■ بعد إعلان عقوبة الفيفا على مصر بشأن التعدى على أتوبيس البعثة الجزائرية وقذفه بالطوب والحجارة وهو فى الطريق من المطار إلى الفندق.. باتت هناك فوضى إعلامية هائلة لا حدود لها وخلط مزعج ومربك طال كل التفاصيل والحقائق مما يستوجب ضرورة الهدوء وإعادة التأمل وترتيب كل الأوراق من جديد فى ملفاتها.. وأول ملف يخص ما جرى بالفعل فى طريق المطار والذى تبين لاحقا أنه جرى بالفعل.. ولم يكن كله تمثيلا وادعاء.. وكان هناك بالفعل من ألقى بالطوب والحجارة على الأتوبيس الجزائرى.. ولأنه لم يعد هناك مجال لإنكار ذلك.. فلابد من اعتذار رسمى وحقيقى وواضح من اتحاد الكرة لكل المصريين لأن الاتحاد فى البداية قام.. أو حاول وأسهم وشارك فى تضليل كل المصريين بترويج أكاذيب وقصص وحكايات بدا فى النهاية أنها ليست صحيحة.. لابد أيضا من اعتذار يتقدم به كل إعلامى شارك فى هذا الكذب والتضليل.. وهو اعتذار لن ينتقص من قدر أى أحد.. ولكنه اعتذار واجب وهى فضيلة دائما أن نرجع إلى الحق وأن نعترف به.. فلا سائق أتوبيس شاهد لاعبى الجزائر وهم يرشون وجوههم بالكاتشب ولا كانت مسرحية مختلقة بسيناريو جزائرى.. وإذا كان من الصعب الآن المطالبة بهؤلاء الذين قاموا بهذا السلوك المعيب.. فلابد من تغيير فى سلوك مصرى جماعى بشأن هذه الحوادث وتكرارها مستقبلا سواء فى الدورى المصرى أو مباريات المنتخب والأندية الأفريقية.. لم يعد ممكنا التسامح مع أى متعصبين يعتدون على أى أتوبيس يخص أى فريق منافس.. ولا النظر بعين الرحمة أو الشفقة مع كل من يخرج على أى قانون أو نظام.. وهذا هو الملف الثانى فى هذه القضية.. فبعض الناس يقولون إن اتحاد الكرة ليس مسؤولا عن تأمين بعثة أى فريق وهى فى الطريق بعيدا عن الملعب.. وهذا ليس صحيحا.. فاتحاد الكرة مسؤول مسؤولية مباشرة عن تأمين أى منتخب يأتى إلى مصر.. وبدلا من هذا الجدل بشأن لوائح الفيفا التى لا نقرأها ولا ندرسها.. تعالوا نستند إلى هذه القاعدة التى حفظناها كلنا الآن.. وننتظر أى طوبة أو أى اعتداء على أى أتوبيس مصرى يخص المنتخب أوناد مصرى لنقيم الدنيا ولا نقعدها حتى ننال حقوقنا.. وفى نفس الوقت ننتبه إلى أن أى طوبة من متعصب مهووس وأهوج على أتوبيس بعثة شبيبة القبائل سواء فى الإسماعيلية أولا ثم فى القاهرة لاحقا.. سيعنى عقوبات رادعة على الناديين الكبيرين.. الإسماعيلى والأهلى.. قد تخرجهما من دورى الأبطال الأفريقى أو تخصم منهما نقاط مع غرامات مالية موجعة ومرهقة.. أما الملف الثالث.. فهو ذلك الملف الوهمى الشهير الذى أرهقنا مسؤولو اتحاد الكرة فى الماضى بقوته وصلابته واحتوائه على جميع المستندات والأدلة التى تدين اعتداء الجزائريين على الجمهور المصرى فى الخرطوم.. ثم تبين بعد ذلك أنه ليس هناك أى ملف مصرى على الإطلاق.. وهذا أيضا يستوجب اعتذاراً واضحاً وصريحاً من كل مسؤولى اتحاد الكرة الذين مارسوا علينا الكذب كثيرا وطويلا ولابد أن يبدوا لنا الآن ما نستحقه من احترام لأننا فى الحقيقة لا نستحق مثل هذه الأكاذيب ولا مثل هؤلاء الرجال.. ولابد أن يصبح ذلك هو النقطة الفاصلة.. إذ إننا ممكن أن نقبل اعتذارهم هذه المرة.. لكن ليس فى أى مرة مقبلة.. فالذى يكذب على الناس بعد اليوم عليه أن يرحل شاعراً بالخجل عارفاً أنه لم يعد له مكان ولم يعد صالحاً لأى مسئولية.. وقد قالت لجنة الانضباط بالفيفا إنها مضطرة لأن تغلق نهائياً ملف الشكوى المصرية ضد ما جرى فى السودان لأنه من المفترض تقديم الشكوى خلال ثمانية وأربعين ساعة فقط عقب وقوع الخطأ أو ارتكاب الإثم أو الفعل.. ولأن الأدلة المصرية المقدمة للفيفا لا ترقى وليست كافية حتى لأن تكون هناك قضية.. ونأتى بعد ذلك للملف الرابع وهو الذى يخص هذه العقوبة نفسها.. فبعض الناس سيرون أنها أقل مما توقعوه وبعض آخر سيتعامل معها باعتبارها فضيحة جديدة للجبلاية ورجالها.. وفى حقيقة الأمر هى عقوبة محتملة وليست قاسية أو مزعجة باعتبار أنه لا الغرامة ولا مباراتين للمنتخب خارج استاد القاهرة أمر يمثل عائقاً أو عقبة فى تصفيات كأس العالم المقبلة.. لكنها باتت سابقة فى أى أمر قادم وستصبح هذه العقوبة مستنداً يمنح الفيفا أو الكاف حقاً كاملاً وشرعياً فى إدانة مصر عند أى خطأ فى المستقبل.. وفى الملف الخامس لابد أن نضع ورقة تصبح بمثابة حد فاصل بين روراوة وبعض الصحفيين والإعلاميين والكتاب الجزائريين.. وبين الجزائر نفسها.. وإذا كنا سنرفض اختصار مصر كلها وأهلها فى صورة أى شخص أخطأ.. فإننا فى المقابل سنرفض أيضا اختصار الجزائر كلها فى روراوة أو أى جزائرى يسىء إلى مصر والمصريين.. وأتمنى وأناشد أى إعلامى مصرى أن يجيد التفريق بين الشخوص وبين الشعوب.. بين كتابات بعضهم أو كلماتهم وبين الجزائر كدولة لها تاريخ وحاضر ومكانة وكبرياء وعطاء حقيقى وجميل فى مختلف مجالات الحياة.. وفى حقيقة الأمر أظن أننا كإعلاميين.. مثل كل المسؤولين.. مدينون باعتذار للمصريين.. سواء اعتذار الذى كذب.. أو اعتذار الذى أساء الفهم والتقدير والحساب.. أو اعتذار الذى شارك بقصد أو دون قصد فى تضليل الناس.. أو اعتذار الذى جرى وراء مصالح ومكاسب شخصية على حساب الناس والحقائق.. أو اعتذار الذى لم يكن يعلم وخاف أو خجل أن يخرج للناس ويقول إنه لا يعرف ولا يفهم.. فهذا الاعتذار الجماعى.. لمصر وللمصريين وحدهم وليس لأى أحد آخر.. هو البداية الواجبة والصحيحة لأن يعود الجميع إلى رشده وصوابه من أجل بداية جديدة وإعلام جديد فى مصر ولمصر وعن مصر ولمصلحة الكرة وجماهيرها فى مصر. ■ رغم تقديرى واحترامى لكل الأساتذة والزملاء الذين شرعوا بالفعل فى تحليل النسخة الثالثة والخمسين لبطولة الدورى العام لكرة القدم فى مصر.. وكتاباتهم وأرقامهم ورؤاهم للدورى فنيا ورقميا وكل ملاحظاتهم الجديرة بالشكر والثناء والاهتمام.. فإننى أظن أن ذلك كله لم يعد كافيا وإنما لابد من إضافة رؤية أخرى للدورى فى مصر.. فنحن طول الوقت نتكلم عن هذا الدورى وننشغل به ونتابعه وتثيرنا مفاجآته وحساباته وتربكنا أزماته وفضائحه وننتظر نتائجه، ومن الذى فاز فى النهاية ومن الذى جمع حقائبه مضطرا للرحيل.. لكننا فى حقيقة الأمر نجهل أى أمور أخرى تخص هذا الدورى.. نحن لا نعرف ميزانية كاملة لهذا الدورى.. تكلفته سواء بالنسبة للاتحاد ولجانه المختلفة أو الأندية وما تتحمله من نفقات للتعاقد مع لاعبين وأجهزة فنية وموظفين وعمال وإيجار ملاعب وتنقلات وإقامة.. أو فرق التصوير التليفزيونى ونفقات الأمن التى تتحملها وزارة الداخلية ونفقات الإسعاف التى تتحملها وزارة الصحة.. أو إيراداته سواء من بيع حقوق البث أو بيع تذاكر المباريات أو الرعاية والإعلانات سواء كانت رعاية مباشرة للاتحاد وبطولته الكبرى أو للأندية وعلى فانلاتها أو داخل حدود الملاعب وفى جوانبها.. إلى جانب الإعلانات المتناثرة على مختلف الشاشات أثناء إذاعة المباريات وفى استوديوهات التحليل.. هذا بالطبع غير عدد الجماهير المنشغلة بهذا الدورى طول الموسم وتتواجد فى مدرجات الملاعب أو أمام الشاشات أو مع ميكروفونات إذاعة الشباب والرياضة وإذاعات الإنترنت.. وعدد العاملين والمنتفعين بهذا الدورى بداية من المسؤولين الكبار والإعلاميين وحتى العمال البسطاء فى الأندية والملاعب.. باختصار: نحن لا نعرف شيئا عن هذا الدورى الذى استمر مائتى وأربعة وثمانين يوما بالضبط.. ومن الصعب أن نعرف لأن معظم هذه الأرقام سرية.. ليس لأنها من المفروض أن تكون سرية ولكن لأننا لا نحب الوضوح الذى قد يجعل أى أحد عرضة للمساءلة ونعشق الغموض والفوضى اللذين يعفياننا كلنا من أى تفتيش أو عقاب.. ففى كل بلدان العالم تتوافر كل هذه الأرقام، ومن حق الجميع معرفتها وتداولها وتحليلها أيضا.. أما فى مصر.. فالدورى العام للكرة إما مؤسسة عسكرية ممنوع الاقتراب منها أو تصويرها.. أو هو منشأة نووية سرية الكل يعرف مكانها لكن لا أحد يجرؤ على دخولها.. وبالتالى نحن الآن أمام نقطة فاصلة.. إما أن تبقى كل الأمور على حالها بفوضويتها، وغموضها الذى يسمح بكل أو أى فساد ممكن.. أو يخرج كل شىء للنور.. فنعرف كل الميزانيات ونملك كل الأرقام ونستطيع أن نحسب حجم إنفاق كل ناد بدقة على كرة القدم وحجم إيراداته منها.. وحجم إنفاق مصر كلها على كرة القدم وحجم إيراداتها منها سواء كانت إيرادات مالية أو اجتماعية أو سياسية أو إعلامية.. وهذه هى البداية التى لابد منها كخطوة أولى لإصلاح كل شىء.. بداية لأن نملك الحق أولا فى معرفة كم يساوى هذا الدورى جماهيريا وإعلاميا وبالتالى نستطيع بأنفسنا تقييم السعر المناسب لبيع حقوق بث مبارياته تليفزيونيا.. وأيضا لكى نستطيع أن نوافق أو نرفض طلب أى مدرب للمنتخب بإيقاف الدورى سواء من أجل معسكر إعداد أو مباراة ودية.. ثم نملك الحق ثانيا فى محاسبة مجلس إدارة أى ناد.. سواء كان يملكه الناس أو تملكه وزارة أو هيئة أو شركة.. على حجم إنفاقه وجدوى هذا الإنفاق ودقته وضرورته والعائد منه.. وأخيرا لكى نبدأ كلنا التفكير فى تحويل كرة القدم إلى صناعة مصرية صالحة للتصدير.. فكرة القدم ممكن أن تكون مصدر إيراد لمصر لو جرى التفكير فيها بهذا المعنى.. وهذا يتطلب أولا شجاعة مع النفس ومواجهة رصينة للحقائق.. فنحن بالفعل لا نحتاج مدربين أجانب ولا لاعبين أيضا.. وإذا كان من الممكن استثناء أندية الدورى الممتاز من ذلك مؤقتا.. فمن السخف والعبث السماح لأندية الدرجتين الثانية والثالثة باستيراد لاعبين أفارقة يدفع ثمنهم السيد الوزير المحافظ من صندوق خدمات المحافظة.. ولماذا لا نسعى لفتح أبواب دول عربية وأفريقية لمدربين ولاعبين مصريين وبمساندة كاملة من الإعلام الرياضى المصرى بكل فصائله وأشكاله.. وأمور أخرى كثيرة لن يمكن حسمها والشروع فيها إلا إذا امتلكنا الحقائق كلها والأرقام المؤكدة أولا.. فى كل الدنيا.. لا إصلاح ولا تطوير ولا تغيير إلا بمعرفة الحقائق والأرقام.. فإن غابت الحقائق واختفت الأرقام.. فلا تحلموا أو تنتظروا أو تطلبوا أى إصلاح. ■ لا أظن أننى متجنٍ أو متعسف فى استخدام حق الإعلام وسطوته لو طالبت الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى، بإلغاء سفر الوفد المصرى الذى سيسافر للمغرب فى آخر شهر مايو الحالى للمشاركة فى اجتماع المكتب التنفيذى للجامعات لعرض آخر استعدادات مصر لاستضافة الدورة الرياضية العربية الثانية للجامعات فى مصر فى شهر أكتوبر المقبل.. ولست أطلب ذلك من الوزير بقصد الإساءة من أى نوع لأعضاء الوفد المسافر أو للتقليل من مكانتهم وقدرهم العلمى أو الرياضى.. ولا أتحدث هنا عن شخوص بقدر ما أتحدث عن سياسات ورؤى.. فأنا للأسف الشديد، لست من المؤمنين بالرياضة فى الجامعة كديكور سياسى أو اجتماعى، ولم أحترم يوما تلك المهرجانات الرياضية الجامعية الزائفة والأسابيع الوهمية لشباب الجامعات المصرية.. وإنما أطالب دائما بضرورة عودة الرياضة الحقيقية للجامعة.. سواء كانت جامعات خاصة يفترض أنها تملك الإمكانات والملاعب ولوازم الرياضة المختلفة.. أو كانت جامعات حكومية يملك كثير منها أيضا الملاعب والوسائل اللازمة.. ولكن المشكلة أن القائمين على الجامعات الخاصة أو الحكومية يتعاملون مع الرياضة بمنتهى التعالى غير المفهوم وباحتقار لا مبرر له.. وهم لا يرون لها أى وظيفة إلا شحن الطلبة الجامعيين كل سنة إلى أى مدينة مصرية ومبايعة الرئيس مبارك مع قصائد محفوظة وتقليدية يلقى بها رؤساء الجامعات والمحافظون والوزراء.. وطالما أنه لا رياضة حقيقية فى أى جامعة مصرية اللهم إلا استثناءات قليلة جدا.. فلا داعى إذن ولا مبرر أصلا لأن تحرص مصر وتسعى لاستضافة دورة عربية رياضية للجامعات.. فهى بالنسبة لمصر دورة لا داعى لها ولا معنى أيضا.. وإنفاق مالى ضخم لا لزوم له ولا عائد منه سياسيا أو رياضيا.. وعلى الرغم من أنه لم يعد لائقا بمصر أن تعتذر الآن عن عدم استضافة هذه الدورة فأنه لم تعد هناك ضرورة لوفود تسافر وأخرى تعود ومؤتمرات ولجان وتقارير، وكأنها دورة رياضية حقيقية أو كأن جامعاتنا لا تزال قادرة على اللعب.. وفى حقيقة الأمر.. أنا أريد من الدكتور هانى هلال أن يخرج ويصارحنا ببعض حقائقنا التى تجاهلناها كثيرا.. وهى أنه لا رياضة فى جامعاتنا.. فى شركاتنا.. فى أقاليمنا.. فى معظم مراكز شبابنا.. ونحن كلنا حتى الآن نصرّ على تجاهل الحقائق والواقع لأننا أصبحنا نهوى الزيف وخداع النفس والآخرين.. أحلنا كل شىء فى حياتنا إلى مجرد ديكور.. حياتنا كلها فى بلادنا اقتربت من أن تصبح مجرد كذبة كبرى. [email protected]