أدت الحكومة الجديدة أمس اليمين الدستورية أمام الرئيس مبارك ، وذلك بعد 48 ساعة سادت فيها حالة من التضارب والغموض حول التغييرات الوزارية ، والتي جاءت في نهاية المطاف عاكسة للصعود القوي لمجموعة رجال الأعمال المقربة من جمال مبارك نجل الرئيس المصري وأمين لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم . وشهدت الحكومة الجديدة ، والتي تعد الثانية لرئيس الوزراء الدكتور احمد نظيف ، خروج اثنين من أقطاب الحرس القديم للحزب الوطني ، هما كمال الشاذلي وزير شئون مجلس الشعب ومحمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان ، كما أن التشكيلية الوزارية الجديدة عززت وجود رجال الأعمال المقربين من جمال نجل الرئيس الذين ارتفع عددهم من اثنين إلى ستة ، وباتوا يشغلون خمس الحقائب الوزارية ، لكن نفوذهم يتجاوز ذلك باعتبار أنهم سيطرون على وزارات المجموعة الاقتصادية بشكل كامل . وتضم التشكيلة الجديدة أربعة من كبال رجال الأعمال في مصر وهم وزير الصحة حاتم الجبلي الذي يملك اكبر مستشفى خاص في مصر (دار الفؤاد) وله نشاطات تجارية متعددة ووزير النقل محمد منصور وهو واحد من اكبر الأثرياء ويملك توكيل "جنرال موتوز" للسيارات في مصر وتوكيل مطاعم ماكدونالدز ومشاريع تجارية في مجالات عدة ووزير السياحة زهير جرانة وهو من اكبر المستثمرين في هذا المجال ووزير الزراعة أمين أباظة الذي يعد من اكبر مصدري القطن المصري. وبقي اثنان آخران من كبار رجال الأعمال في التشكيلة الجديدة هما وزير الصناعة والتجارة رشيد احمد رشيد ووزير الإسكان احمد المغربي الذي كان وزيرا للسياحة في الوزارة السابقة. ولم يتم أي تغيير في الوزارات الأربعة المسماه بالسيادية ، وهي الدفاع والخارجية والداخلية والإعلام إذ احتفظ كل من المشير محمد حسين طنطاوي واحمد أبو الغيط واللواء حبيب العادلي وانس الفقي بمناصبهم. وتم تعيين 4 وزراء جدد للتربية والتعليم (يسري الجمل) والتعليم العالي (هاني هلال) والتضامن الاجتماعي (عائشة عبد الهادي) وعلى المصيلحي للتضامن الاجتماعي بينما ألغيت وزارة الشباب والرياضة. وبرر نظيف تعزيز وجود رجال الأعمال في الحكومة الجديدة برغبته في تشجيع الاستثمار في مصر إلا أن إسناد وزارتي خدمات (الصحة والنقل) إلى اثنين منهما أثار انتقادات من المعارضة المصرية. ويأتي تشكيل هذه الحكومة في أعقاب الانتخابات البرلمانية التي اختتمت في التاسع من ديسمبر الماضي التي مكنت الحزب الحاكم من الاحتفاظ بثلثي مقاعد مجلس الشعب ولكنها شهدت كذلك صعودا تاريخيا لجماعة الإخوان المسلمين التي حصدت أكثر من 20% من مقاعد البرلمان. وأوكل الرئيس مبارك للحكومة الجديدة في خطاب التكليف الذي تسلمه رئيس الوزراء الأسبوع الماضي مهمة تنفيذ برنامجه الانتخابي الذي طرحه الصيف الماضي والذي وضع على راس أولوياته مكافحة البطالة التي يعاني منها 20% من قوة العمل المصرية وفقا لتقديرات المنظمات الدولية وتحسين الخدمات. ويفترض أن تعد الحكومة الجديدة مجموعة من مشروعات القوانين التي أكد الرئيس مبارك لدى افتتاحه الدورة البرلمانية لمجلس الشعب الجديد قبل حوالي عشرة أيام انه سيتم إقرارها خلال المرحلة المقبلة ومنها بصفة خاصة مشروع قانون جديد للسلطة القضائية يكفل لها استقلالا عن السلطة التنفيذية ومشروع قانون جديد لإلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر.