ما زالت تداعيات التقرير الذي أفردته مجلة "الإيكونومست" البريطانية في عددها الأخير، عن وضع مصر تحت إدارة نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وما يعانيه من "فشل على كل صعيد، خاصة الاقتصادي" - بحسب المجلة - مستمرة وسط عاصفة من الردود المتناقضة. ونشرت مجلة الإيكونومست، ذات التأثير الكبير في دوائر السياسة والاقتصاد على مستوى العالم، تقريرًا معنونًا ب"تخريب مصر"، في عهد السيسي، مشيرة إلى أن "القمع وعدم كفاءة الرئيس يعملان على تهيئة الظروف لثورة جديدة". وقالت المجلة إن "السيسي، الجنرال الذي سيطر على السلطة عام 2013، أثبت أنه أكثر قمعًا من حسني مبارك، الذي أطاح به الربيع العربي، وأكثر عقمًا من محمد مرسي، الرئيس الإسلامي المنتخب الذي أزاحه السيسي عن السلطة". واختتمت بالقول إنه "لا يمكن للسيسي الحصول على استقرار دائم، ويجب فتح النظام السياسي المصري، والسبيل الوحيد للبداية الجيدة هو إعلان السيسي أنه لن يرشح نفسه في انتخابات عام 2018". ومنذ نشر التقرير، لم تهدأ عاصفة الردود الرسمية، وغير الرسمية محليًا وإقليميًا. عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد إمارة أبوظبي الإماراتية، التي تعد أبرز الداعمين العرب بجانب السعودية لنظام السيسي، دعا العواصم العربية إلى نصح السيسي بعدم الترشح لفترة رئاسية جديدة. وتنتهي فترة السيسي الرئاسية الأولى، في منتصف عام 2018، بعد أربع سنوات على رأس السلطة خلفًا للرئيس المؤقت عدلي منصور، الذي حلّ بديلًا لمحمد مرسي عقب الإطاحة به في يوليو 2013. وكانت شخصيات ليبرالية قد أعلنت مؤخرًا التقدم ببديل مدني ينافس السيسي في الجولة الانتخابية الرئاسية المقبلة، وفق ما أعلنه عصام حجي عالم الفضاء المصري الأمريكي، الذي شغل منصب المستشار العلمي لرئيس الجمهورية في مصر عام 2013 لمدة 3 أشهر قبل استقالته. وقال مستشار ولي العهد في أبوظبي، في تغريدة له على حسابه الرسمي في "تويتر"، أمس الأول، الثلاثاء، إنه "ربما حان الوقت لأن يسمع السيسي هذه النصيحة الحريصة من عواصم خليجية معنية بمستقبل الاستقرار في مصر". وحين سأله مغرد عن البديل في مصر، معتبرًا أن "السيسي أفضل حل سيئ لرئاسة مصر"، وفق قوله، أجاب عبد الخالق بأن "مصر فيها رجال محنكون، وبصفات زعامية.. والشعب المصري يقرر". وأعاد كتابة إحدى التعليقات على تغريدته، التي رأى صاحبها أن "مشكلة مصر ليست في السيسي، بل في منظومة متراكمة مترهلة منذ عقود، تحتاج إلى تعاون جميع المصريين لتحديثها". بدورها، ردت الخارجية المصرية على التقرير، عبر المتحدث باسم الوزارة أحمد أبوزيد، بقوله، إن "المجلة عمدت إلى تجنب أي مظهر من مظاهر التحليل الموضوعي، وتجاهلت العديد من النجاحات والإنجازات، واهتمت بتوجيه إهانات لشخص الرئيس المصري". وأضاف أبوزيد، أن "ادعاء المجلة أن الاقتصاد المصري يعتمد على مساعدات أمريكا والخليج، أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة، فالمجلة لم تلحظ انخفاض المساعدات الأمريكية خلال السنوات الأخيرة، كما أننا لا نعول على مساعدة من أي طرف". وتابع: "بغض النظر عن أي تحفظات على التسييس الزائد الذي انتهجته المجلة الاقتصادية الأكثر رصانة واحترامًا وتأثيرًا عالميًا في النخب الاقتصادية والمالية وحركة الاستثمارات ومجتمعات المال والأعمال فإن مجمل انتقاداتها استندت على أساس لا يمكن نفيه"، وجهة نظر يقدمها الكاتب الصحفي المعروف بتأييده للنظام الحالي، عبد الله السناوي. السناوي أوضح في مقال له أن "الأزمة الاقتصادية متفاقمة في مصر وحكومتها تتطلع لتوقيع عقد مع صندوق النقد الدولي بقيمة (12) مليار دولار (تم الاتفاق عليه فعليًا ظهر اليوم، الخميس)، وقروض إضافية من مؤسسات دولية أخرى ب(9) مليارات دولار كطوق إنقاذ أخير قبل أى انهيار محتمل". وأكد السناوي، أن "إنكار الأزمة التي تمر بها مصر، من أسباب تفاقمها وتراجع الثقة في القدرة على تجاوزها"، ردًا على محاولات الخارجية في تفنيد تقرير الإيكونومست. وبحسب السناوي، فى توقيت متزامن مع عدد "الإيكونومست" عن "تخريب مصر" نعت "النيويورك تايمز" الأمريكية في افتتاحيتها الرئيسية الدور المصري، وقالت إن "مصر البائسة" لم يعد لها أي تأثير يذكر قياسًا على ما كان لها من أدوار في السابق أو على الدورين الإيراني والسعودي اللذين يتنازعان فوق مسارح الإقليم. وقال إنه "قد ينظر إلى التزامن باعتباره أوركسترا بدأ العزف لممارسة الحد الأقصى من الضغوط وابتزاز السياسات غير أن "نظرية المؤامرة" لا تبرر الأخطاء الفادحة التي "تشجع على الاستهتار بأية مصالح مصرية". ولفت السناوي الانتباه، إلى أن إدارة الهجرة بوزارة الداخلية البريطانية أوصت بمنح حق اللجوء السياسي لمن يثبت تعرضه للاضطهاد في مصر من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو من الصحفيين، وذلك بالتزامن مع التقرير ذاته. كما ربط في ذات السياق، تأخر رئيسة الوزراء البريطانية الجديد تيريزا ماي بأكثر مما هو طبيعي ولائق، لنحو ثلاثة أسابيع، في الرد على طلب الرئيس المصري إجراء اتصال لتهنئتها. وتوقع أن تكون مصر مقبلة على "أوضاع شديدة الصعوبة في العلاقات الدولية، تأخذ مداها من علاقات متراجعة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعلاقات أخرى مع الولاياتالمتحدة قد تتعرض لهزات كبيرة مع رئاستها المقبلة". وذكر السناوي في مقاله، أن "هناك إشارات عن نزوع متصاعد لبعض الأطراف الغربية للضغط على الرئيس عبدالفتاح السيسي لعدم استكمال فترته الرئاسية الأولى". وحول أسباب خروج هذا الطلب إلى العلن الآن عبر المجلس البريطانية، أوضح أن "أكثر الأسباب جوهرية هو انكسار الرهانات الكبرى على 30 يونيو وتفكك قواعد الدعم والإسناد تحت وطأة الإحباط السياسي والاجتماعي معًا". ويشار إلى أن مجلة "إيكونومست"، نشرت تقريرًا عن "تخريب مصر" في عهد السيسي، قائلة إن "القمع وعدم كفاءة السيسي يعملان على تهيئة الظروف للثورة المقبلة". وكتبت المجلة عن السيسي أنه "سيطر على السلطة عام 2013، وأثبت أنه أكثر قمعًا من حسني مبارك، الذي أطاح به الربيع العربي، وأكثر عقمًا من محمد مرسي، الرئيس الإسلامي المنتخب الذي أزاحه السيسي عن السلطة". واتهمت "إيكونومست" الحكومة المصرية بتبذير مليارات الدولارات التي حصلت عليها كمساعدات لإنعاش اقتصادها، وتساءلت عما إذا كانت مصر، الحكومة تحديدًا، مستعدة للإصلاح. واختتمت بالقول: إنه "لا يمكن للسيسي الحصول على استقرار دائم، ويجب فتح النظام السياسي المصري، والسبيل الوحيد للبداية الجيدة هو إعلان السيسي أنه لن يرشح نفسه في انتخابات عام 2018".