اقترح بعض خبراء الإعلام، خصخصة قطاع ماسبيرو، بأن يكون المبنى تحت إدارة رشيدة رأسمالها خاص تسعى للربح وبالتالي تعتمد على الكفاءة لا الوساطة، لاسيما بعد الأزمة التي صاحبت الخطأ المهني الذي ارتكبه التليفزيون المصرى الرسمى الثلاثاء الماضي بإذاعة حديث قديم منذ عام للرئيس عبدالفتاح السيسى، بدلاً من الحوار الحقيقى مع شبكة «بى بى إس» التليفزيونية الأمريكية المعروفة ومذيعها المشهور تشارلى روز، وهو ما أثار موجة غضب عارمة بين قطاع كبير بعدها. بشير العدل، الخبير الإعلامي، طالب بخصخصة القطاع ليكون مستعدًا للربح وبالتالى يعتمد على الكفاءة لا الوساطة، مشيرًا إلى أن قطاع ماسبيرو يعد نموذجًا للترهل الإعلامي للدولة حتى عندما كان يوجد وزير للإعلام لم يغير من الأمر شيئًا. وأرجع العدل، سبب فساد القطاع إلى أنه قائم على التوريث ولا يعتمد على الكفاءات، قائلا: "المذيعون يورثون أبناءهم وكذلك المعدين"- حسب قوله. لكن الخبير الإعلامي حسن عماد مكاوي، وصف مقترح "الخصخصة" بالفكر السيئ، مشيرًا إلى أن ذلك ليس حلا لأنه يعد بيعًا لإعلام وأصول الدولة، والقطاع يحتاج للمساندة والدعم لا البيع. وأرجع مكاوي في تصريحاته ل"المصريون" سبب الأزمة إلى القيادات التي تدير المبنى التي قال إنها قد تكون أقل كفاءة ممن يفترض أن يديروا القطاع قائلا: "المفترض أن نستعين بقيادات لا تخضع لعلاقات شخصية".
وطالب الخبير الإعلامي الدولة بأن تمد يد العون للقطاع وتضخ فيه استثمارات لاستعادة دوره القيادي. وردًا على مقترح الخصخصة قال: "مفيش قناة خاصة بتكسب" والموضوع يحتاج لإدارة رشيدة. وفي هذا السياق، قال الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، في مقال له إن "أزمة القطاع تتلخص فى وجود جهاز إدارى شديد الترهل يقدره البعض بأنه يتراوح بين 36 و45 ألف شخص يتقاضون نحو ربع مليار جنيه شهريا". أما الأخطر، بحسب "حسين"، فهو أن تأثير هذا المبنى العملاق فى ماسبيرو قد تراجع بصورة حادة منذ 25 يناير 2011 حينما ارتكب خطأه الأكبر مثبتا الكاميرا على كوبرى قصر النيل الهادى، بعيدا عن ميدان التحرير الهادر.
وفي ضوء هذا الحدث تقدم النائب مصطفى بكرى، عضو لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس، بطلب إحاطة للتحقيق والدعوة لعقد اجتماع طارئ للجنة، مشيراً إلى أنه تم توجيه الدعوة إلى صفاء حجازى، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، لحضور الاجتماع لسماع أقوالها فى الملابسات التى أدت لحدوث الخطأ. وطالب بكري بسرعة إصدار قانون الهيئات الثلاث، للإعلام والصحافة، لمواجهة التجاوزات والأخطاء التى تحدث فى الإعلام المصرى، مشيراً إلى أن الأمر لا يتحمل تأجيل مناقشة تطوير ماسبيرو. كما طالب النائب بالبدء فوراً فى تطهير ماسبيرو من العناصر الإخوانية الموجودة به، والمعادية لكيان الدولة المصرية عن مراكز اتخاذ القرار به، مضيفا أن هناك 400 عنصر من عناصر الإخوان دخلوا المبنى فى الفترة ما بين مجلس النواب الإخوانى، وحتى تولى المعزول محمد مرسى رئيساً للبلاد، إلى جانب عدد آخر من المتعاطفين معهم. وعلى إثر ذلك عقدت لجنة الإعلام بمجلس النواب برئاسة أسامة هيكل، اجتماعا طارئا اليوم الأحد، لمناقشة ملف ماسبيرو، وخطأ التليفزيون المصرى بإذاعة حوار قديم للرئيس عبد الفتاح السيسي. وخلصت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، إلى أن الدولة اتخذت إجراءات حاسمة وواضحة نحو إصلاح وهيكلة اتحاد الإذاعة والتليفزيون. وأصدرت اللجنة، بيانا، بشأن الأوضاع فى ماسبيرو خلال اجتماعها، نصه: "باهتمام بالغ على مدى الأيام القليلة الماضية تطورات أزمة بث حوار قديم لرئيس الجمهورية على شاشة التليفزيون المصرى باعتباره حوار على الهواء مباشرة، كما تابعت تطور الأمر فى الفضائيات المختلفة والذى يعكس اهتماما بأوضاع التليفزيون الرسمى للدولة". وأوصت اللجنة بضرورة الإسراع فى التحقيقات التى تجرى حاليا وتحديد المتسبب الحقيقى بها ومحاسبته بأقصى حساب ممكن، فلا يمكن الاستمرار بهذا الاستهتار فى جهاز يوصف بأنه أحد أركان الأمن القومى المصرى، وأكدت أن الهدف الرئيسى للجنة فى تحريكها هو العمل على تطوير أداء اتحاد الإذاعة والتليفزيون وليس محاولة هدمه وتدميره، كما يحاول البعض فى كل موقف، وأن بث حوار تليفزيونى قديم فى جهاز إعلامى عريق كالتليفزيون المصرى هو انعكاس صريح لحالة التدهور الحادة التى وصل إليها نمط الأداء فى ماسبيرو، وهو الأمر الذى يستوجب قرارات سريعة وعاجلة لإصلاح الأحوال الإعلامية والإدارية والمالية داخل ماسبيرو، مما يضمن استبعاد العناصر المخربة أو المستهترة التى يؤدى أدائها إلى إخلال بالأمن القومى المصرى. وأكدت اللجنة ضرورة الإسراع فى تحويل اتحاد الإذاعة والتليفزيون إلى هيئة وطنية للإعلام وفقا لنص المادة 213 من الدستور والتى تعطل صدور القانون الخاص بها بسبب تقاعس حكومى غير مبرر، رغم علمنا بأن هناك عدة مشروعات أمام الحكومة بهذا الشأن، وبناء عليه سوف تبدأ اللجنة فى وضع التشريعات الإعلامية فور بدء الدورة البرلمانية القادمة حتى ولو لم تتقدم الحكومة بما لديها من مشروعات. وشددت اللجنة على الإسراع فى إعادة هيكلة ماسبيرو وفق المعايير الدولية المتعبة فى المؤسسات الإعلامية الدولية الكبرى وتحريره من القيود الإدارية المعوقة للعمل الإعلامى، والسعى السريع والجاد من قبل الحكومة لوضع حل لمشكلة الديون المتراكمة على ماسبيرو والتى بلغت نحو 23 مليار جنيه، علما بأن أصل الدين أقل من ثلث هذا الرقم، وكلما تأخر حل المشكلة كلما زادت الديون المستحقة لبنك الاستثمار القومى وأصبح تطوير الأداء الإعلامى فى هذا المبنى العريق أكثر صعوبة. وأوصت اللجنة بتشكيل لجان لتقييم الأداء الإعلامى للمنتجات الإعلامية المختلفة بمبنى ماسبيرو، على أن تضم هذه اللجان خبراء إعلاميين من داخل المبنى وخارجه وأكاديميين وتكون هذه اللجان أساس العمل خلال المرحلة القادمة، وأوصت بمنع ازدواج العمل بين ماسبيرو والقنوات الخاصة نهائيا. وأشارت اللجنة إلى أنه ستتم دعوة وزير التخطيط ووزير الدولة للشؤون القانونية والبرلمانية ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون لبيان خطط تطوير وهيكلة الاتحاد.