تسبب الغياب الأمني عن محافظة الجيزة، في عدة أزمات منها انتشار الباعة الجائلين والبلطجية، والسرقات بالإكراه، فضلا عن تضخم نفوذ إمبراطورية الميكروباص في شوارع بولاق والشوربجي وأحياء منطقتي فيصل والعمرانية، ما حول المحافظة إلى جمهورية للباعة والبلطجية. انتشر الباعة الجائلون في الشوارع الجانبية لميادين الجيزة والدقي والمنيب، ما أصاب هذه الميادين بالشلل المروري التام، خاصة في أوقات الظهيرة وساعات الذروة، وتختلف البضائع المعروضة في كل ميدان كما تختلف بضائع الصباح عن نظيرتها المعروضة في المساء، حيث يظهر باعة الملابس والأحذية بشكل مكثف ليلا، بينما تكسو سيارات الفاكهة والمسليات صباحا، بالإضافة إلى بضائع أخرى متنوعة تساهم في توقف الحياة تماما بالميدان. وفي ظل حالة الانفلات الأمني تحولت كباري المشاة المؤدية إلى أحياء بولاق الدكرور، خاصة «كوبري شارع ناهيا وهمفرست» إلى أماكن خطرة، السير فيها أشبه بمغامرة، بسبب تكدس الباعة الجائلين، في حين أصبحت سيارات الأجرة داخل بولاق والشوارع الداخلية بحي فيصل، مجرد قطعة من الحديد «بأربع عجلات» تسير دون نوافذ أو إشارات أو حتى لوحات معدنية. أما في شارع «نبيل طه» المتفرع من شارع «حسن محمد» فقد أصبحت أصوات طلقات «فرد الخرطوش» هي الصوت الوحيد المسموع، بسبب انتشار السلاح الناري في المنطقة والشوارع الرئيسية بشكل مبالغ فيه. تقول منى أحمد، إحدي سكان الشارع: «قبل سنوات كان الشباب يخاف من إطلاق النار في الهواء، بسبب التواجد الأمني، ولو حدث فالأكيد أن الطلقات التي ضربت كانت تطلق في (فرح)، بينما اليوم أصبح إطلاق الأعيرة النارية سمة من سمات الشارع والمنطقة بالكامل، لدرجة أن الشباب الذي يجلس عند مقهى الثورة وأمام مسجد «آل كنعهان» أصبح يتبارى في عدد الطلقات التي تطلق يوميا». وأضاف إسلام صلاح، من سكان شارع محمد صلاح الدين: «للأسف الشديد أصيبت زوجتي بحالة فزع جراء الطلق الناري المستمر في الشارع، وهو ما تسبب في إصابتها بآلام القولون العصبي والآم حادة في المعدة من شدة الخوف والقلق، فيما ينزوي أطفالي في الشقة عقب سماع صوت الطلق الناري المستمر، خوفًا من هجوم اللصوص». وقد كشفت حوادث السرقات المتعاقبة والتي تسجل ضد مجهول، بسبب فشل القيادات الأمنية في الجيزة للوصول إلى الجاني لضبطه، «اللهم إلا إذا وقع بالصدفة». وحسب تصريحات حازم عبد الباقي لاشين، صاحب سوبر ماركت، الذي تعرض محله للسرقة مرتين خلال ثلاث أشهر، دون أن يحرك الأمن ساكنا، يقول: «تعرضت للسرقة مرتين وحررت المحاضر اللازمة، وعندما يئست من الغياب الأمني أبلغت السيد المحافظ والذي قام بإبلاغ السيد مدير الأمن وانتظرت لعلي أستمع لخبر إلقاء القبض على المجرمين، لكن دون جدوى، وذلك رغم أن السرقة الأولى كانت بالإكراه، حيث دخل الجناة علينا بالسلاح، وقاموا بسرقة محتويات المحل، وبعد مرور 3 أشهر تمت السرقة الثانية بعد غلق المحل بساعتين، وفي كل مرة كنت أحرر المحضر وأنتظر إلقاء القبض على اللصوص، ولايحدث». كما أن اختفاء السولار والبنزين من محطات الوقود بالجيزة، وظهوره في الوقت نفسه في السوق السوداء أسفل الطريق الدائري، دليل آخر على غياب الأمن في محافظة الجيزة، حيث تباع السلع البترولية من سولار وبنزين على مرأى ومسمع من الجميع، دون أن تحرك القيادات الأمنية ساكنا، ودون أن تلقي القبض على أحد التجار أو توقف إحدى سيارات التهريب قبل ضخ كميات البنزين والسولار للسوق السوداء.
