■ اعتدنا فى معظم كتاباتنا الأخيرة بشأن اتحاد الكرة أن نحيل كل القضايا إلى شخوص.. فلا نناقش القضية نفسها بقدر ما نكتب عن الشخص سواء هجوما عليه أو دفاعا عنه.. بند سنوات الثمانى يصبح فجأة اسمه سمير زاهر.. المنتخب الأوليمبى يصبح هانى أبوريدة.. لجنة شؤون اللاعبين تصبح مجدى عبدالغنى.. وهكذا تضيع القضايا ولا نحسم أى نقاش بشأنها، وغالبا نغلق ملفاتها ليبقى الأشخاص وحدهم ملء السمع والبصر.. والآن أحاول كسر هذه القاعدة فأكتب عن قضية مهمة وعاجلة دون انشغال بالأسماء والوجوه.. فقد فوجئت بأن هناك داخل اتحاد الكرة الآن من يريدون أن يقدم الاتحاد المصرى لكرة القدم اعتذارا رسميا للجزائر عن واقعة إلقاء الطوب والحجارة على الأتوبيس الجزائرى فى القاهرة قبل مباراة المنتخبين فى تصفيات كأس العالم.. ويؤكد أصحاب هذه الرغبة أنهم يريدون هذا الخطاب لأنهم يحبون مصر.. وبالتالى هم يخافون عليها أكثر منا جميعا.. ويقولون إن لديهم معلومات بأن الفيفا سيخصم من مصر ثلاث نقاط فى تصفيات كأس العالم المقبلة، وهم يريدون هذا الاعتذار حتى لا تتعرض مصر لهذه العقوبة.. وهكذا يضغطون على زملائهم ليصدر هذا الاعتذار الرسمى على وجه السرعة. وأنا شخصيا لا أصدق شيئا من هذا العبث.. ولو كان الفيفا قد أجرى تحقيقاته بالفعل وقرر إدانة مصر وعقابها بخصم ثلاث نقاط من التصفيات المقبلة.. فهل خطاب اعتذار رسمى من الاتحاد المصرى للاتحاد الجزائرى سيقنع الفيفا بإلغاء العقوبة.. وهل يدير الفيفا شؤون كرة القدم فى العالم بهذا الأسلوب؟ أن تخطئ وتجرى تعتذر فيقبل الجميع اعتذارك ويمزقون أوراق التحقيقات وقرارات العقوبات كأن شيئا لم يكن.. ثم ما الذى جرى بالفعل بخصوص هذه الواقعة.. متعصبون ألقوا طوبا وحجارة على أتوبيس البعثة الجزائرية.. هل هى أول مرة فى تاريخ الكرة.. أم أنه أمر يتكرر طوال الوقت وبشكل أفظع وأفدح مما جرى يومها فى القاهرة.. فلماذا لم نشهد الفيفا يتعامل من قبل مع هذه الحوادث بمثل هذه الصرامة وهذه الحساسية.. ثم ما علاقة الفيفا أصلا بطوب وحجارة تم إلقاؤها فى أحد شوارع القاهرة.. وهل اهتزت الأعصاب واحترقت المشاعر فى أروقة الفيفا نتيجة إلقاء طوبة على أتوبيس فى القاهرة، بينما رأينا الهدوء والاستقرار واللامبالاة فى نفس تلك الأروقة ومنتخب توجو يموت اثنان من لاعبيه، نتيجة الاعتداء المسلح بينما كان المنتخب مسافرا إلى أنجولا للمشاركة فى كأس الأمم؟.. وما التفسير الرسمى.. الحقيقى والمقنع.. الذى يمكن أن يقدمه لنا اتحاد الكرة الآن بعدما أكد بلاتر، رئيس الفيفا، أن مصر لم تتقدم حتى الآن بأى ملف بشأن التجاوزات الجزائرية؟.. هل ذلك جزء من مؤامرة بعض المصريين على مصر.. أم أن هناك صفقات ومكاسب مخفية نحن لم نعرفها بعد؟.. على أى حال أنا لا يهمنى أن أعرف.. ولكننى بالفعل لا أقبل كل ما يقال الآن داخل الاتحاد المصرى بشأن تحذيراتهم الوهمية خوفا من عقوبات للفيفا بشأن مصر.. وأناشد رئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد الرجوع إلى الشارع المصرى، وما إذا كان يقبل هذا الاعتذار الرسمى أم لا؟.. لأننى أظن أن المصريين فى عمومهم.. ومن حسن شحاتة إلى أصغر طفل.. لن يقبلوا بهذا الاعتذار حتى لو كان الثمن هو خصم ثلاث نقاط بالفعل من التصفيات المقبلة.. خصوصا أنها نقاط مخصومة فى التصفيات التمهيدية وليست النهائية.. وحتى لو كانت نهائية.. فلن نقبل أبدا بمثل هذا الاعتذار، الذى لن يكون مجرد اعتذار رسمى لاتحاد الكرة.. ولكنه سيكون إهانة لبلد بأسره.. بجماهيره وحكومته وأمنه وإعلامه.. فهل بات بيننا من هم على استعداد للتضحية بكل ذلك من أجل أن يرضى عنهم محمد بن همام، القطرى رئيس الاتحاد الآسيوى، نائب رئيس الفيفا؟.. فيسعد الرجل بأنه الوحيد الذى أغلق ملف الأزمة المصرية الجزائرية.. ولست أكره بن همام أو أكرهه، ولكننى لا أقبل أن تصبح بلدى ثمنا للحظة يزهو فيها بن همام بقوته أو سطوته أو يصبح مصر مجرد ورقة فى ملف خطة بن همام ومناوراته لانتخابات الفيفا المقبلة.. وهل بات بيننا من يتخيل أن مصر باتت رخيصة إلى حد أن تهب كلها وتعتذر وتخلع عنها كرامتها وكبرياءها لمجرد أن يخرج محمد روراوة منتصرا على بلد بحاله.. ومن أجل أن تبقى الصداقة وأن تدوم؟.. والآن أنا احتمى وأستقوى بالشارع المصرى وبالمصريين، الذين يحبون هذا الوطن وبالمسؤولين الذين لم تسرق منهم الأيام نخوتهم وكرامتهم.. للتصدى لمثل هذا العبث وحتى لا ينجح هؤلاء فى بيع مصر فى السوق وبأرخص ثمن. ■ لو كان من حقى أن أعارض كثيرين من عشاق الزمالك واقتناعهم بأن ناديهم ضحية مؤامرات اتحاد الكرة والإعلام، الذى فى رأيهم منحاز دائما للأهلى.. فإنه من حقى أيضا أن أرفض تماما تلك الدعاوى التى خرجت من الأهلى تتهم الحكام المصريين بالتآمر على الأهلى والعمل على وقف انتصاراته، وإلى حد أن تفكر إدارة الأهلى جديا فى الاستعانة بحكام أجانب حتى نهاية الموسم.. فليس اتحاد الكرة ضد الزمالك ولا الحكام ضد الأهلى.. ولم يعد من الممكن أو المقبول أن يقرر كل من الناديين الكبيرين الهرب من مشكلاتهما وأزماتهما بالبحث عن شماعات خارجية للهرب من مواجهة النفس.. فالأخطاء الإدارية فى الزمالك لن يحلها الهجوم الدائم على اتحاد الكرة والإعلام، وكأن الاتحاد والإعلاميين هم الذين يقومون بتحرير العقود غير المكتملة أو يسيؤون التخطيط والترتيب.. والأخطاء الفنية فى الأهلى لن يحسمها الهجوم القاسى وغير المبرر أو المفهوم على الحكام وكأنهم وحدهم مسؤولون عن النقاط التى بدأت تضيع تدريجيا من الأهلى مباراة بعد أخرى.. وأتمنى أن يأتى اليوم الذى أجد فيه مسؤولا فى الزمالك يمتلك الشجاعة، ويخرج للناس معتذرا ومعترفا بأنه أخطأ.. وقتها سيحصد هذا المسؤول احتراما أعمق وأكبر من مجرد المزايدة والتلاعب بمشاعر عشاق للزمالك لا يتصورون مطلقا أن ناديهم ممكن أن يخطئ ويخسر دون أن يظلمه أو يتآمر عليه أحد.. أتمنى أيضا يوما ما أن يعترف فيه حسام البدرى بأنه أخطأ ويعتذر لجمهور الأهلى الذى سيتفهم وسيقف وراءه بدلا من المزايدة والقاء المسؤولية على الحكام، وكأن كل الحكام فى مصر باتوا عشاقا للون الأبيض يرفضون ويكرهون أن يفوز الأهلى.. ولا أنكر أن هناك بعض مسؤولى الاتحاد وبعض الإعلاميين يكرهون الزمالك، وأن هؤلاء كانوا يتباكون على الزمالك وهو يعيش المحنة، فإن زالت الأزمة بان واتضح تعصبهم ضد الزمالك.. ولكن هذا لا يعنى أن كل المسؤولين أو كل الإعلاميين ضد الزمالك.. لا أنكر أيضا أن هناك أخطاء للحكام.. لكنها بالتأكيد أخطاء ليست متعمدة ولا هى نتيجة مؤامرة واتفاقات سرية.. كما أنها ليست أخطاء تقع فى حق الأهلى فقط.. وإنما تدفع ثمنها كل أندية الدورى بلا استثناء.. ومن المؤكد أن ما نراه الآن على الساحة الكروية.. مجرد تجسيد واضح لحياتنا العامة فى مصر.. حيث لا أحد يعترف بخطأ.. لا أحد يعتذر عن تقصير.. لا أحد يواجه نفسه أو يواجه الناس.. لا أحد أيضا يريد الحقيقة إن لم تأت توافق مصلحته وهواه وما يريد ويتمنى.. كما أنه لا أحد بات على استعداد لحوار هادئ ومحترم يسوده المنطق بعيدا عن التشنج والصراخ وتبادل الشتائم والإهانات. ■ لن أتحدث كثيرا عن بطولة كأس العالم للجودو، التى تستضيفها مصر فى الخامس عشر من مارس المقبل.. فهى بطولة قد لا تعنى شيئا لكثيرين هنا، وهناك لم يعودوا يرون إلا كرة القدم وحدها.. بطولة لن يهتم بها كثيرون رغم أن مصر الآن تملك لاعبين رائعين يسكنهم طموح مشروع وجميل بالفوز بميداليات الذهب فى كأس العالم.. إسلام الشهابى ورمضان درويش وحاتم عبدالآخر ومحمد درويش وأمين الهادف وأحمد عوض.. ولكننى سأتحدث فقط عن رغبة رئيس الاتحاد الدولى للجودو.. ماريوس فايزر.. فى لقاء الرئيس مبارك.. وأتمنى أن يقبل الرئيس مبارك ويوافق على هذا اللقاء.. فلايريد رئيس الاتحاد الدولى للجودو مجرد لقاء تكريمى يعتز ويسعد به وينتهى بصورة تذكارية تجمعه بالرئيس مبارك.. وإنما يود ماريوس فايزر إحياء مشروع قديم وجميل وضرورى جدا.. مشروع يتلخص فى استثمار فلسفة الجودو وطبيعته لمصلحة الصغار والفقراء فى دارفور.. ولن يقوم به الاتحاد الدولى للجودو فقط.. وإنما ستشارك فيه الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبى والحكومة النرويجية والفاتيكان وأكاديمية نوبل للسلام ويرعاه بشكل شخصى ومباشر الرئيس الروسى السابق فلاديمير بوتين.. ولأن حظوظى سمحت لى بأن أكون المستشار الإعلامى للاتحادين الأوروبى والدولى للجودو وأحد الأعضاء المؤسسين لحركة الجودو من أجل السلام.. فقد أتيحت لى الفرصة أن أصيغ كل تفاصيل المشروع وأحدد كل بنوده وخطواته، وألتقى المسؤولين عنه فى كل مكان، وأتفاوض معهم وأشاركهم الرأى والتخطيط.. وقد سبق أن اقترحت أن تصبح القاهرة هى المقر الرئيسى لهذا المشروع الضخم، ووافقوا جميعهم على ذلك.. هى التى تشارف وتشرف على إدارته ومنها تنتقل كل التبرعات وكل لوازم إعادة البهجة والفرحة والأمان للفقراء الصغار فى دارفور.. وإذا كان المجلس القومى للرياضة قد أقدم على خطوة رائعة تتمثل فى تنظيم بطولة رياضية لدول حوض النيل فى النصف الثانى من العام الحالى بالتعاون والتنسيق مع وزارة الخارجية- فإن مشروعاً دولياً للجودو من أجل السلام تشرف عليه وتشارك فيه ويدار من مصر-سيصبح خطوة مهمة جدا فى إطار التحول الرسمى المصرى فى ضرورة استثمار الرياضة لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية عليا.. ولهذا أناشد الرئيس مبارك استقبال رئيس الاتحاد الدولى للجودو.. الذى سيأتى للقاهرة ليشاهد كأس العالم.. بطولة أتمنى الاهتمام بها ربما أكثر من اهتمامنا باللعبة نفسها.. لأنها بالنسبة لنا قد لا تكون مجرد بطولة نستضيفها، وإنما قد تكون بداية لطريق حقيقى وجميل تحتاجه وتقدر عليه مصر. [email protected]