بيكون التحريض اللى بتعمله قوى صغيرة أو مجهولة فعل غير مسئول، مش لأنه سبب فى الانفجار (زى ما قلت فيه مليون مفجر محتمل تاني، أبدا مش بيخلقوا الغضب لكن فقط بيكونوا ذريعة لتفجيره)، ولكن لأن القائم عليه لا يدرى ماذا يفعل ولماذا يفعله وما هى الاحتمالات والنتائج، هو فقط بيلعب لعبة طفولية ملهاش علاقة بالدور السياسى الحقيقى لأى قوة منظمة أو أى جماعة نشطاء حتى غير منظمين: وهى قراءة الوضع وطرح أساليب عمل تتوافق مع حجمهم ومع السياق الموضوعي.. والتعامل المناسب مع دعوات من مثل هذا النوع فى رأيى ليس تأييدها، ولا حتى رفضها باعتبارها دعوة مسئولة يناقش القائمون عليها بموضوعية، وإنما تحليل أسباب انتشارها، ومواصلة العمل الجاد اللى المفروض يركز على التعامل الجاد مع النقص الأول والأكبر وسط كل المحسوبين على الثورة، وهو النقص فى التماسك السياسى والترابط التنظيمي، يعنى بتعبير آخر: محاولة تعويض نقص البديل السياسى الناضج" حسب رأيه. بينا اتهم المهندس ممدوح حمزة، رئيس المجلس الوطنى سابقًا، الدعوة بتبعيتها للأجهزة الأمنية قائلًا: "دعوة 11/11هى دعوة بعض العاملين فى أجهزة أمنية مصرية لحساب ولغرض عودة نظام مبارك استغلالا لتدنى حكم السيسى وربما بالاتفاق مع تيار الإسلام سياسي"، حسب قوله. وفى نفس الدرب، سار الفنان خالد الصاوي، أحد أشهر الفنانين الذين شاركوا فى "يناير" حيث رفض مظاهرات 11/11 مؤكدًا أن مصر فى حالة حرب مع الإرهاب، مضيفًا: "لو كانت هذه المظاهرات تحمل حلًا لوافقت عليها فورًا لكن البلد ليس فى حاجة للمزيد من الفوضى" حسب رأيه. وحول هذه الظاهرة قال الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية وأحد قيادات ثورة يناير، إن الثورات لا تُحدد مسبقًا وإنما تبدأ بحجم صغير ثم تكبر وبالتالى فهى ليس لها كتالوج محدد، مشيرًا إلى أنه لم تنجح ثورة تم تحديدها مسبقًا سوى 30 يونيو لأن النظام السياسى من جيش وشرطة ومؤسسات دولة كانت معها. وأضاف: "أما عن تصريحات شباب ثورة يناير، فأنا أتخيل أنهم يقصدون بكلامهم أن الوصول بهذا التحرك إلى درجة الثورة مرهون بظروف خارجة عن إرادة الجميع لكنها مرتبطة بإرادة الشعب".. مستدركًا: "هم لديهم حق فى تصورهم، أعتقد أنهم لن ينزلوا لكن إذا نزل الناس بأعداد كبيرة فسوف ينزلون، فالناس يقررون النزول لأن لديهم حافزا للاعتراض وليس لأن فلانا أو فلانا سوف ينزل". وأضاف: "أسباب الثورة موجودة أما لحظة الاشتعال فلا يعلمها إلا الله، و ربما يقرر هؤلاء الشباب وفق معطيات الواقع أن يشاركوا، مثلما فعل الإخوان حين رفضوا النزول يوم 25 يناير، وحين وجدوا أن الثورة أثارت زخمًا تحركوا". وحول اتهام النشطاء لتلك الدعوة بأنها صناعة أمنية تارة وصناعة إخوانية تارة، قال دراج: "لنا تجارب سابقة فى الدعوات التى كانت تطلقها جماعات الإسلام السياسي، لوحظ أنها تكون دعوات ليس لها أثر على أرض الواقع وهذا الاحتمال الأول". وأضاف: كما أن السلطة تستخدم فشل تلك المظاهرات لتنفيذ السياسات التى تريدها.. وقد تكون السلطة راغبة فى ذلك لأنها تنفخ فى هذه المظاهرات منذ مدة طويلة، والأيام ستبين ما إذا كان نفخها فى هذا اليوم غباءً أو تكتيكًا.. وهذا احتمال ثان". واستدرك: "هناك أطراف لديها مخاوف مثلنا نحن الذين شاركنا فى الثورتين، ووجدنا أن النتيجة مثلما نراها اليوم، وبالتالى لا نريد الذهاب لتحرك عشوائى تكون نتيجته دخول البلد فى حالة الفوضى".