ظاهرة جديدة علي المجتمع الاقتصادي المصري تكررت في العديد من القطاعات خلال العامين الماضيين وهي الاحتجاجات العمالية والتي أخذت أشكالا عديدة ما بين الاضراب عن العمل والاعتصام والتظاهر وذلك من أجل الحصول علي ما اسموه بحقوقهم المهدرة ونجح العمال في العديد من هذه الاحتجاجات في الحصول علي بعض مطالبهم الأمر الذي جعل العمال يكررون الاحتجاجات في العديد من الشركات ويرفعون شعار "الاضراب هو الحل"! الظاهرة وصلت إلي بعض الشركات التي لم يعرف عنها الاضراب او الاحتجاجات من قبل مثل شركة غزل شبين الكوم حيث اندلعت المظاهرات الصاخبة لأول مرة في تاريخها وتوقف العمل بالمصنع عدة أيام بعد ان كان العمل يستمر فيها 24 ساعة يوميا بل وفي أيام العطلات فيما انتقلت العدوي إلي غيرها من شركات النسيج التابعة لقطاع الأعمال العام ثم سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم في العديد من القطاعات الأخري مثل المطاحن والأسمنت لأسباب مبررة ومقبولة احيانا أو غير مبررة في حالات اخري ثم انتقلت العدوي من الشركات الحكومية الي القطاع الخاص مثيرة الكثير من الجدل بين خبراء الاقتصاد والمال والمسئولين والقيادات العمالية حيث يعتبرها البعض نتاجا طبيعيا للتحولات السياسية والاقتصادية فيما يري آخرون انها وسيلة من جانب العمال للي ذراع الحكومة والضغط عليها. ويتفق الجميع علي ضرورة ان يكون الاضراب مشروعا وان ينظم بطريقة سلمية اضافة الي التعبير عن مصالح عادلة ومشروعة حتي لا يتحول إلي وسيلة للبلطجة. كما يتفق الخبراء في ان الاضطرابات العمالية تسبب مشاكل للاقتصاد الوطني نتيجة توقف خطوط الانتاج ومن ثم تقل السلع والخدمات المعروضة وترتفع أسعارها تطبيقا لنظرية العرض والطلب إلا ان أحدا لم يستطع تحديد حجم خسائر الاقتصاد من الاضرابات العمالية مع التأكيد علي خطورتها علي تدفق الاستثمارات إضافة إلي التأثير السلبي في أسعار الشركات المتداولة في بورصة الأوراق المالية. وفي جانب آخر يكشف خبراء التأمين عن حقيقة جديدة في ملف الاضطرابات العمالية وهي عدم وجود تغطيات تأمينية مستخدمة ضد اخطار توقف او توقيف الآلات والمعدات والخسائر الناتجة عن التشغيل باستثناء الإدارات الأجنبية والشركات الاجنبية التي تحرص علي إبرام هذا النوع من التغطيات مع شركات التأمين فيما يتجاهلها القطاعان العام والخاص المحلي وبالتالي لا تعويضات عن توقف العمل مما يجعل جميع الاطراف في موقع الخسارة! تحولات اجتماعية يقول الدكتور عبد المطلب عبد الحميد استاذ الاقتصاد وعميد اكاديمة السادات للعلوم الادارية للبحوث اننا نشهد الآن تحولات سياسية ودستورية تاريخية حيث تعكس التعديلات الدستورية التي تم اقرارها مؤخرا واقعا جديدا في المجتمع المصري واقتصاده بعد التحول الي آليات السوق حيث تتم عملية التحول منذ 1990 وبالتالي ليس من الغريب أن تتوافق التعديلات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية مع ظواهر جديدة علي المجتمع مثل مظاهرات العمال والتي تعد الوجه المقابل للحرية الاقتصادية وقوانين العمل الجديدة. ويري د.عبد المطلب انه مع الاتجاه الي اقتصاديات السوق وتنظيم العلاقة ما بين العمال وأصحاب الأعمال يصبح حق الاضراب عن العمل احدي السمات الأساسية التي تمثل التطور في المجتمع. ويستطرد الدكتور عبد المطلب عبدالحميد قائلا ان العبرة في مسألة الاضرابات والاعتصامات الالتزام بالشرعية حيث يعد الاضراب حقا مشروعا إلا أنه في نفس الوقت يجب أن يرتبط بمشاكل حقيقية ومطالب عادلة مشيرا الي انه في الدول المتقدمة يحصل العمال علي حقوقهم واحيانا اكثر منها لانهم يمتلكون نقابات قوية قادرة علي التعبير عن مطالبهم والدفاع عن مصالحهم وهذا يمكن ان يتحقق في مصر مع تقوية دور منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية التي تستند الي قاعدة قوية ولديها القدرة علي التفاوض. ويشير عميد اكاديمية السادات الي اهمية تحقيق التوازن بين حقوق العمال وبين اصحاب العمل بحيث يستفيد العمال من التطورات التشريعية والسياسية والاجتماعية للحصول علي مطالبهم العادلة من خلال النقابات المهنية والعمالية وتفعيل دور اتحاد العمال في المفاوضات التي تجري مع الحكومة أو ارباب الأعمال من القطاع الخاص موضحا انه إذا كان الحق في الاضراب مشروعا ومكفولا بمقتضي القانون فانه يجب استعمال هذا الحق بضوابط مشددة وألا يتحول الي وسيلة للي ذراع الحكومة او اصحاب الاعمال او يستخدم لتحقيق اغراض غير مشروعة ومطالب غير عادلة وألا تحول الحق المشروع إلي وسيلة للبلطجة المرفوضة تماما.