أقدم لحضرتك نماذج ثلاثة من البشر، وأرجوك أن تختار واحداً منها.. الأول واحد متدين- مسلم أو مسيحى- مخلص لعقيدته، لكنه متعصب والدليل على ذلك أن الغالبية العظمى من أصدقائه من ذات ملته، ويعامل من يختلف معه فى العقيدة بحذر!! وهو يستحق «تعظيم سلام» على إيمانه، و«صفر مربع» فى علاقته مع الناس!! وهذا النوع من البشر منتشر جداً فى مجتمعنا وتراه على الجانبين بين المسلمين والأقباط.. وحب ربنا هنا ليس صافياً، بل يشوبه التعصب. والنوع الثانى تجد «الدين مش على باله»!! رغم أنه مؤمن بالله بفطرته، وصدق نبى الإسلام عندما قال «إن الإنسان يولد على الفطرة...» لكن إيمان صاحبنا هذا لا ينعكس على سلوكه ولا تفكيره! وهذه النوعية تنقسم إلى قسمين، الغالبية الساحقة منها تنتمى إلى الطبقات الشعبية، فهم يأخذون من الدين قشوره وبعضاً من مظاهره! وهناك فئة محدودة العدد أكثر رقياً فى التعليم والتفكير موجودة عند المثقفين المبهورين بالغرب أو أصحاب الأفكار اليسارية والعلمانية، وكل واحد من هؤلاء يفسر الدين على هواه وبمزاجه!! ويدلى بدلوه فى موضوع لا يعرفه ولم يدرسه، مثل القول بأن الحجاب ليس إلا عادة بدوية للنساء والرجال ولا أساس له فى القرآن والسنة. وهذا قول شاذ بكل المقاييس لم يقل به أحد من العلماء فى القديم أو حتى بين الدعاة «المودرن»!! لكن استوقفنى قوله عن الزى الشرعى إنه عادة بدوية للنساء والرجال، وتساءلت وما دخل الرجالة فى هذا الموضوع؟ وهل كان بدو الصحراء زمان يرتدون الحجاب؟ وظننت- وبعض الظن إثم- أن هناك خطأ فى العنوان ولكن عندما راجعت متن كلامه وجدته يؤكد من جديد أن الحجاب عادة بدوية للنساء والرجال!! وفى تلك اللحظة تذكرت المثل الشعبى شر البلية ما يُضحك!! وحضرتك إذا طعنت فى إيمان هؤلاء تبقى غلطان لسببين، أما الأول فإن الملحد الذى يقول مفيش حاجة اسمها ربنا ولا حياة جديدة تنتظرنا فى الآخرة تجده نادراً فى بلادنا وعلى سبيل الاستثناء جداً! أما الغالبية العظمى من هؤلاء فنظرتهم إلى الدين غلط رغم إيمانهم بأن الله موجود، وبدلاً من أن تلعنهم عليك أن تدعو لهم لا عليهم!! وتأخذ بأيديهم وتشرح لهم ما غفل عنهم! والأمر الثانى والأهم أنه ليس من حقك اتهام غيرك بالكفر أو التشكيك فى إيمانه إذا اختلفت معه بل تترك ذلك لله سبحانه وتعالى ليحاسبه على آرائه، ويوم القيامة يفصل بين عباده. والنوع الثالث من البشر الإيمان أساسى عندهم، وهم منحازون إلى دينهم 100٪ ويحلم الواحد منهم بأن يرى تعاليم السماء موجودة فى حياتنا! ويرفض بقوة فصل الدين عن الحياة وحصره فى دور العبادة كما يطالب بذلك من يسمى بالعلمانى وهى تسمية غير مفهومة والغالبية الساحقة من أبناء مصر لا يعرفون معناها! والنموذج الثالث بالطبع مختلف.. إيمانه زى الفل وكذلك فى تعاملاته مع الناس فهذا المؤمن مفتوح على الجميع، ويعامل هذا البعيد عن تعاليم الدين بذات الأخلاق الحلوة التى يتعامل بها مع القريب منه! فهو عاشق بصحيح لربنا والناس والدنيا كلها، وأراهن أن حضرتك ستختار هذا النموذج بعيداً عن المتعصب واللادينى!! وأصارحك القول بأن المشكلة ليست فى الاختيار، بل فى التطبيق العملى، وأرجوك أن تكون قدوة لغيرك وأنت قادر على ذلك بإذن الله والمهم إرادة قوية وربنا يحفظك.