تذكرت بألم كيف حرمت فى صغرى من السفر لفرنسا لأننى أنثى، ومن احتساء القهوة فى الجامعة لأننى أنثى، ومن قراءة كتب يشتريها إخوتى الذكورلأننى أنثى، وكيف كنت أنظر فى المرآة صباحا، ليس لأضع لمسة تجميل، ولكن لأتأكد قبل خروجى من المنزل أن وجهى وملابسى ليس فيهما ما يثير شهية وشهوة «رجال الطريق»، حتى لو انتهى ذلك بارتدائى أقنعة كاذبة لاتشبهنى ولا تعبر عنى، كنت أشعر بأننى يجب أن أمشى فى الشارع كظل باهت، وكأننى وحدى المسؤولة عن توزيع فضيلة غض البصر للرجال.. وحدى على أن أتحمل عقد رجال غير متحققين فى الواقع، يفرضون على المرأة أشكالا من التأنيب والتقييد، من دون أن يخجلوا من النظر إلى أنفسهم باعتبارهم الأروع والأفضل. كانت كلمة «إنت راجل» شعار فخر وتأشيرة سماح للرجل، وفى المقابل كان شعار «إنت بنت»، ومٍن بعدها «إنت ست»، مدخلا للمصادرة والحرمان وسرقة الحقوق، ومبررا للامتهان والإذلال والمعايرة، وكان من الطبيعى أن يفرض الرجل تصوراته وبرامجه، ومن غير المسموح لامرأة أن تفكر فى تغيير برنامج رجل.. يكفيها فخرا أن تكون جزءا من البرنامج، وتثبت أنها «قرد» كل اختياراته تنحصر فى أن «يتنطط» من أجل إرضاء رواد الحديقة والبيت معا، أى زملاء الدراسة والعمل وشريك الحياة.. آه من تلك الكلمة الرائعة «شريك الحياة»، نعيش لها ونضحى من أجلها، قبل أن نكتشف أن الشريك لم يكن ابدا «شريك»، والحياة نفسها لم تعد حياة، فالمرأة محكومة باختيارين إما أن تكون ما يريده الرجل، أو تريد مايكونه الرجل، وهذا يذكرنى بأمثولة قديمة تقول إن «من أجمل ثلاث نساء فى العالم.. امرأة تطيع زوجها». أيها الرجال ماذا تعرفون عنا؟ ماذا تعرفون عن مشاعر قلة الحيلة والدموع التى تبلل الوسادة ليلا؟ ماذا تعرفون عن أحاسيس الهجر والفراق والجفاء؟ ماذا تعرفون عن لحظات موتكم فى عيوننا وقلوبنا، لأننا لم نجد معكم ما نبحث عنه دائما «الأمان والحب»؟.. أيها الرجال نفتقد وجودكم الحقيقى، لكنكم احترفتم تجاهلنا وتزييفنا وخسارتنا، وأقولها لكم صريحة اليوم بعد قرن كامل من صيحة نساء العالم طلباً للخبز والزهور: «أنتم الخاسرون». لن أتحدث عن مسؤولياتكم الغائبة، ودوركم فى تخريب البيوت المصرية حتى تحولت إلى قبور لدفن الأحلام والبهجة، لن أتحدث عن القهر، والظلم، والخيانة، لكننى الآن أرفع صوتى عن حق وأطالب بانتهاء «عصر ولاية الرجل».. آن للرجل أن يتنحى عن العرش ويخلى مكانه للمرأة، فهى الآن أقدر، وأجدر، لذا أؤكد ما سمعته من فتاة شعبية ظريفة علقت على انتخابات الرئاسة المقبلة قائلة «لا البرادعى ولا موسى.. عايزين الست نوسة».. وأنا أنشر هذا المقال كبداية (ظريفة أيضا) لحمل توقيعات مليونية تحت شعار «كفاية رجال».