رغم أنها تقع فى قلب إمبابة.. فإن أضواء المدينة لم تصل إليها، ولهذا فإن تسميتها ب«عزبة الصعايدة» لم يأت من فراغ، فهى تخضع لجميع قوانين المجتمع الصعيدى بغض النظر عن موقعها، ومن يرد أن يعيش بين سكانها، فعليه أن يسير على قوانينهم. ما يجمع أهل العزبة ليس الجيرة فقط، فهم يعتبرون أنفسهم أبناء عمومة، وهذا ما أكده ممدوح عثمان أحد أبناء عائلة «الفجرة»، والذى أكد أيضا أن سكان عزبة الصعايدة عبارة عن عائلتين هما: «الفجرة» و«أولاد عمر»، ولهذا تندلع الخلافات، فهاتان العائلتان وفق ما قال ممدوح بينهما «ما صنع الحداد»، منذ الجد الأكبر وحتى فروع العائلتين فى الصعيد، وتحديدا قنا لأن «بينهما ثأر»، قال ممدوح: آخر حادثة بين العائلتين كانت بسبب حمار ومات فيها اثنان: واحد من كل عائلة، وبدأت المشكلة بينهما عندما أكل حمار إحدى العائلتين من غيط العائلة الثانية، وبعد وقوع ضحيتين حل مدير الأمن المشكلة. الخلاف بين العائلتين كاد أن يطيح بأحلام ممدوح، حيث ارتبط بعلاقة حب مع فتاة من عائلة «أولاد عمر»، وانتهت هذه العلاقة بجريمة ثأر بعد أن كادت تقضى على مستقبل شباب عائلته بأكملها، قال ممدوح: كنت بحب بنتهم.. وهى بتحبنى لكن فى النهاية وجدنا أنفسنا أمام المشكلة الأزلية، العريس من (الفجرة) والعروسة من (أولاد عمر) اندلعت خلافات عديدة بين العائلتين استخدم فيها كل طرف نفوذه ومعارفه، حتى إن ابن عم (ممدوح) وهو ضابط شرطة تعرض للنقل من عمله. أسامة عبدالحق وهو أيضا من عائلة «الفجرة» قال عن عزبة الصعايدة إنها كانت فى الأساس فى منطقة الزمالك بعد أن نزل عدد كبير من الصعايدة للعمل فى القاهرة كعمال أو باعة، لكن لأنها منطقة راقية اعترض أهلها على سكن هذه الفئة بينهم، لذلك قررت الحكومة أن تسوى الموضوع –حسب قوله- فأعطت للصعايدة هذه المنطقة مجانا مقابل تركهم الزمالك. الثأر واللهجة لم يكونا الملمح الوحيد المشترك بين العزبة والصعيد، فالمندرة أيضا كانت عاملا مشتركا بينهما، وهى مكان يتم فيه الصلح بين سكان العزبة إذا وقع خلاف بينهم، ولكن استخدام المندرة فى إمبابة مختلف عنه فى الصعيد، ففى إمبابة تكون أبوابها مفتوحة لكل من يزور المنطقة من الصعيد، أو فى حالة العزاء أو حدوث مشكلة بين سكان العزبة، أما المندرة فى الصعيد، فتفتح أبوابها لزوار الصعيد من القاهرة.
