لم أحضر أى مهرجان للسينما فى الدول العربية عام 2009، ولا حتى مهرجان القاهرة، ولذلك لم أشاهد الفيلم التسجيلى المصرى الطويل «كاريوكا» إخراج نبيهة لطفى فى عرضه الأول فى مهرجان أبوظبى فى أكتوبر، وأخيراً شاهدت الفيلم على أسطوانة، ودهشت من عدم الاهتمام بعرضه فى المنتديات الثقافية أو على أى من القنوات التليفزيونية حيث تعرض الأفلام التسجيلية فى بلادنا رغم أنه حدث يعيد الأمل فى السينما التسجيلية المصرية التى تنازع الموت منذ عقدين على الأقل. ومن اللافت أنه فى نفس هذين العقدين شهدت السينما التسجيلية فى العالم من خلال الأفلام الطويلة ما يمكن اعتباره العصر الذهبى الأول فى تاريخها، فبعد أن كانت على هامش السينما، أصبحت تنافس الأفلام الروائية الطويلة فى السوق، وتدر الملايين بدورها. وترجع أزمة السينما التسجيلية فى مصر إلى سببين رئيسيين، أولهما: غياب حرية التعبير حيث توجد تلال من المحرمات سواء فى معالجة التاريخ أو الواقع، وثانيهما: غياب أرشيف حقيقى للأفلام والصور والوثائق السينمائية. وبفضل مخرجة تؤمن بالسينما التسجيلية، وتعطى حياتها لها، مثل نبيهة لطفى، جاء فيلم «كاريوكا» رغم كل المعوقات حدثاً غير مسبوق عن فنانة جمعت بين موهبتى الرقص والتمثيل، وتعتبر من أعلام السينما المصرية فى القرن العشرين الميلادى حيث ولدت فى بدايته عام 1915، وفارقت الحياة عام 1999 فى آخر سنوات ذلك القرن. رقصت كاريوكا ومثلت ما يقرب من 150 فيلماً ومسرحية وتمثيلية للراديو والتليفزيون، منها 125 فيلماً من «الدكتور فرحات» إخراج توجو مزراحى عام 1935، إلى «الجراج» إخراج علاء كريم عام 1995، وكانت فى فنها وحياتها ابنة حقيقية لمصر الليبرالية، وعرفت بمواقفها الوطنية الشجاعة، ولذلك اعتقلت عام 1953، وشاركت فى مناصرة الشعب الفلسطينى عام 1982، وفى إضراب الفنانين ضد القانون 103 عام 1987.. وقد عبر الفيلم عن مواقفها السياسية، وإن جاءت مساحة التعبير عن هذه المواقف كبيرة نسبياً بحكم اهتمامات المخرجة، ويلاحظ عدم وجود وثائق سينمائية أو تليفزيونية تتحدث فيها كاريوكا عن حياتها وفنها. ويستمد أى فيلم تسجيلى قيمته أساساً من البحث والدراسة، فهو مثل أى رسالة علمية، ولكن بلغة السينما. وفى فيلم نبيهة لطفى العديد من الوثائق النادرة التى لم تعرض قط من قبل على شاشة السينما، مثل لقطات المشاركة فى مهرجان الشباب فى بوخارست عام 1955، والفيلم من ناحية أخرى فيلم «مقاومة» للأصوات القبيحة التى تحرم الرقص وتكفر الفنون [email protected]