يبدأ مجلس الشعب اليوم، مناقشة مشروع قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد، الذى أعدته الحكومة، وسط تحذيرات من الطعن عليه بعدم الدستورية، حسب قانونيين وبرلمانيين، وممثلين للقطاع الخاص. واستبقت وزارة المالية مناقشات المشروع فى المجلس، بعقد مؤتمر موسع بمشاركة كلية التجارة - جامعة القاهرة، وهيئة المعونة الأمريكية، لإجراء حوار مجتمعى حول القانون. وشهد المؤتمر الذى عقدته الوزارة، أمس، انتقادات حادة من أصحاب الأعمال، ومنظمات المجتمع المدنى، لمشروع القانون، وطالبوا بإعادة النظر فى العقوبة البدنية التى نص عليها بالحبس عند وجود مخالفات، ووقائع التهرب التأمينى، والاكتفاء بتوقيع العقوبة المالية على المخالفين ومضاعفتها. كان مشروع القانون تضمن 5 مواد تتعلق بالعقوبات، التى تبدأ بالحبس مدة لا تزيد على 3 شهور، وغرامة لا تقل عن 1000 جنيه، وتنتهى بالحبس مدة لا تزيد عن سنة، وغرامة لا تزيد على 20 ألف جنيه، حسب الجرائم المختلفة. وكشف المستشار رجاء العربى، رئيس اللجنة التشريعية فى مجلس الشورى، أن الحكومة كانت مصرة ومتشددة خلال مناقشات مشروع القانون على وجود عقوبة الحبس، بغرض حماية الأموال، وضمان إستمرار تدفقها من الاشتراكات إلى صناديق التأمينات، وليس تعنتا منها تجاه أصحاب الأعمال، مشدداً على ضرورة تنقية القانون من العقوبات المقيدة للحريات، كما طالب بضرورة إلغاء العقوبات البدنية فى الجرائم المالية، موضحاً أن العقوبات غير المتناسبة مع الفعل تؤدى إلى الإفلاس وإغلاق المنشآت. وقال العربى: «أؤكد أن هذا الرأى يعبر عن وجهة نظرى الشخصية، وأقولها بطلاقة، وهى غير مدونة فى سجلات مجلس الشورى، ولو عاد بى الزمن لقلت هذا الرأى رسميا فى المجلس، إلا أن استعجال الحكومة لإحالة مشروع القانون إلى مجلس الشعب، حال دون المناقشات المستفيضة. واقترح العربى أن تتصاعد الغرامات المالية، بدلا من الحبس والاتفاق على وسيلة للتصالح مع المخالفين، وعدم اتخاذ قانون الضريبة على الدخل 91 لسنة 2005، نموذجا فى العقوبات فى قانون التأمينات، معربا عن دهشته من إعادة مجلس الشعب عقوبة الحبس والغرامة للمشروع، واصفاً ما حدث بأنه أمر قاسٍ وغير مقبول، رغم أن العقوبات فى القانون الحالى بسيطة جدا ومقبولة. وحذر عبد العزيز مصطفى، وكيل مجلس الشعب، من تعرض القانون للطعن بعدم دستوريته، واصفاً مطالب أصحاب الأعمال بأنها منطقية ولا خلاف عليها ويجب النظر إليها، ومنها عدم تناسب العقوبة البدنية مع الاتجاه العالمى، ومخاوفهم من سوء استغلال سلطة الضبطية لموظفى التأمينات، مما يهز الثقة فى الحكومة، فضلا عن تطبيق قانونين على مجتمع واحد فى وقت واحد. وأضاف مصطفى أن هذه المطالب بسيطة، ويجب على المسؤولين التفاعل مع توصيات رجال الأعمال لمصلحة البلد والاقتصاد، فضلاً عن ضرورة أن تتناسب العقوبة مع الفعل. وقال الدكتورمحمد الغتورى، رئيس جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية: إن النص على العقوبة البدنية فى القانون يضر بالاستثمارات الأجنبية والمحلية، ويؤثر سلبا على خلق فرص عمل، وزيادة معدلات النمو، مشيرا إلى ضرورة التفرقة بين المخالفات والتهرب وعقوباتهما المختلفة. وأضاف الغتورى أن العقوبات المالية الواردة فى مشروع القانون لا تتناسب على الإطلاق مع المخالفات، بينما تصل العقوبات البدنية إلى السجن لمدة عام، وغرامة تزيد على 50 ألف جنيه، مشيرا أن انتقال العامل من نظام تأمينى إلى آخر يمثل «ضغطاً أدبياً جباراً» على أصحاب الأعمال. فى المقابل، شدد المستشار أسامة شلبى، المستشار القانونى لوزير المالية، على أهمية العقوبات الرادعة للمخالفين من أصحاب الأعمال، بهدف الحد من التهرب التأمينى، وتحصيل الأموال الخاصة بالمؤمن عليهم، وإدخالها فى حساباتهم بالصناديق، فضلا عن حمايتهم، معتبراً أنه لا طائل من وراء القانون دون تشديد العقوبات، مستدركاً بأنه من الممكن إعادة النظر فى العقوبة البدنية، باستثناء وقائع التهرب التأمينى. وأكد الدكتور محمد معيط، مساعد وزير المالية لشؤون التأمينات والمعاشات، أن الوزارة لا تهدف إلى حبس رجال الأعمال، أو التأثير سلبا على مناخ الاستثمار، حسبما يردد البعض، منوهاً بإمكانية التعامل مع الأفكار المطروحة ومناقشتها، لتحقيق العدالة والحماية الاجتماعية والتوزان المالى. قال معيط إن مشروع القانون يهدف إلى تحقيق نوع من التوزان بين مصلحة نظام التأمينات الاجتماعية والملاءة المالية، وقدرته على الاستمرار والوفاء بالتزاماته للأجيال المقبلة، موضحاً أن المخصصات أو الاحتياطيات بالنظام الحالى تقدر بنحو 400 مليار جنيه.