أصبح الإعلام المصرى يعانى من اتهامات كثيرة تشن عليه من بعض الأطراف من أجل تشتيت المشاهد وفقد الثقة فيما يقدم إليه. وبعد مذبحة بورسعيد أصبح الإعلام الرياضى هو المتهم الأول بالتحريض كما تبادل بعض الإعلاميين الاتهامات بإثارة المشاهد المصرى. فالإعلام الرياضى كان متهماً أساسياً أثناء مباراة مصر والجزائر عندما وقع فى أخطاء مهنية فادحة، وأصبحت البرامج منابر للسب والردح، ومنحت الحرية للجمهور وبعض من الفنانين لكى يقوموا بسب الجزائر وأهلها. وأتذكر فى هذا الوقت حالة الشحن المعنوى التى كان عليها الشعب المصرى نتيجة التغطية الإعلامية الخاطئة واستغلال كثير من المذيعين برامجهم فى إثارة المشاهدين وجذبهم. ولكن لا يمكن أن نلقى اللوم على الإعلام الرياضى فى مذبحة بورسعيد. فبالرغم من الأخطاء المهنية لبعض الإعلاميين فمن المستحيل أن تكون هى السبب فى تنظيم مذبحة بهذه البشاعة. وبما أننا نتحدث عن إعلام التحريض والفوضى فلابد أن نشير إلى جميع القنوات المتخصصة والقنوات الحكومية التى تمارس المهنية من وجهة نظرها ومن خلال الأجندة الخاصة بها، فالإعلام وقع فى أخطاء كثيرة، خاصة الإعلام الحكومى بدءاً من تغطيته للثورة مروراً بموقعة ماسبيرو عندما ادعى أن مواطنين مسيحيين يقومون بضرب ضباط من الجيش المصرى. ولذلك حان الوقت لإنشاء ما ننادى به منذ فترة طويلة وهو إنشاء جهاز مستقل يقوم بتنظيم العملية الإعلامية وتعريف «خطاب الكراهية» أو «خطاب التحريض»، حتى تستنير العقول ويعلم الجميع أن العملية ليست فوضوية، وإنما منظمة ومسؤولة، وهذا لأهميتها وأثرها الفعال، فجميع الدول الأوروبية تقوم بتنظيم المؤسسات الإعلامية لضمان حيادية ما تقدم، فما بالك بمجتمع يعانى أكثر من 35٪ من شعبه الأمية، وهذا الجهاز يراقب أداء جميع القنوات ولديه الصلاحيات فى فرض الغرامات ووقف بث القنوات فى حالة الخروج على المهنية أو مخالفة القواعد. وأنا هنا أتحدث عن جميع القنوات وليست الرياضية فقط، فكثير من القنوات الخاصة تقوم بتحريض غير مباشر أيضاً من خلال التحدث عن أعمال عنف تتوقع أن تحدث أو تقوم بالتعتيم من خلال عدم نقل الخبر بمصداقية، وبالرغم من أحداث الأربعاء الأسود التى يمكن أن تكون نتيجة لعدم حرفية القنوات الرياضية، أعتقد أنها فرصة لكى نصحح الأوضاع ونطالب بإنشاء جهاز مستقل يقوم بدوره التنظيمى بعد إنشاء ضوابط لمضمون جميع البرامج «السياسية - الرياضية - الدينية - وغيرها» من أجل تقديم الحقيقة وليس تقديم الخبر الممزوج بالرأى، وهنا أطالب رجال الدين «مسلميه ومسيحيه» والمنظمات غير الحكومية والمهنيين الإعلاميين وأساتذة الجامعات وأعضاء من البرلمان المنتخب بوضع ضوابط من أجل تقديم مضمون يفيد المجتمع، ويخاطب عقل المشاهد، مضمون لا يقوم على التحريض أو التهويل أو التعتيم. * أستاذ إدارة واقتصاديات المؤسسات الإعلامية [email protected]