رغم أن المرأة هى إنسان بالأساس، فإنه يتم فى مصر اختصارها فى صفتها «أنثى» والتعامل معها من هذا المنطلق فقط يجردها من سماتها الأخرى، وكأنها للشهوة والغواية.. الشاعرة الدكتورة سهير المصادفة تقول: طالما تم استقبالى كامرأة، داخل أسرتى، وفى عملى وبالمؤسسات الدراسية العديدة التى مررت بها، ورغم أننى من أسرة مثقفة ووالدى كان شاعراً فإنه استاء كثيرا من كتابتى للشعر فى بداياتى وقال لى بالحرف «كتابة الشعر لا تليق بالنساء»، ناهيك عن تحكمات أخى الأصغر الذى ضيّق على كثيرا، وعارض أغلب تصرفاتى لأنه يستكثر علىّ أفعالا إنسانية، الذكر أحق بها من الأنثى، نتيجة فهمه المغلوط لبعض آيات القرآن، أما فى عملى لا ينظر إلىّ باعتبارى زميلة ورئيسة بالعمل، وإنما كامرأة فقط، وبحكم موقعى كرئيس تحرير أحد إصدارات هيئة الكتاب أعطى بعض التوجيهات للزملاء، وأجدهم يتضررون لدرجة أن أحدهم قال لى ذات مرة: «أنا أنتحر قبل ما آخد أوامر من واحدة ست!». وأضافت: «واختزال المرأة المصرية فى معانى الأنوثة والعورة، وعدم الاعتراف بها كإنسان مكافئ للرجل، علامة للأفول الحضارى وتسلط الذكر، وتغيير هذه النظرة رهين بتحرير عقل الرجل، لأن المرأة فعلت ما عليها، اجتهدت وقاومت، ورغم ذلك تتم محاربة جهودها، والضغط عليها من أجل التخلى عن ذاتها الإنسانية بوسائل مؤلمة وغير نزيهة، وأعترف بأننى عانيت كثيرا بسبب ذلك رغم وعيى المختلف، قضيت سنوات طويلة لا أجرؤ على أن أعارض عائلتى أو أخرج عليها، فعلت ذلك فى بيت أبى ثم مع زوجى، لأننى كغيرى من النساء نحتاج للعيش داخل المؤسسة الأسرية، نشتاق للدفء والحب وطعم الأسرة ونقدم تنازلات كثيرة من أجل هذا!». الروائية نجوى شعبان ترى أن استقبال الآخرين للمرأة باعتبارها أنثى مسؤوليتها الشخصية وتقول: المرأة مسؤولة مسؤولية كاملة عن رسم صورتها الاجتماعية، وهى التى تضع خطوطها العريضة ولا أحد سواها، بالطبع الرجال يتلذذون بفكرة النظر إلى المرأة واستقبالها كأنثى فقط، ولكن هذه النظرة تتغير إذا ما واجهوا امرأة تحترم إنسانيتها وتتمسك بها، وتتخطى حدود الفصل بين الذكر والأنثى ليصبحا متكافئين تماما. وفى المقابل، تشير سمر إبراهيم، مترجمة، بأصابع الاتهام إلى المرأة نفسها قائلة: المشكلة ليست فقط فى الرجال الذين ينظرون للمرأة أو الفتاة باعتبارها أنثى وإنما أيضا فى النساء اللواتى يمتلكن نفس طريقة التفكير، فيجرمن بعض الأفعال والأقوال العادية جدا على أنفسهن وغيرهن من النساء، مثلا أجد اعتراضات كثيرة من أمى وأختى على بعض تصرفاتى بحجة «إنتى بنت» أو بمعنى أصح «أنت أنثى»، وتعترضان على حسن نيتى فى التعامل مع زملائى من الرجال، وعلى سفرى بمفردى أحيانا، المصيبة الأكبر فى جارتنا، التى تمنع ابنتها من اللعب مع ابن أختى، رغم أن عمريهما لا يتجاوز السبع سنوات، إنها تعتبر هذه الطفلة المسكينة، أنثى حتى قبل أن تبلغ الأنوثة!