الرجاء من كل السادة القراء والمواطنين الاستعداد لمتابعة اعتصامات وإضرابات من نوع جديد يختلف تماما عما اعتادت عليه مصر مؤخراً من غضب وصرخات بسطاء مطالبين بحق البقاء وحق الحلم وحق الحياة.. فالذين سيصرخون هذه المرة ليسوا بالضرورة أصحاب حقوق ولكن معظمهم على الأرجح أصحاب مصالح.. وبالتالى لن يعيش هؤلاء الدور حتى آخره ولن يستكملوا «شوط» الرفض والاعتصام حتى نهايته.. لن يقضوا ساعة واحدة فوق رصيف ولن يقفوا أمام البرلمان ولن يواجهوا الأمن المركزى.. لأنهم أول من يعرف أنهم جميعا ليسوا صادقين ولا مقنعين فى مكانهم وكلامهم وثورتهم وغضبهم.. أتحدث عن مسؤولى اللجنة الأوليمبية والمجلس القومى للرياضة وعن رؤساء الاتحادات الرياضية ومسؤوليها.. الذين بدأوا الحديث بصوت هامس وخافت احتجاجاً على قرار الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية، تخفيض مخصصات الرياضة فى موازنة السنة المالية الجديدة بنسبة 37% عن مخصصات السنة السابقة.. وكان من المفترض أن أنضم.. كصحفى رياضى.. إلى هؤلاء الرافضين والغاضبين دفاعاً عن الرياضة المصرية وواقعها وحصتها المالية من ميزانية الوطن.. وقد فكرت فى ذلك بالفعل لكننى تراجعت.. ليس نتيجة عدم اقتناعى بالرياضة وجدواها أو لأننى اكتشفت زيف كل ما كنت أكتبه طيلة السنوات الماضية.. وإنما لأننى لست على استعداد لأن أخوض أى حرب دفاعاً عن بقاء نفس الوجوه القديمة بأفكارها وبلادتها وترهل سياساتها وعجزها الفاضح والفادح عن ابتكار أى حلول أو خوض أى مغامرات حقيقية بحثاً عن مستقبل أفضل.. ولست أدافع هنا عن الدكتور يوسف بطرس.. الذى لم يبق فى أى منصب قبل وزارة المالية أكثر من عامين ينتقل بعدهما لمنصب آخر ليبقى ست سنوات كاملة وزيراً للمالية لأنه نجح جداً.. ليس فى ابتكار أفضل أساليب إنفاق المال.. وإنما أجاد طول الوقت فى ابتكار حلول تأتى بالمال من أولئك التعساء الحاضرين دوماً لتغطية أى عجز حكومى أو لتدبير لوازم أى ترف حكومى.. وكنت أتمنى لو ساعدنى مسؤولو الرياضة لأخرج إلى الشارع صارخاً فى وجه وزير المالية رافضاً قراره بتخفيض ميزانية الرياضة فى مصر.. ولكن تعالوا نناقش الأمر بهدوء.. فكثير من رؤساء الاتحادات الرياضية.. وفى مقدمتهم رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية.. قالوا إنهم نتيجة هذا التخفيض لا يعدون بأى ميدالية أوليمبية فى لندن 2012.. وبالطبع تسمع هذه التصريحات فلا تملك إلا أن تضحك.. لأن هؤلاء قبل تخفيض الميزانية لم يفوزوا أبداً بأى ميدالية.. والذى فاز منهم بميدالية.. هو أول من يعرف أنها لم تأت نتيجة تخطيط أو تدبير وموازنة وإنما هى المصادفة التى قد تصنع انتصاراً عشوائياً ومفاجئاً.. والذين فى ناحية أخرى سيزعمون أن هذا التخفيض سيؤثر على حق الفقراء فى اللعب وممارسة الرياضة.. ينسون أن هؤلاء الفقراء دائماً منسيون ومنفيون من الخريطة الرياضية الرسمية لمصر.. وستسمع طيلة الأيام المقبلة أكاذيب ومغالطات كثيرة لن تخرج منها إلا بانطباع واحد فقط هو أن الدكتور يوسف بطرس غالى يحب كثيراً وجداً كل هؤلاء الرجال.. فقد أعطاهم المبرر اللائق والأنيق لأى فشل وإخفاق وخيبة وعجز وتقصير.. أعفاهم من أى مسؤولية وأعطاهم العذر الذى كانوا يحتاجونه ليبقوا فوق مقاعدهم رغم عجزهم وقلة حيلتهم وهوانهم على أنفسهم وعلينا. [email protected]