منذ عامين ونصف، يقبع طالب كلية الهندسة عثمان القواسمي (24 عاما) في سجون السلطة الفلسطينية على خلفية انتمائه السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ورغم توقيع أكثر من اتفاق لتنفيذ اتفاق المصالحة وإنهاء الانقسام الذي كان السبب الرئيسي في اعتقاله، لم يطرأ على وضعه ثمة تغيير. والد عثمان، الذي تحمل مشقة السفر للوصول إلى رام الله ليشارك في اعتصام نفذ، الأربعاء، أمام مقر المقاطعة، للمطالبة بالإفراج عن ابنه، قال: «منذ عامين ونحن نسمع أن أبناءنا سيخرجون من السجون، حال توقيع اتفاق المصالحة، إلا ان شيئا لم يتحقق، ورغم كل قرارات المحاكم الفلسطينية بالإفراج عن عثمان، إلا أن الأجهزة الأمنية ترفض ذلك». وأبدى والد عثمان، في حديثه ل«المصري اليوم»، قلقه على مستقبل ابنه ومصيره في ظل عدم امتثال الأجهزة الأمنية لهذه القرارات، وعدم الإفراج عن ابنه رغم كل الاتفاقيات التي وقعت وأعلن خلالها عن الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين. وكان 5 معتقلين في سجون السلطة الفلسطينية قد أعلنوا إضرابا عن الطعام، احتجاجا على استمرار اعتقالهم، وهو ما أثار تخوف الأهالي على مصير أبنائهم، حال استمرار إضرابهم. من جانبها، نظمت لجنة أهالي المعتقلين في سجون السلطة اعتصامات متتالية ضد اعتقال أبنائها، كان آخرها اعتصاما ضخما في وسط رام الله، وأمام المقاطعة لمطالبة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) والقيادة الفلسطينية بالعمل على تنفيذ وعودها بالإفراج عن أبنائها. وانعكست تلك الاضطرابات على الانتخابات، إذ أعلنت قيادة «حماس» في قطاع غزة وقف عمل لجنة الانتخابات المركزية في القطاع، احتجاجا على استمرار الاعتقالات السياسية ضد كوادرها في الضفة الغربية، وسياسية الاستدعاءات التي لم تتوقف أبدا، على حد تبريرها. وفي تعليق ل«المصري اليوم»، قال نائب المجلس التشريعي عن حركة «حماس» والمبعد من مدينة القدس إلى رام الله، أحمد عطون: «الاحتجاجات والاعتصامات الجارية الآن هي رسالة لكل القيادات أننا فقدنا الثقة فيكم، خاصة بعد عجزهم عن إطلاق سراح أبنائنا كاستحقاق طبيعي للتوافق الفلسطيني». وقال عطون «الشعب الفلسطيني لن يرضى باستمرار احتجاز الأسرى من حركة حماس التي لا تزال تعيش بين مطرقتي السلطة الفلسطينية والاحتلال». واعتبر البرلماني الحمساوي أن المصالحة تتطلب إرادة سياسية لحل كل القضايا العالقة، وفي مقدمتها إطلاق المعتقلين السياسيين، قائلا «المصالحة ليست تشكيل حكومة وتسجيل الناخبين، إنما تهيئة مناخ تصالحي على الأرض من خلال إطلاق المعتقلين ووقف الاستدعاءات». وبحسب الإحصاءات التي أوردتها لجنة أهالي المعتقلين السياسيين لدى سجون السلطة، فإن عدد المعتقلين في سجون الأجهزة الأمنية في الضفة بلغ 85 معتقلا، نصفهم يملكون قرارات الإفراج عنهم من المحكمة العدل الفلسطينية. وتعتبر قضية المعتقلين السياسيين والاستدعاءات للتحقيق والفصل الوظيفي على خلفية الانتماء السياسي في الضفة من أكبر العقبات التي واجهت عمل لجنة الحريات التي انبثقت عن اتفاق المصالحة في القاهرة. ويقول رئيس اللجنة، دكتور مصطفى البرغوثي، إن أكثر القضايا العالقة خلال عمل لجنة الحريات هو إنهاء ملف الاعتقال السياسي والفصل الوظيفي وإغلاق الجمعيات وتأمين حرية العمل السياسي في الضفة و القطاع وتوزيع الصحف. وأضاف ل«المصري اليوم» أن «الاختبار الحقيقي على جدية تطبيق اتفاق المصالحة على الأرض هو تطبيق كافة هذه القرارات».
