خطوات تحميل التقييمات والأداءات الصفية والواجبات المنزلية من موقع وزارة التربية والتعليم    طلاب التربية الخاصة ب«تعليم البحيرة» يصعدون لنهائيات الكرة الخماسية    محظورات فى قانون مزاولة مهنة الصيدلة، تعرف عليها    رئيس الأركان يشهد المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك ميدوزا -13باليونان    وزير الإسكان يتابع نتائج حملات إزالة المخالفات والظواهر العشوائية ب 4 مدن جديدة    محافظ الفيوم: المبادرات الرئاسية تعكس رؤية القيادة فى تطوير مجتمع متقدم    الصناعة: إصدار شهادات الإشراف الصحي والصلاحية للمنتجات الغذائية مطلع 2025    الرئيس الإيراني يزور مكتب حماس في طهران.. لهذا السبب    عودة الكهرباء لكوبا بعد 4 أيام من الظلام الدامس    روسيا.. هجوم أوكراني خطير بالقرب من محطة زابوروجيا للطاقة النووية    الزمالك يستأنف تدريباته استعدادًا لنهائي السوبر    الأرصاد الجوية تزف بشرى للمواطنين بشأن طقس الأيام القادمة    تواجد أمنى مكثف بمحيط جنايات مطروح قبل جلسة محاكمة اللاعب أحمد فتوح (بث مباشر)    تجديد حبس سائق بتهمة التحرش بسيدة في مدينة نصر    وزير الثقافة يُهنئ رئيس جهاز التنسيق الحضاري لفوزه بجائزة اتحاد الآثاريين العرب    شيرين عبد الوهاب تكتب التاريخ بدخولها موسوعة جينيس.. شاهد إطلالاتها المميزة    أميرة أديب توجه رسالة ل شريف سلامة بسبب مسلسل «كامل العدد +1»    الرعاية الصحية: نستهدف توفير خدمات آمنة لجميع المرضى بوحدات ومراكز الرعاية الأولية    النيران امتدت لمنزلين مجاورين.. إخماد حريق بمخزن تابع لشركة مشروبات غازية بالشرقية    بتهمة القتل الخطأ.. محاكمة أحمد فتوح في جنايات مطروح اليوم    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالشرقية    الكرة النسائية.. المدير الفني لفريق سيدات "مسار" يطالب الاتحاد بحلول لظاهرة الهروب من المباريات    «التموين»: طرح بيض المائدة في المجمعات الاستهلاكية بسعر 150 جنيهًا في هذا الموعد    عاجل:- بلينكن يتوجه إلى الأردن لبحث وقف إطلاق النار في غزة بعد مقتل زعيم حماس    لهذا السبب.. جوري بكر تتصدر تريند "جوجل"    النجمات لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم في ضيافة «الليلة العمانية» بالأوبرا    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    بزعم أن ظروف المنطقة انعكست الموازنة .. وزير التموين :التحول من الدعم العيني إلى النقدي    الصحة تنظم جلسة حوارية حول فوائد البحوث التطبيقية في تحسين الرعاية الصحية    «الأزهرى» يشارك فى حفل تنصيب الرئيس الإندونيسى نائبًا عن «السيسى»    بث مباشر على تيك توك.. طبيبة تونسية تنقل عملية جراحية من داخل العمليات (تفاصيل)    اليوم.. وزير التعليم يستعرض خطط وسياسات الوزارة أمام البرلمان    الاحتلال يمنع انتشال الجثامين من تحت الأنقاض في جباليا    اسعار التوابل اليوم الثلاثاء 22-10-2024 في محافظة الدقهلية    عواقب صحية كارثية لشرب كوكاكولا يوميا، أخطرها على النساء    تصل ل 20 ألف جنيه.. أسعار تذاكر حفل عمرو دياب نوفمبر المقبل    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    الأمم المتحدة تدين القصف الإسرائيلي العنيف للمناطق الحضرية والسكنية في لبنان    قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    تجديد عضوية وزارة التربية والتعليم في مركز اليونسكو حتى 2027    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    المؤتمر العالمي للسكان والصحة.. الوعى في مقابل التحديات    صحة كفر الشيخ: تقديم الخدمات الطبية ل1380 مواطنا بقافلة فى دسوق    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    من بينهم المتغيبون.. فئات مسموح لها بخوض امتحانات نظام الثانوية العامة الجديد 2025    عضو رابطة الأندية: قرعة الدوري ليست موجهة.. والمقارنة مع عامر حسين «صعبة»    "غرامة وعقوبة وإيقاف".. ماذا يحدث في حالة اعتذار الزمالك عن السوبر؟    عبدالرحيم علي: ضرب المفاعلات النووية الإيرانية أول ما ستفعله إسرائيل في "الرد"    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    فى منتصف الأسبوع..سعر الطماطم والبصل والخضار بالاسواق اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول اقتراحات تشكيل الهيئة التأسيسية
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 03 - 2012

كلما اطلعت على المزيد من المقترحات المقدمة بشأن معايير تشكيل الهيئة التأسيسية التى ستكتب الدستور، شعرت بمزيد من القلق، فهى رغم الاختلاف بينها فى التفاصيل، مبنية على فكرة واحدة بالغة الخطورة فى تقديرى، وهى تعكس ارتباكاً واضحاً فى تحديد المعايير وخللاً خطيراً فى الرؤية، من شأنه أن يكرس موت السياسة الذى عانينا منه عقودا طويلة فى عهد مبارك.
فأنت إذا تتبعت الاقتراحات المُقدّمَة، ستجد أن الاختلاف بينها ينصرف إلى التفاصيل دون الجوهر، مثل الاختلاف حول نوعية الهيئات والفئات الممثلة فى الهيئة التأسيسية ونسبة تمثيل كل منها، فضلاً عن عدد أعضاء البرلمان فى تشكيل الهيئة، لكن جل المقترحات مبنية على منهج مرتبك، ليس واضحاً فيه طبيعة معيار الاختيار بالضبط، هل هو فعلاً تمثيل «أطياف الشعب المصرى»، أم تمثيل مؤسسات الدولة أم أن المعيار هو الخبرات الفنية والمهنية؟ ففى كل مقترح، تجد المقاعد موزعة بين مؤسسات الدولة كالقضاء والجيش والشرطة، والمؤسسات الدينية كالأزهر والكنيسة، ومعها فى الاقتراح نفسه هيئات المجتمع المدنى كالنقابات العمالية والمهنية والاتحادات التجارية وغرف الصناعة والتجارة وجمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية، بل الخبرات الفنية مثل فقهاء القانون الدستورى وأساتذة الجامعات!
والحقيقة أن هذا الارتباك نابع من أن منهج «تمثيل طوائف الشعب» فى كل تلك الاقتراحات يتبنى رؤية بعينها تُصَنّف المصريين على أساس المصالح المهنية والفئوية فى أغلب الأحوال، وهو ما يعنى بالضرورة أن كل أصحاب مصلحة سيصيغون الجزء الخاص بمصالحهم فى الدستور، على مقاسهم، وهذه الرؤية المعيبة التى تتبناها «ليبرالية المصالح المنظمة» تقوم على أن المصلحة العامة هى حاصل جمع المصالح المختلفة فى المجتمع، فإذا ما أعطينا لكل صاحب مصلحة ما يريده، نكون قد حققنا الصالح العام، وهى أكذوبة كبرى فندها علماء السياسة حول العالم، فالصالح العام مفهوم مختلف تماماً لا علاقة له بالجمع والطرح.
وتبنينا تلك الفكرة خطر على كتابة الدستور بل يضع سابقة بالغة الخطورة ستتكرر فى كتابة القوانين، فتصبح مصر دولة بلا قانون من الناحية العملية، فبدلاً من أن تخضع المصالح المختلفة للقانون الذى يصدر تحقيقاً للصالح العام، تصبح تلك المصالح هى القانون ذاته، حيث تقوم كل منها بالتشريع لنفسها وكتابة القوانين التى تحكم عملها.
والمفارقة الجديرة بالتأمل هى أن أغلب تلك المقترحات غاب عنها فئة السياسيين أو تم تقليص دورهم، وهو ما يعنى غياب الرؤية أصلاً بشأن جوهر عملية كتابة الدستور وأهدافها، فالدستور الذى لا يعبر عن توافق حقيقى بين القوى والتيارات السياسية المختلفة فى المجتمع سرعان ما يسقط، لأنه لا توجد قوى اجتماعية تحميه كونه يعبر عنها، ومن هنا، فإن كتابة الدستور لابد أن تقوم على توازنات دقيقة وتوافقات حقيقية، ومثل تلك التوازنات والتوافقات لا يتوصل لها سوى السياسيين، فأساتذة الجامعات وخبراء حقوق الإنسان والقانون الدستورى لا يمثلون سوى خبرات فنية تتم الاستعانة بهم من جانب السياسيين وليس العكس، وتهميش السياسة هو تكريس لمنطق حكم مبارك الذى أدى لموت السياسة الذى عانينا ولا نزال نعانى من تبعاته حتى الآن.
وتستحيل كتابة دستور رصين دون وفاق وطنى، ومناخ عدم الثقة والمعارك الدائرة الآن بشأن الهيئة التأسيسية والدستور مصدرها الحقيقى انعدام الثقة بين التيارات السياسية فى مصر، ومن هنا، فإذا ما تخلينا عن فكرة تشريع كل أصحاب مصلحة لأنفسهم، فبإمكاننا أن التفكير جدياً فى طريقة لا تؤدى فقط لكتابة دستور يليق بمصر وإنما تؤدى أيضا للخلاص من الصراع الأيديولوجى الذى لا تملك مصر ترف استمراره على حساب القضايا الحيوية لأبنائها.
فمن الممكن مثلا أن نقسم الهيئة التأسيسية إلى مجموعتين تعملان على مرحلتين، المجموعة الأولى من 28 عضواً والثانية من اثنين وسبعين، أما المجموعة الأولى، ولنسمها لجنة الوفاق الوطنى، فهى تتوزع بالتساوى بين سياسيين يمثلون التيارات السياسية الأربعة فى مصر، الإسلامى والليبرالى والقومى واليسارى، يختارهم كل تيار بنفسه، وتكون مهمة هذه المجموعة هى الحوار المباشر بهدف التوصل إلى المتفق عليه بين التيارات الأربعة، والتفاوض بخصوص المختلف عليه بينها بهدف الوصول إلى حد أدنى يقبله الجميع، ويَحسُن أن نمنح تلك اللجنة الوقت الأكبر من المدة المخصصة لكتابة الدستور، لأن مهمتها هى الأكثر صعوبة، وينتهى عمل هذه اللجنة بصياغة التوافق الذى تم الاتفاق عليه فى عبارات واضحة لتكون ملزمة عند صياغة مواد الدستور، أما صياغة مواد الدستور نفسها، فتتولاها الهيئة التأسيسية كلها، فبانتهاء عمل لجنة الوفاق ينضم أعضاؤها لباقى أعضاء الهيئة التأسيسية الاثنين والسبعين الذين يتم اختيارهم وفق ما يراه البرلمان، ولأن لجنة الثمانية والعشرين قد توصلت لوفاق قبله الجميع والتزم به، فإن عملية اختيار الاثنين والسبعين عضواً لن تكون خلافية، لأن هؤلاء أيا كانت هويتهم سيلتزمون بالمسار الذى حدده الوفاق الوطنى، وتكون مهمة لجنة المائة هى صياغة الدستور بناء على الوفاق الوطنى بالاستعانة بخبرات فنية من خارج اللجنة إذا لزم الأمر.
والهدف من تقسيم لجنة المائة إلى لجنتين هو أنه يستحيل فى تقديرى أن تتم كتابة دستور دون وفاق وطنى، ويستحيل فى الوقت ذاته على عدد ضخم مثل مائة فرد أن يتوصلوا لذلك الوفاق. والحقيقة أن ما قدمته هنا مجرد اجتهاد من الممكن تعديله، ومن المؤكد أن هناك ما هو أفضل منه.. لكن المهم هو إعطاء الأولوية للوفاق الوطنى والبعد عن حكاية تشريع كل جماعة لنفسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.