مثلكم تماماً.. أعرف أنه صعب جداً أن يدع أى أحد فرحة مصر الكروية بالفوز على غينيا أمس الأول والاقتراب خطوة جديدة من حلم التأهل لنهائيات كأس العالم.. وألا ينشغل بنهائيات أمم أوروبا المقامة حالياً بمبارياتها ومفاجآتها وجمالياتها - ليقرأ ما أكتبه اليوم عن نقابة المهن الرياضية.. ولهذا ترددت كثيراً قبل الكتابة عن هذه النقابة، بل سخرت من نفسى حين تخيلت الناس يريدون الحديث عن منتخب بوب برادلى وانتصاره الأفريقى وعن نجوم أوروبا وعروضهم المثيرة والساحرة فيأتى أحد ويفاجئهم بنقابة المهن الرياضية.. لكن الأمر مهم والسكوت عنه قد يكون من الأخطاء الفادحة التى لا يقبل بها الضمير الإعلامى.. إذ إنه وسط انشغال الوسط الرياضى كله فى مصر بقضايا وهموم ومواجع وتحديات حقيقية مزعجة.. قام الدكتور عماد البنانى كرئيس للمجلس القومى للرياضة بترشيح نفسه نقيبا للرياضيين.. وتم إغلاق الباب أمس الأول، ليصبح هناك ثلاثة مرشحين لمنصب النقيب: الدكتور كمال درويش والدكتور فاروق عبدالوهاب، إلى جانب رئيس المجلس القومى للرياضة الذى قرر ترشيح نفسه نقيباً.. ولست هنا أناقش الانتخابات نفسها أو يعنينى من الذى سيشغل منصب النقيب.. وإنما أتوقف أمام هذه المعانى المزعجة لقرار الدكتور عماد البنانى بخوض هذه الانتخابات وكأننا نعود بالرياضة المصرية إلى عصر ما قبل ثورة يناير.. فالمسؤول الحكومى الأول عن الرياضة المصرية قرر أن يصبح أيضا نقيبا للرياضيين، يحمل همومهم وشكاواهم للحكومة، ويطالب بأحلامهم وحقوقهم ويتحدث بالنيابة عنهم.. تماما مثلما كان وزراء الحكومة وأصحاب قراراتها هم أيضاً، وفى الوقت نفسه نواب الشعب تحت قبة البرلمان الذين يراقبون الحكومة ويحاسبونها بالنيابة عن الشعب.. والمسؤول الحكومى عن العمال هو نقيب العمال.. وبقية العجائب والغرائب الأخرى فى مصر مع مبارك التى بدأنا نعود تدريجيا لنفس قواعدها وأفكارها وسياساتها.. ورغم ذلك فليس هذا هو التناقض الوحيد فى قرار البنانى ترشيح نفسه نقيباً، إنما نجد أنفسنا أيضا أمام المسؤول الحكومى المكلف بمراقبة أعمال النقابة وحساباتها، والذى يملك حق محاسبة نقيبها ومن معه ويقدر على إقالتهم وتعيين مجلس مؤقت ويدعو لانتخابات جديدة.. هذا الرجل، فجأة، يصبح هو النقيب أيضا.. أى أنه هو الذى يراقب نفسه ويحاسبها ويسألها.. فهل يمكن أن نجد البنانى كرئيس للمجلس القومى يقرر التفتيش على أعمال وأموال نقابة الرياضيين ويحل مجلس إدارتها برئاسة البنانى إن كانت هناك مخالفات كما سبق أن حدث فى الماضى.. أم أنه منتهى العبث وخلط الأوراق والأدوار.. وكأن الرياضيين المصريين لم يعد فيهم من يستطيع القيام بمهام وواجبات النقيب فيتولاها نفس الرجل الذى يدير الرياضة وبحكم منصبه يراقب أعمال النقابة؟! والمشكلة أننى كنت واحدا ممن أيدوا الدكتور عماد البنانى فى فرض بند الثمانى سنوات على الأندية والاتحادات، اقتناعا بألا يبقى أى مسؤول فى اتحاد أو نادٍ أكثر من ثمانى سنوات ضمانا للتجديد والتغيير والحيوية وتعدد الأفكار والوجوه.. وفجأة، نجد البنانى يدمر أصلا سياسة تغيير الوجوه لنجد وجها واحدا يدير الرياضة رسمياً والوجه نفسه يصبح النقيب الذى يتحدث بالنيابة عن كل الرياضيين فى مواجهة الحكومة ومؤسساتها. ومعظم أعضاء النقابة موظفون أصلا فى المجلس القومى للرياضة.. أو يعملون فى مؤسسات رياضية تخضع لسلطات البنانى.. فهل سيسمح لهم البنانى بكل شىء مقابل أصواتهم وبالتالى يفقد قوته كرئيس دون أى داع أو ضرورة؟! والأخطر من ذلك أن البنانى أتم اتفاقه مع الإخوان المسلمين ليساندوه فى تلك الانتخابات المقبلة ليصبح هو النقيب ويصبحوا هم كل أعضاء مجلس الإدارة. [email protected]
