الأمومة تجربة خاصة جدا، تقلب حياة المرأة رأسا على عقب وتعيد صياغة روحها من جديد، فتكسبها بعض الصفات أو تجعلها تتخلى عن أخرى قديمة، وربما تعمق فيها خصالاً كانت موجودة بالفعل أصبحت بفضل الأمومة أكثر جلاء ووضوحا. الدكتورة عبلة إبراهيم، المدير الأسبق لإدارة الطفولة بالجامعة العربية، تقول: الأمومة نعمة ورحمة لكل من الأم والأبناء، دون هذه العاطفة سيشعر الطرفان بجفاف الحياة، أولادى لطفوا حياتى، بفضلهم صارت أكثر نداوة وارتواء، فى بداية زواجى رفضت الإنجاب، كنت أخشى من المستقبل وتفشى أوبئة جديدة وتفاقم معاناة البشر على أولادى، لم أرد لهم الشقاء وتغيرت النظرة وأنجبتهم، وصرت لأجل ذلك قوية، شعرت بأنه ينبغى أن أسعى لحماية مستقبلهم من التحديات القائمة والمتوقعة، هذه القوة التى أمدتنى بها الأمومة، انعكست على كل أمور حياتى وليس على أسرتى وأولادى فقط، وجعلتنى أكثر تحديا للمصاعب، وأكملت بفضلها دراساتى الحرة وأنا أم وموظفة، الوقت الذى كنت أرتاح فيه فقط وأنا فى السيارة، فلم أسمح لنفسى بالتقصير، كما لم أسمح للشعور بالذنب أن يطعن فى أمومتى، وقد دفعت ثمن هذا من صحتى، وليس من متعتى، فأمتع الأحاسيس أن تجدى أبناءك راضين، ليس عنك فقط، وإنما عن الحياة فى حد ذاتها. الكاتبة فريدة النقاش تقول: الأمومة تجربة خاصة، أضافت لى عمقا جديدا وحساسية مضاعفة تجاه العالم والأطفال بشكل محدد، وجعلتنى أكثر صبرا، وأقدر على قراءة الشخصيات، صغارى علمونى أن أتلمس احتياجاتهم دون أن يفصحوا عنها، فى مرحلة ما كانوا أضعف من أن يفهموا أنفسهم ويعبروا عن مطالبهم، بعد أن أصبحت أما صرت مكترثة بتحقيق التوازن فى حياتى وأن أعطى كل شىء نصيبه دون أن أطغى على أشياء أخرى، الأبناء قادرون على تغيير الحياة للأفضل بلا شك، ليس للأم فقط، وإنما للأب أيضا، وللمجتمع ككل، والمشكلة أن الجميع ينظر إليهم باعتبارهم مسؤولية تخص المرأة فقط، ولا ينتبهون إلى أنها مسؤولية مشتركة وعلى الجميع أن يقدم تسهيلاته للأم حتى يجنى الكل ثمرات هذه الهبات الجميلة. آمنة نصير، الأستاذ بجامعة الأزهر، تقول: الأمومة جعلتنى أكثر تضحية، وإيثاراً للغير، من أجل أبنائى قدمت الكثير من التنازلات، تنازلت عن راحتى، أجلت مشاريعى العلمية، جعلتنى أعطى الأولوية لمن يستحقها وليس لنفسى فقط، علمتنى كم أن الإنسان غال وكريم، وتأملت أكثر فى حكم الله وخلقه، خاصة بعد أن ساقتنى غريزة الأمومة لفعل أشياء بالفطرة تخيلت أنها من المستحيلات قبل ذلك، كأن أهب حياتى للآخرين بالكامل، وأتخلى عن راحتى ونومى وهنائى لأيام متواصلة تصنع بدورها سنوات متواصلة.