شن أعضاء مجلس الشعب هجوما عنيفًا ضد الحكومة ، متهمين إياها بالفشل والعجز في الرد على حادث مقتل الجنديين المصريين برصاص إسرائيلي على الحدود مؤخرًا، ومطالبين بضرورة إقالتها فورًا لتهدئة ثورة غضب الشعب المصري. وطالب النواب في جلسة أول أمس بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل منذ أكثر من ربع قرن، وبطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة وسحب السفير المصري من تل أبيب. وشددوا على ضرورة محاكمة الإسرائيليين المتهمين بقتل الجنود المصريين داخل المحاكم المصرية، ومنتقدين في ذات الوقت لقاء الرئيس مبارك وإيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي ومصافحته رغم أن يده ملطخة بدماء الشهداء المصريين. ووجه النواب في أكثر من 40 بيانًا عاجلاً وطلب إحاطة انتقادات شديدة اللهجة إلى المسئولين بالدولة لتجاهلهم هذا الحادث الخطير وتعاملهم مع الجنديين الشهيدين كمواطنين عاديين. واستنكروا عدم إقامة جنازة رسمية للجنديين أو إقامة سرادق عزاء لهما، بعد أن تم نقلهما من الحدود إلى مثواهما الأخير في سيارة إسعاف على مدار 13 ساعة. ووصف النائب مصطفى بكري الحادث بأنه اعتداء على السيادة المصرية، وبأن الأمر كان يستوجب اللجوء إلى مجلس الأمن أو إعلان الحرب ضد إسرائيل، مستنكرًا عدم صدور أي رد فعل من قبل ما أسماها الحكومة الفاشلة وغير القادرة على الدفاع عن كرامة الجندي المصري. وأوضح أن الشعب المصري يشعر بالعار بعد التصريحات المتسرعة التي تحمل معاني الذل والسخافة من كبار المسئولين في الدولة ، متسائلاً: كيف نعطي الأمان للجندي المصري وهو يشعر بأنه بلا ثمن. وشاطره الرأي النائب فاروق بهجت إبراهيم، الذي تساءل بدوره عن الذنب الذي ارتكبه الجندي محمد بدوي حتى تغتاله رصاصات الصهاينة وهو الفلاح المصري الذي كان يدبر لقمة العيش ويحمي تراب مصر. من جانبها ، تساءلت النائبة هيام عامر عن مصير أبناء هذا الشهيد؛ فالأول لا يتعدى عمره عامين والثاني لا يزال في بطن أمه، بعد أن دفن أبوهما وكأن شيئا لم يحدث . وأبدى النائب طلعت مطاوع استغرابه من تجاهل الحكومة المصرية لهذا الحادث الإجرامي ، بعد أن قامت بنقل الشهيد أيمن السيد حامد من الحدود إلى بلده بلقاس وتم دفنه في الفجر ، دون أن تقيم الدولة سرادقًا للعزاء فيه. وطالب بضرورة إرسال تقرير الطبيب الشرعي إلى مجلس الشعب للتأكد من أنه لم يتم التمثيل بجثتي الشهيدين ولم تسرق بعض أعضائهما، وخاصة بعد أن شاهد وجه الشهيد وبه خمس طلقات إسرائيلية. واتهم النائب إسرائيل بقتل الجنديين عن قصد وعمد بعد أن ظلا تحت المراقبة الإسرائيلية ، مشيرا إلى أنه تم قتلهما داخل الحدود المصرية لنجاحهما في إخماد أكبر عملية تهريب سلاح إلى إسرائيل بقيمة 20 مليون دولار. وكشف عن أن مكافأة الجنديين من وزارة الداخلية لم تتجاوز خمسين جنيها، مطالبًا بتشكيل لجنة تقصى حقائق وبضرورة دفع إسرائيل تعويضا قدره عشرة ملايين دولار لأسرة كل جندي. من جهته، طالب النائب محمود مجاهد بإلغاء معاهدة كامب ديفيد ومحاربة إسرائيل، مؤكدا أنه خدم في الجيش عام 68 وأنه مازال لديه استعداد بعد أن تجاوز عمره الستين عامًا لأن يحارب مرة ثانية للثأر. وتساءل عن تصريحات وزير الخارجية عام 2004 حول مقتل ثلاث جنود مصريين عند معبر صلاح الدين برفح المصرية، متهمًا الحكومة بأنها مازالت مكتوفة الأيدي وتقابل إيهود أولمرت وتتصافح معه بعد مقتل الجنديين بيومين وكأن شيئا لم يكن. وأكد النائب السيد عسكر أن الشعب المصري يعيش في مأتم كبير ولا يستطيع الدفاع عن نفسه في ظل الحكم بقانون الطوارئ الذي أزل الشعب وأهدر كرامته، مستغربًا من استقبال إيهود أولمرت بالأحضان والتكريم وكأننا نقول للقتلة : اقتلوا ولا ثمن لجنودنا، على حد قوله. من جانبه قدم اللواء ممدوح شاهين رئيس الشئون الدستورية والقانونية بوزارة الدفاع تعازيه لأسرتي الشهيدين، مؤكدًا أن القوات المسلحة قادرة على حماية الوطن من أية اعتداءات خارجية، ونافيًا أن يكون الأمن القومي المصري مستباحًا كما قال بعض النواب. أما اللواء الدكتور أحمد ضياء الدين مساعد وزير الداخلية، فقد وصف الحادث بأنه جريمة لا بد من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها، مؤكدًا أن النيابة العسكرية تجري تحقيقاتها حول الحادث. وأشار إلى أن التقرير الخاص بالطب الشرعي لتحديد أسباب الوفاة لم يصل حتى الآن ، مؤكدا أن مقتل الجنديين المصريين تم داخل الأراضي الفلسطينية وليس داخل الأراضي المصرية كما ردد النواب . ونفى ما ردده النواب عن تجاهل الحكومة للجنديين، مؤكدًا إقامة مراسم شعبية وشرطية للشهيدين وأنه تم دفنهما على وجه السرعة بناء على رغبة أهليهما.