«كلهم عايزين يبقوا أغنياء فى 3 دقائق».. هكذا بدأ د. عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى، حديثه معلقا على إقبال الشباب على المضاربة فى البورصة، وأضاف الخبير «كان الهدف من إنشاء البورصة المصرية قبل قيام الثورة عام 1952 هو تعبئة مدخرات الأفراد ودمجها فى التوسع الاستثمارى للمنشأة ذات الطابع الإنتاجى بمختلف المجالات، وكان معظم المستثمرين فى البورصة من الأجانب وكبار المزارعين الذين كانوا يستثمرون فى بورصة القطن المصرى الشهيرة». وتابع: «عندما جاءت الثورة كان هدفها وضع الخطط المستقبلية دون الاعتماد على المضاربة وانتظار نتائج الحظ والاستثمار فى البورصة، لذلك قررت حكومة الثورة إلغاء البورصة، لكن سوق المال عادت مرة أخرى على استحياء لكن الوضع كان مختلفا لأن أصول الشركات كانت مملوكة للدولة مما أضاع الفرصة على أصحاب رأس المال فى شراء أسهم وسندات فى الشركات. ومع أوائل الثمانينيات عادت البورصة لتفتح أبوابها أمام بعض الذين لا يعرفون شيئا عن البورصة ولم يكن لدى غالبيتهم أى مهنة، وكل ما كانوا يريدونه هو الربح، واستفادوا من القروض الأمريكية والأوربية التى ضختها الدول الغربية فى السوق، بشرط أن تمنح بدرجة كبيرة للقطاع الخاص، وقتها تحولت البورصة إلى مائدة قمار عالمية خاصة، بعد انهيار كل الحواجز والحوائط وأصبح الحديث عن سوق المال العالمية هدف الجميع». وعن تأثير البورصة على شرائح مختلفة من المجتمع المصرى يقول الخبير «كان لهذا الأمر أثر كبير على المجتمع إذ تحول الدور الوظيفى للبورصة من المشاركة فى تنمية المشروعات إلى مكان لممارسة القمار والمضاربة، والسبب فى ذلك أن الأجانب أصبحوا يمثلون ما بين30 و40٪ من هيكل البورصة المصرية، وهم يستثمرون لتحقيق أكبر ربح فى أسرع وقت وبعد المضاربة على أسهم وسندات الشركات يتبخر بعضهم من السوق أو يحولون مضاربتهم على شركات أخرى، وهو الأمر الذى يؤدى لانهيار سوق الأسهم». ويتابع د. عبد الخالق «الخاسر الأول فى هذه العملية هو المستثمر الصغير، ورغم أن عدد المستثمرين الصغار لا يتعدى 70 ألفاً إلا أنهم يشكلون القاعدة العريضة للبورصة المصرية ويتأثرون بأى أخبار قد تكون كاذبة أو أى خروج كبير للمستثمرين الكبار أو (الحيتان) من السوق». ولفت د.فاروق إلى أن نسبة كبيرة من الجيل الجديد من الشباب اتجهوا إلى دراسة سوق المال والمضاربة أو السمسرة فى البورصة المصرية لأنه «يحلمون بتحقيق معجزة الربح السريع ففكرة الطموح عند الشباب مرتبطة بالنشاط المالى والتوقعات بالأرباح الكبيرة التى ستنقله إلى عالم الأغنياء فى غمضة عين والحكومة نفسها ساعدت بشكل كبير على نشر هذه الثقافة بين الشباب». ويرى الخبير أن الحكومة «تراخت فى اتخاذ الإجراءات الإيجابية من أجل النهوض بالبورصة المصرية أسوة ببعض الدول الأوربية التى نجحت فى ضبط إيقاع حركة أموال المضاربين، وعلى الحكومة المصرية وضع ضوابط صارمة لدخول السوق أو الخروج منها، وفرض مهلة زمنية محددة لتفادى حدث اضطرابات بالبورصة يدفع ثمنها المستثمر الصغير، فضلا عن ذلك يجب أن تكون جميع قرارات البورصة فى إطار من الشفافية، وأن يتم تدريب الشباب وتوجيههم للاستثمار فى سندات أكثر أمانا مثل السندات الحكومية»