نحن لسنا بأولاد الشوارع أو بأطفال الشوارع كما تقولون وليس الفرق بكبير. ألأن الشوارع كانت أحن علينا من ذوينا من .. أبائنا ومن أمهاتنا فأخذتنا فى أحضانها وتبنتنا، فأصبحنا نحن فلذات أكبادها. أمهات الأرصفة والأسفلت كانوا علينا أرحم من أهالينا فصرنا لها أنجال، وإذا كان كل هذا هو شىء من الواقع حدث ويحث وسيحدث. فما رأيك أنت أيها الانسان يا أعظم خلق الله هل تسمح أن يحدث ذلك، أن يكون الجماد يحل محلك وأنت تقف وتنظر وتشهد ثم تمر مرور الكرام. وهل أصبح الجماد هو المأوى وملاذ الكرام لنا؟ وأنت تعصب عينيك وتعصب يدك بل تعصب قلبك عنا، هل ستصحو صحوة ضمير حى ذو وجود راسخ وتصرخ فتكسر صمت البكم؟ فستقول سأبدأ من جديد ولن أعصب قلبى عنك وعن كل ما يحدث أمامى وخلفى، بل لن أسمح بُذل أخى فى الإنسانية أياً كان لونه .. دينه .. أو جنسيته .. كلهم أخوتي فى الإنسانية، خلقه الله مثله مثلى. وأعلم أنك ستقول عن نفسك .. أأتنعم أنا بملذات الحياة، أحلى الاكلات آكلها أنا .. أما أنت ياأخى فتبحث عن لقمتك فى صندق القمامة. أرتدى أنا أفخم الملابس .. أما أنت ياأخى فتبحث عن رداءك من على عتبات الديار. وأسكن أنا أجمل البيوتات .. أما أنت ياأخى فتسكن الأرصفة. كل هذا تمنينا أن نسمعه ونحس به بشعورك بنا شعورك بما يحدث لنا ولمن مثلنا. فلو كنت فى حالنا هل ترضى أن يلقبك أحد بابن الشوارع أو بطفل الشوارع، وما هو شعورك حينما تسمعها بأُذنك ترن وترن وتنزع قلبك بؤساّ وشقاءً، وتطفئ عينك خجلاّ. وهل بيدك اليمين ترفعنا وبيدك الشمال تغطسنا ثانية وترجع بنا فى لحظة إلى ماضينا البائس بعد أن عبرنا بك وبمن مثلك إلى مستقبل ناجح .. مستقبل جميل. فلا وألف لا لألآف المرات التي نسمع مرادفات أولاد الشوارع .. أو كلمة أطفال الشوارع نسمعها فتألمنا وتجرحنا. وهيهات من يفكر بما نشعر به، أو أنه يفكر أنه يكفينا فقط إن أطعمتمونا وكسيتمونا وأويتمونا .. وآلمتمونا أيضا بذلك اللقب. فيا رب يا من خلقت فى قلوبهم الرحمة وفى عقولهم الحكمة .. أيقظهم .. أوقفهم عن تلك القسوة المغشاة. فتعالوا معاً نبدأ كلنا من جديد نحن بعمرنا وحياتنا كلها بالكد والكفاح وأنتم بصحوة ضمائركم وعطائكم. واسمحوا لنا نحن الصغار الآن والكبار غداّ بأذن الله أن نًدعى فى أنفسنا وفى خيالنا أن نكون أولادكم، أن يكون لنا أب قائد وقدوة مثلك أنت، وأن يكون لنا أم مدرسة رعاية وحنان مثلك أنت، وأن يكون لنا أخوة وأخوات أصدقاء مثلكم أنتم. ونعدكم بأننا سنكون أهل ثقتكم وثقة كل شخص يدعو من أجل صلاحنا، وأن نكون قدوة لكل شخص يتعذب مثلما تعذبنا نحن، وكل شخص يتألم مثلما تألمنا نحن، وكل شخص يصبر مثلما صبرنا نحن. سنكد ونتعب ونكافح ونتعلم من جديد، وأول شيء فى الدنيا سنتعلمه أن ربنا موجود، نعم ربنا موجود. إذا فانعموا علينا وامنحوناا شرف لقبنا الجديد (أولادنا). نشكركم بل أولا نشكر ونشكر ونشكر الله. جيهان حلمى