أخشى أن يضل البرلمان طريقه.. أو أن يصاب ب"الزيهايمر" المبكر.. فينسى وظيفته التى جاء به الناس من أجلها. يبدو لى أن مجلس الشعب، بدلا من أن يراقب أداء الحكومة، تحول إلى "قبائل" سياسية، تراقب بعضها البعض، وتُحصى على المخالفين أنفاسهم، وتتصيد أخطاءهم.. وتتفرغ فقط لتصفية الخلافات السياسية فيما بينها. البرلمان المنتخب، تُهدر يوميًا قيمته، كأداة لتسوية الكثير من الملفات العالقة.. من محاكمة الرئيس السابق إلى محاكمة الوزراء.. إلى إعادة هيكلة وتطهير الأجهزة الأمنية والرقابية ومؤسسة العدالة.. وتنظيم عمل الجمعيات الأهلية، ورد المظالم، وتحسين الأجور.. وكتابة دستور توافقى يحقق أحلام وأشواق المصريين. البرلمان منذ جلساته الأولى بات محض طاقة "تائهة" تصرف بعيدًا عن وظيفته الرقابية والتشريعية.. ما يجرى فيه أشبه ب"صخب الملاعب" وشغب جماعات "الألتراس". قطاع ليس بالقليل من النواب دخل البرلمان بعقيلة "الميدان".. وأحال أقبية المجلس، إلى ساحات للتظاهر والإضرابات.. ومنصات للخطابة وللشوشرة وللمشاغبة.. والمشكلة أن بعض الليبراليين يزايدون على الشارع، وبعض الإسلاميين يزايدون على التيار الإسلامى.. غير أن المشكلة الأكبر، تستوطن عقل الجماعة البرلمانية فى مجموعها.. حيث تحول البرلمان كله تقريبا إلى مجرد مكان فى قلب القاهرة.. لا يملك إلا المزايدة أيضا على ما يجرى فى التحرير وفى الشوارع القريبة منه وبالقرب من وزارة الداخلية. بعض المشاهد داخل المجلس، لا تعوزها "الكاريكاتورية".. إذ بات الخلط بين البرلمان وخبرات الدعوة واعتلاء المنابر ورفع الأذان أحد المشاهد الطارئة التى تعكس خبرات ما قبل السياسة فى أداء النواب الجدد.. فيما وحدت جانبًا من الرأى العام داخل المجلس ضد الإسلاميين. وجود د. الكتاتنى على رأس المجلس فى منصب الرئيس، وطريقه رده على تلك "المزايدات" والتى بلغت مبلغ المزايدة على الله عز وجل.. حصنت الإسلاميين من كمائن إعلامية كانت تنتظرهم على برامج ال"توك شو" وثيقة الصلة ب"عصابة الشر" فى طره. فالكتاتنى.. ينتمى إلى الإخوان.. الفصيل الإسلامى الأكثر تنظيمًا وخبرة وحضورًا فى البرلمان.. وكانت مواقفه إزاء التعاطى مع الخبرات البرلمانية من خلال الموروث "الوعظى" بالغة الأثر فى حماية الإسلاميين الآخرين من التحرش بهم سياسيا وإعلاميا.. واتخاذهم موضوعًا للتهكم والسخرية. البرلمان ضل طريقه فعلا.. أو فقد جزءا من رصانته، بسبب وجوده فى بيئة شديدة الصخب سواء داخل المجلس أو خارجه.. ما أحاله إلى جزء من صناعة الأزمة.. وليس أداة لحلها. [email protected]