بعد أكثر من عام من توليه منصبه وإعلانه أن إحلال السلام فى المنطقة هو إحدى الأولويات الرئيسية لإدارته، عبر الرئيس الأمريكى باراك أوباما عن شعوره بالإحباط بسبب تعثر جهود السلام فى الشرق الأوسط، قائلاً إن الإسرائيليين والفلسطينيين ربما غير جاهزين لتسوية صراعهما مهما كان حجم الضغط الذى تمارسه واشنطن، وأضاف أوباما، بعد أن استضاف قمة للأمن النووى، أنه ليس لديه أمل يذكر لتقدم سريع باتجاه السلام فى المنطقة. وتابع أوباما قائلاً أمس الأول: «الحقيقة هو أنه فى بعض الصراعات، فإن الولاياتالمتحدة لا يمكنها فرض حلول ما لم تكن أطراف هذه الصراعات مستعدة لنبذ الأنماط القديمة للعداء»، لكن أوباما أصر على أن الولاياتالمتحدة ستواصل مساعيها وستكون «حاضرة بشكل دائم»، معتبرا أن التقدم فى قضايا مثل السلام فى الشرق الأوسط وحظر الانتشار النووى ينبغى أن يقاس «ليس بالأيام أو الأسابيع.. بل إنه سيستغرق وقتاً وستكون هناك إحباطات». وتعثرت تحركات السلام التى تقودها الولاياتالمتحدة بسبب نزاع بشأن البناء الاستيطانى اليهودى فى الأراضى المحتلة أثار توترا فى الروابط بين واشنطن وحليفها الوثيق إسرائيل، وبسبب انقسامات بين الفلسطينيين، ولم يقدم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تنازلات تذكر فى محادثاته مع أوباما فى البيت الأبيض الشهر الماضى. من جهتها، طالبت السلطة الفلسطينية، أمس، الإدارة الأمريكية ب«إجبار» إسرائيل على تنفيذ خطة خارطة الطريق، بالطريقة نفسها التى أجبرت فيها الجانب الفلسطينى على القبول بتلك الخطة. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة: «قبلنا بخارطة الطريق التى فرضت علينا من اللجنة الرباعية الدولية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، والمطلوب الآن إجبار إسرائيل على القبول بها وتنفيذها كما أجبرنا على قبولها وتنفيذ الالتزامات الواردة بالخطة على الجانب الفلسطينى». وفى ظل الكبوة فى العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية، طالب أكثر من 3 أرباع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى إدارة أوباما أمس الأول بالتهدئة مع إسرائيل. ففى رسالة وجهت إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، دعا 76 عضواً فى مجلس الشيوخ (من أصل 100عضو) وزيرة الخارجية إلى «تجديد تأكيد العلاقات التى لا تنفصم بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، وإلى احتواء سريع للتوتر». وجاء فى الرسالة- التى صاغتها لجنة الشؤون العامة الأمريكية- الإسرائيلية (إيباك)، التى تعد أقوى لوبى صهيونى فى الولاياتالمتحدة- «نكتب لكم لنطلب فعل كل ما هو ممكن حتى لا تؤدى التوترات الحالية (مع إسرائيل) إلى تعطيل المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية أو الإضرار بالعلاقات الإسرائيلية الأمريكية»، واتهموا القادة الفلسطينيين بالنكوص عن سياسة استمرت 16 عاما وذلك برفض الدخول فى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وبالإقدام بدلا من ذلك على طرح ما وصفوه ب«قائمة طويلة من الشروط غير المسبوقة»، وزعموا أن نتنياهو، على العكس من ذلك، أكد بشكل لا لبس فيه أنه «متشوق» لبدء مفاوضات سلام غير مشروطة. كان نتنياهو لفت الأنظار هذا الأسبوع بغيابه عن قمة الأمن النووى فى واشنطن فى خطوة تعكس عزلة إسرائيل المتزايدة على الساحة الدولية. ومنذ أن تولى مهامه قبل عام، اضطر زعيم اليمين الإسرائيلى لإدارة الأزمات الدبلوماسية الواحدة تلو الأخرى ويواجه فى الوقت نفسه توقفا كاملا لعملية السلام مع الفلسطينيين. ولم يقتصر الأمر على تزايد الخلافات مع مصر والأردن، البلدان العربيان الوحيدان اللذان وقعا اتفاقى سلام مع الدولة العبرية، بل طال العلاقات مع تركيا، التى بقيت لفترة طويلة حليفة استراتيجية لإسرائيل. وتدهورت هذه العلاقات بعد الحرب الأخيرة على غزة والإهانة العلنية التى وجهت إلى السفير التركى فى إسرائيل. كما ظهرت خلافات مؤخرا مع عدد كبير من الدول الأوروبية، خصوصا الإسكندنافية. لكن التطور الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للقادة الإسرائيليين هو الفتور فى العلاقات مع واشنطن الذى لا يدل أى شىء على أنه عابر. ويرى عديد من المسؤولين الأمريكيين المدنيين والعسكريين أن سياسة نتنياهو تعرقل جهود الولاياتالمتحدة للتقارب مع العالم العربى والإسلامى. واستمراراً لتداعيات القرار الإسرائيلى الأخير الذى يمنع الفلسطينيين الذين لا يحملون هوية الضفة الغربية أو تصريحا خاصا، من التواجد فيها باعتبارهم «متسللين»، اعتصم عشرات من العائلات الفلسطينية من قطاع غزة المقيمة فى الضفة الغربية احتجاجاً على القرار، وحمل المشاركون فى الاعتصام الذى جرى أمس الأول لافتات تندد بالقرار الإسرائيلى، مثل «على صدوركم باقون»، و«نحن هنا باقون فلتشربوا من البحر»، «من حقى أن أتنقل فى وطنى». ويقدر عدد الفلسطينيين من قطاع غزة المقيمين فى الضفة الغربية بأكثر من 30 ألفا، منهم من قدم قبل سنوات بموجب تصاريح للدراسة فى الجامعات الفلسطينية. جاء ذلك فيما اعتبر الدكتور غسان الخطيب، مدير مكتب الإعلام الحكومى فى مجلس الوزراء الفلسطينى، أن الخطوة الإسرائيلية تأتى كجزء من المساعى الإسرائيلية لاستبدال الفلسطينيين بأكبر عدد من المستوطنين. وفى غضون ذلك، اعتدى مستوطنون متطرفون على مسجد بلال بن رباح فى بلدة حوارة جنوبى مدينة نابلس شمال الضفة الغربية. وقال مسؤول ملف الاستيطان فى شمال الضفة الغربية غسان دغلس إن مجموعات من المستوطنين انطلقوا من مستوطنة «يتسهار» القريبة وهاجموا البلدة تحت جنح الظلام لتنفيذ اعتداءات على ممتلكات المواطنين، حيث أحرقوا سيارتين، كما هاجموا المسجد وكتبوا على مدخله شعارات عنصرية باللغة العبرية ورسموا نجمة داوود السداسية.