النتائج التي أثمرها لقاء المجلس العسكري مع أحزاب وممثلي تيارات سياسية، كانت انتصارا حقيقيا ل"جمعة 30 سبتمبر".. الأخيرة أبرقت رسالة مفادها أن ما يتردد بشأن الجماعات الأكثر تنظيما، بات "خرافة".. وإذا كانت الإدارة العسكرية المؤقتة للبلاد تراهن على "الصيت" و"صخب" البعض عن وزن هذه الجماعة أو تلك.. والتي باتت "فزاعة" تستخدم لابتزاز "الخارج" كما كان يفعل مبارك.. أو لتخويف "الداخل" كما يحدث الآن.. فإن جمعة 30 سبتمبر، فككت كل هذه "الأوهام".. وأعادت للخريطة السياسية المصرية صورتها الحقيقية كما تخلقت داخل رحم الثورة.. وليس كما كانت قبلها، محض "توهمات" صنعت من أجل التخويف والابتزاز. فارق كبير بين من اجتمعوا من أجل مصالح التنظيم اوالجماعة أو الحزب.. وبين من تظاهروا في الميدان من أجل الوطن.. فارق شاسع بين من يطالبون بتمثيل "كافة القوى" في البرلمان.. وبين من طالبوا في التحرير بتمثيل "المصريين" في مجلس الشعب.. مصر كانت هناااااك محض "دوائر" يجري التعاطي معها ك"غنيمة حرب".. وكانت هنا في الميدان وطنا يبحث عن الكرامة وحقوق مواطنيه. مسؤول حزبي لأحد أكبر الأحزاب وأكثرها تنظيما، عندما سُئل عن قانون الطوارئ.. قال : مش فاضيين للطوارئ.. كلنا مشغولون بالانتخابات! إجابة بليغة ولخصت ما يُحاك في الصدور وداخل مقار الأحزاب.. الكل مشغول بمصالحه ووجاهته السياسية وصدارة المشهد وكم ستكون حصيلة المقاعد في البرلمان القادم.. وكلها بالخبرة المصرية أحلام لا يجوز استفزاز السلطة حتى تكون قريبة المنال. يوم أمس الأول كان واحدا من أجمل أيام الثورة.. لأن ثوار التحرير وليس جلساء الأحزاب هم الذين انتزعوا ثمارها انتزاعا، بالحفاظ على وهج الميادين وروح الثورة وعنفوانها وعافيتها.. الثورة كما كانت في أيامها البكر، صناعة قوى نقية نبتت بعيدا عن وحل مبارك بكل اكسسوارته من أحزاب وتنظيمات وجماعات ونخب معوقة ذهنيا وفكريا، تنتقل من مائدة إلى أخرى.. اختطفت الوطن لسنوات وتاجرت بألامه وأحلامه، خدمت بالامس في بلاط البيت الرئاسي، واختطفت اليوم الثورة.. وتتاجر بها كل ليلة على فضائيات رجال أعمال فاسدين. التهنئة واجبة للمجلس العسكري الذي استجاب.. ولثوار التحرير والأسكندرية والمدن المصرية الأخرى.. الذين لم يخرجوا طمعا في الوجاهة السياسية، وأنما خرجوا طلبا للكرامة ولحقوق الإنسان المصري وآدميته. [email protected]