شهدت مصر مؤخرا عمليات القبض على أشخاص بسبب حوزتهم مبالغ لا تتجاوز بضعة مئات أو آلاف من العملة الأجنبية، وخاصة الدولار. وأصبح المواطن المصرى يثيره الشك بشأن مجرد أن يحمل العملة يحوله إلى مجرما ومتورط فى جريمة يحاسب عليها القانون. وتعددت عمليات القبض على حاملي وناقلي الأموال الأجنبية في مصر الأيام الماضية خاصة بعد ارتفاع أسعار الدولار لما يزيد عن 12 جنيهًا مقابل الجنيه المصري في السوق السوداء، بينما يتم تداوله في البنوك عند سعر 8.85 جنيهات مما أدى إلى ارتفاع الأسعار. القبض على صاحب شركة بحوزته 100 دولار! قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن الدقهلية بشمال مصر، أعلن منتصف أغسطس 2016 ، ضبط سعيد لطفي، مسؤول عن إحدى شركات السياحة ومرشح أسبق في انتخابات مجلس الشعب 2011، بتهمة الإتجار فىي النقد الأجنبي بطريق غير شرعي، وكان بحوزته حين القبض عليه "318 ألف جنيه مصرى، 2000 ريال سعودي، 100 دولار أمريكي". كما ألقي القبض على خريج هندسة بمحافظة أسيوط جنوبي البلاد، وبحوزته ( 3550 دولارا أجنبيا 3750 جنيها مصريا). وفي سوهاج، تم القبض على "أ. م. ع" (37 عاما)، وبحيازته 19910 دولارات أمريكية، و10600 ريال سعودي، و625 جنيها مصريا بغرض الإتجار في النقد خارج القنوات الشرعية، وفق التصريحات الأمنية. الأمر نفسه تكرر في محافظة المنوفية (إحدى محافظات دلتا نيل مصر)، حيث تم القبض على مدير مصنع بحوزته 36600 دولار وهاتفان محمولان. متى يمكن أن تكون معرضًا للاعتقال بسبب أموالك؟ للإجابة على هذا السؤال، اطلعنا على الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية المصرية، حيث نشرت العديد من الحالات التىي يُعاقب عليها القانون، وهي: الإتجار فىي العملات الأجنبية خارج القنوات الشرعية على مستوى الجمهورية, والقنوات الشرعية تتمثل في البنوك المعتمدة للتعامل فى النقد الاجنبي وكذلك شركات الصرافة والجهات التىي يرخص لها بهذا التعامل من محافظ البنك المركزي. ولفتت الداخلية إلى أن القانون يعاقب على الممارسات الخاطئة لشركات الصرافة التي تخالف القواعد والإجراءات التىي يحددها مجلس إدارة البنك المركزي. وأشارت إلى أن القانون يعاقب المواطن العادي حال شراءه وبيعه العملات الأجنبية خارج نطاق السوق الرسمية ( بنوك / شركات صرافة) . وكذلك قيام شركات الصرافة بإخفاء مواردها من العملات الأجنبية عن التداول والامتناع عن بيعها للجمهور على الشباك, وتجميعها لبيعها خارج الشركات لكبار العملاء والمستوردين بأسعار السوق السوداء. وشددت وزارة الداخلية في إرشادتها على أن تكون جميع التعاملات فى بيع وشراء العملات الأجنبية عن طريق المصارف المعتمدة (بنوك / شركات صرافة)، ووفقاً للأسعار الرسمية المعلنة، وعدم اللجوء لتجار وسماسرة العملة لتدبير النقد الأجنبى , أو بيعه لهم, حتى نكون بمنأى عن المساءلة القانونية. وأوضحت أن دخول وخروج النقد الأجنبىي للبلاد من خلال المنافذ الرسمية للدولة مسموح به في حدود عشرة آلاف دولار أمريكي, أو ما يُعادلها من عملات أخرى, وإذا زاد المبلغ عن ذلك يلزم الإفصاح عنه. احمل ما يثبت تملكك للأموال بيد أن هذه الإرشادات العامة لم تنج البعض من التوقيف مؤخراً، حيث بدا أن البلاد تمر بظروف خاصة تحتاج إلى نصائح أكثر وضوحا، مثل ما قاله د.هشام إبراهيم، الخبير المصرفي، وأستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة من أنه " يجب على المواطن العادي أن يكون بحوزته ما يثبت تملكه تلك الأموال الأجنبية ومن أين أخذها". وأكد ل"هافينغتون بوست عربي" أن "حمل العملة لا يمكن أن يكون جريمة أو مخالفة للقانون، أيا كان رقم الأموال التي بحوزة المواطن"، مضيفاً أن "من يتم ضبطهم خلال الفترة الأخيرة من أشخاص، غالبًا ما يتم التبليغ عنهم بأنهم تجار سوق سوداء، ويتم مراقبتهم من قبل الأجهزة الأمنية وبعدها يتم القبض عليهم، وتكون التهمة الإتجار بالعملة الأجنبية أيا كان الرقم الذي يحملونه لأن ال100 دولار تعد تجارة كما ال100 ألف وكلها مخالفات للقانون". وطالب، الخبير المصرفي، الأجهزة الأمنية بالحرص في التعامل والتفرقة، لأنه من الطبيعي جدًا أن يسير المواطن العادي بأموال أجنبية سواء أرقام ضئيلة أو كبيرة، مستطرداً " رغم أن القانون يفرض علينا التعامل بالعملة المحلية (الجنيه المصري)، إلا أن هناك العديد من الحالات التي تفرض عليها طبيعة عملها تقاضي رواتب بالعملة الأجنبية مثل مستشار بشركة أو موظف عقده ينص على تقاضيه مستحقاته بالعملة الأجنبية، أو السواح". ولفت إبراهيم إلى أنه "إذا كان ارتفاع الدولار مقابل الجنيه يضر بالاقتصاد، فإن إغلاق شركات الصرافة ومنع تداول العملة الأجنبية كارثة على الاقتصاد والاستثمار والأمن القومي". لميس نجم، نائب رئيس فرع بنك "سيتي بنك" بالقاهرة، اعتبرت من جانبها إنه "من غير المعقول القبض على أي مواطن لحمله العملة الأجنبية"، مناشدة المواطنين "حمل دائمًا ما يثبت أن الأموال الأجنبية ملكهم سواء في عملية التحويل الخارجية أو سحب أموال من البنوك للسفر أو الاستثمار، حتى لا يكونوا معرضين للوقوع تحت طائلة القانون". وأكدت، نجم في تصريحات ل"هافينغتون بوست عربي"، أنه لا يوجد رقم أدنى أو أقصى لحمل الأموال الأجنبية للمواطن العادي أو المستثمر، ولكن الأهم الإثباتات، وكذلك عند القبض على تاجر فلا يهم ما يحمله لأنها في النهاية تكون تجارة عملة أيًا كان الرقم الذي بحوزته. وكانت الجهات الأمنية، والبنك المركزي المصري، قد أغلقا ما يزيد عن 53 شركة صرافة الفترة الماضية، لاتهامها بالتلاعب في أسعار بيع العملة الأجنبية، وكذلك تم إلقاء القبض على العشرات من الأشخاص بتهمة المتاجرة في العملة الأمريكية أغلبهم كان بحوزته مبالغ لا تتعدى بضعة آلاف من الأموال الأجنبية بل أحيانا مجرد مئات من الدولارات.