فى أول حوار له باللغة الإنجليزية منذ عودته للقاهرة، قال الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لصحيفة «جارديان» البريطانية، إن الحكومات الغربية سوف تواجه خطر ظهور جيل جديد من المتطرفين الإسلاميين إذا استمرت فى دعم الأنظمة القمعية بمنطقة الشرق الأوسط، وأكد أن استراتيجية دعم الحكام المستبدين لمواجهة خطر التطرف أثبتت فشلها. وأكد البرادعى، فى الحوار الذى نشرته الصحيفة، على موقعها مساء أمس الأول، أن «هناك حاجة حقيقية لمراجعة هذه الاستراتيجيات.. والفكرة السائدة أن البديل الوحيد للحكومات المستبدة هى أسامة بن لان ورفاقه هى فكرة خاطئة، ومع ذلك فإن استمرار السياسات الحالية سيحقق هذه النبوءة»، وأضاف: «ألاحظ زيادة التطرف فى هذه المنطقة من العالم، ولكنى أتفهم أسبابه، يشعر الناس بالكبت من الحكومات كما يشعرون بالمعاملة الظالمة من العالم الخارجى، الناس تستيقظ فى الصباح على أخبار القتلى، والقتلى هم المسلمون من أفغانستان والعراق والصومال والسودان ودارفور». وقال البرادعى، للصحيفة الإنجليزية، إنه يشعر براحة تامة لالتزامه بالحذر أثناء رئاسته وكالة الطاقة الذرية، وأكد أن جميع تقاريره فى الفترة التى سبقت الحرب على العراق كانت تهدف إلى أن تكون «بمأمن من إساءة استخدامها على يد الحكومات»، وقال: «آمل أن تكون الدروس المستفادة من العراق، سواء فى لندن والولايات المتحدة، قد بدأت تتضح، بالطبع هناك حكام مستبدون، ولكن هل أنت على استعداد للتضحية بمليون مدنى برىء فى كل مرة تحاول فيها التخلص من ديكتاتور واحد؟ كل المؤشرات التى جاءت من العراق لم تكن فى الحقيقة تتعلق بأسلحة الدمار الشامل، ولكنها كانت تتعلق بتغيير النظام، ولم أتوقف عن طرح هذا السؤال: أين نجد بند تغيير النظام فى القانون الدولى؟ وإذا كان ما حدث يمثل انتهاكاً للقانون الدولى، فمن هو المسؤول عن ذلك؟». واعتبر البرادعى أن السياسات الغربية تجاه هذا الجزء من العالم «حققت فشلاً كاملاً»؛ لأنها «لا ترتكز على الحوار أو التفاهم ودعم المجتمع المدنى وتمكين الناس، لكنها تعتمد على فكرة دعم الانظمة الاستبدادية ما دامت مستمرة فى إمدادهم بالنفط، والسياسة الغربية تراهن على الأفراد الذين لا يتمتعون بأى دعم من شعوبهم ويفقدون مصداقيتهم كل يوم». وطالب البرادعى الغرب بأن ينظر بعين الاعتبار لمقدار الشعبية التى يحظى بها كل من الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد وحسن نصرالله، زعيم حزب الله، فى منطقة الشرق الأوسط، مؤكداً أن شعبيتهما توجه إشارة للغرب مفادها أن رسالته لا تصل للناس. وشدد البرادعى على أن الغرب إذا لم يفتح عينيه على حقيقة الديمقراطية «الزائفة» فى مصر، فإنه يخاطر بفقدان أى مصداقية فى المعركة ضد الإرهاب، وقال: «يتحدث الغرب كثيرا عن الانتخابات التى جرت فى إيران، ولكن على الأقل كانت هناك انتخابات، أين الانتخابات أصلا فى العالم العربى؟، إذا لم يتحدث الغرب عن هذه القضايا فكيف ستكون له مصداقية، فقط إذا قمت بتدعيم الليبراليين، والاشتراكيين المعتدلين، وجميع الفصائل فى المجتمع، عندها فقط يمكن تهميش المتطرفين». وفى سؤال للجارديان حول تعرض البرادعى لأى موقف يهدد أمنه فى مصر باعتباره المرشح المحتمل للرئاسة، أكد أنه لا يخاف حدوث أى مشاكل من أجهزة الأمن المصرية، وكشف أن العديد من الحكومات الأجنبية أعربت عن قلقها حول سلامته خاصة مع وجود تقارير عن تعرض مؤيديه للتعذيب على يد الشرطة، وقال، بينما كان يتحدث من داخل منزله: «لقد سمعت هذه المخاوف من العديد من الحكومات الأجنبية، ويأتى الناس ليقولوا لى كن أكثر حرصا، ولكنى لا أرغب فى الحركة محاطا بالحراس.. الناس الذين يعيشون الفقر والحرمان يلتفون حولى فى الشارع قائلين: نريد التغيير.. وأنا أرغب فى سماعهم».