بتكلفة 3.3 مليار جنيه.. رئيس جامعة الإسماعيلية الأهلية: الإقبال الكبير مؤشر نجاح    توزع شنط مدرسية على الطلاب ذوي الهمم بدمياط    متاحة الآن.. نتيجة مسابقة المعلمين 2024 عبر الموقع الرسمي (رابط التظلمات)    لرصد العديد من المخالفات.. إحالة مدير ووكيل ومعلمي مدرسة بقنا للتحقيق (صور)    إعادة هيكلة الشركة المصرية كمشغل مستقل لمنظومة نقل الكهرباء    وزير الإسكان: تنفيذ محطات رفع مياه شرب وصرف صحي بمدينة بدر    وزير الاتصالات: مصر قادرة على تقديم تكنولوجيا الجيل الخامس لدعم الخدمات وتحقيق التنمية    كتائب القسام تقصف تل أبيب ردًا على المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين    فيلق القدس الإيراني ينفي اغتيال إسماعيل قاآني: بخير وصحة جيدة    قطاع غزة كيف كان وإلى أين وصل بعد 7 أكتوبر 2023؟ (صور)    الجيش الروسي يسيطر على بلدة قرب بوكروفسك ويواصل تقدمه في شرق أوكرانيا    فقرة تأهيلية خاصة لعبد الشافي خلال مران الزمالك    البداية والنهاية من القاهرة.. جدول مباريات الزمالك في مجموعات الكونفدرالية    5 مواجهات نارية في انطلاقة دوري المحترفين.. اليوم    كولر يستعين بالشباب لتعويض غياب الدوليين في التدريبات    الإنجليزى أوفى إيجاريا يصل اليوم للخضوع للاختبار فى الزمالك    القبض على 4 أشخاص لسرقة مساكن وسيارات ومتعلقات المواطنين بالقاهرة    نص التحريات في قتل ابن السفير ب الشيخ زايد: «المتهمان بادرا بصعقه ثم تحققا من موته وتمكنا من سرقة منقولاته»    ضبط مصنع لإنتاج وتصنيع مخدر الشابو في حلوان    ضبط سيدة استولت على 2.5 مليون جنيه من 18 شخصًا في سوهاج    أجهزة محافظة الغربية تواصل البحث عن القرود الهاربة في المحلة    احتفالات ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة تزين الليلة قبل الأخيرة لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    الصحة الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي استهدف 65% من المؤسسات الطبية في قطاع غزة    ماجدة الرومي تؤجل 3 حفلات متتالية في دار الأوبرا .. ما القصة؟    إقبال كبير على احتفالية «الثقافة» بنصر أكتوبر.. «حفلات غنائية وزيارات مجانية للمتاحف»    وزير الصحة: بروتوكولات تعاون عالمية لعلاج مرضى الأورام وخطط تطوير للمستشفيات    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى المنيرة العام يوجه بزيادة عدد الكراسي بعيادة الأسنان    محافظ الجيزة يفتتح وحدة طب الأسرة بمنطقة البشاير.. فيديو    ندوات وورش فنية فى احتفالات "القومى لثقافة الطفل" بذكرى انتصارات أكتوبر    الأنبا مرقس يترأس الاحتفالات الروحية بكنيسة السيدة العذراء ببني محمديات    اتحاد التأمين يكشف حاجة قطاع الرعاية الصحية إلى التحول الرقمى    بوكا جونيورز ينهي مسلسل هزائمه في الدوري الأرجنتيني    "هل حد حرضه؟".. عدلي القيعي يفتح النار على أحمد القندوسي    باكستان: مقتل 3 أجانب وإصابة آخرين بانفجار قرب مطار كراتشي    للتوسع في مظلة الحماية الاجتماعية.. تعرف على خطة الحكومة لتحقيق العدالة للفئات الأكثر احتياجًا    المنطقة الشمالية العسكرية تطلق المرحلة الثالثة من حملة " بلدك معاك " لدعم الأولى بالرعاية    "الأوقاف" مرشح الوزارة بمسابقة ماليزيا للقرآن يبهر المشاركين والمحكمين    خلق أجيال مبتكرة.. أهمية الرياضة والثقافة في استراتيجية بناء الإنسان المصري    بدء تلقى أوراق المرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين بالإسكندرية    البرلمان يحيل 19 اتفاقية دولية إلى اللجان النوعية المختصة    بالصور.. محافظ أسيوط يتابع أعمال تطوير مزرعة الوادي الأسيوطي    ضبط 4 أشخاص لسرقتهم المساكن والسيارات بالقاهرة    حبس تشكيل عصابي تخصص في زراعة النباتات المخدرة بالواحات البحرية 4 أيام    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في المستهل ورأس المال يربح 22 مليار جنيه    كيف رد الشيخ الشعراوي على شكوك الملحدين في وجود الله؟.. إجابات تزيل الحيرة    هل كل ما يفكر فيه المسلم يحاسب عليه؟.. «الإفتاء» تجيب (فيديو)    «دردشة خانه فيها التعبير والدنيا اتقلبت».. شوبير عن أزمة القندوسي في الأهلي    بمستهل تعاملات الأسبوع.. سعر الذهب فى مصر يتراجع 5 جنيهات    أشرف سنجر: مصر تدافع عن شعب أعزل سواء الفلسطيني أو اللبناني    إخماد حريق اندلع داخل شقة سكنية في بولاق الدكرور    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا ينشط جهاز المناعة لإنتاج الأجسام مضادة للفيروس    قائد الحرس الثوري الإيراني: ملتزمون باستراتيجية عدم التسرع في الرد على تحركات العدو    الدكتور حسام موافي ينتقد الإسراف في حفلات الزفاف: "ستُسألون عن النعيم"    قريبا.. شيرين عبد الوهاب تحيي حفلا غنائيا في الإمارات    استطلاع رأي: ثلثا الإسرائيليين لا يشعرون بالأمان بعد 7 أكتوبر 2023    قائمة ضيوف الشرف بفيلم "ريستارت" ل تامر حسني    «الإفتاء» توضح طريقة الصلاة الصحيحة لمن يسهو في الركعات بسبب المرض    أحد أبطال أكتوبر: دولة الاحتلال لن تستطيع مواجهة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري اليوم» تحلل 49 تصريحًا للرئيس الأمريكى حول حرب غزة

«نورا»، اسم مستعار لامرأة فلسطينية تعيش فى شمال غزة بمنطقة جباليا برفقة زوجها وأطفالها، بدأت الحرب وهى حامل بطفلتها ذات الستة أشهر، عاصرت كل الألم والحصار والقصف المستمر والمجاعة والتهجير القسرى المفروض عليهم، فى ظروف تخلو من أى مقومات للحياة.
تقول «نورا» فى حديثها ل«المصرى اليوم»: «فى الشهر الأول من الحرب كنت حاملًا بشهرى الثامن واجهت فيه كثيرًا من الألم والصعوبات، فالقصف والأحزمة النارية كانت لا تتوقف لاسيما بالمنطقة التى أسكن بها، ولا نعرف مكانًا للهرب»، وتستطرد: دائمًا ما يطلب جنود الاحتلال من سكان المنطقة الإخلاء وترك المنازل لفترة يشتد فيها القصف والاستهداف بالمناطق التى نعيش بها مما يفرض علينا النزوح إلى المدارس والعمارات الخاوية من ساكنيها بمنطقة نائية فى غرب غزة لا يتوفر بها أبسط مقومات الحياة من الطعام والمياه ومستلزمات النظافة لذا كثيرًا ما كنا نعود إلى منازلنا محملين بالأمراض. مما زاد من تعرضى لكثير من اضطرابات الحمل والولادة والنزيف المتكرر خلال الفترة الأخيرة قبل موعد ولادتى».
فى السابع من أكتوبر الماضى بدأت حرب إسرائيل على غزة بعد هجوم حماس لتستمر 12 شهرًا دون انقطاع، ومع تصاعد أعداد الشهداء والمصابين يومًا بعد يوم، كان لرئيس الولايات المتحدة «جو بايدن» العديد من التصريحات بشأن وقف إطلاق النار فى غزة، لكن اختلفت نبرة الحديث فى تلك التصريحات من حين لآخر.
حلل «قسم صحافة البيانات فى المصرى اليوم» تصريحات بايدن على مدار عام من الحرب، حيث قمنا بتقسيم خطابه إلى 5 مراحل خلال الحرب، ذلك وفقًا للهجته فى الحديث بتلك الخطابات عن وقف إطلاق النار. ومقابل كل تصريح لبايدن عن وقف إطلاق النار، يتبعه استشهاد مئات الفلسطينيين يوميًّا، كما يصاب الآلاف ومعظمهم من الأطفال والنساء، وتعانى سيدات مثل «نورا»، ويُفقد الكثير من الناس تحت الركام بأعداد مهولة تجعل من الصعب جدًّا الإحاطة بأعداد المفقودين وهوياتهم.
فى السطور التالية نحلل تفاصيل خطاب بايدن فى المراحل الخمس، فى مقابل الأحداث التى تبعت التصريح على الأرض فى غزة. كانت أكثر الوسائل التى تحدث بايدن خلالها عن وقف إطلاق النار التصريحات تليها الاتصالات الهاتفية والزيارات، ففى أغلب زيارات بايدن للكنائس أو القصور أو الأماكن العامة غالبًا ما يسأله المارة عن وقف إطلاق النار. وبنفس المعدل، فى المؤتمرات الصحفية، وبعدها تأتى اللقاءات الرسمية ثم المقالات.
المرحلة الأولى:
من «الرفض» إلى «الأمل»
ثم الاتجاه نحو وضع خطة
المرحلة الأولى من تحليل الخطابات شملت تصريحات «بايدن» خلال الفترة من 16 أكتوبر حتى 19 نوفمبر وفى هذه المرحلة تم رصد 9 تصريحات تحدث فيها عن وقف إطلاق النار. وافق موعد ولادة «نورا» مع الفترة الأولى التى رصدتها قاعدة البيانات لتحليل خطابات بايدن، والتى اشترط فيها إطلاق سراح الرهائن أولًا من قبل حماس ثم إعادة النظر فى الأوضاع فى قطاع غزة. تصف «نورا» ولادتها بأنها كانت من أشد الفترات عليها لا سيما مع استهداف قوات الاحتلال المباشر المستشفيات والطواقم الطبية والمسعفين وأيضًا قوات الدفاع المدنى والصليب الأحمر، «فبعد تأخير عن الموعد المحدد لولادتى لأكثر من 15 يومًا زادت وطأة الأوجاع مع نقص الإمكانيات والأدوية وفى طريقى للمستشفى داهمتنى آلام المخاض وولدت طفلتى بالسيارة، وبعدما وصلت المستشفى لم أحظ بسرير مع كثرة عدد المرضى والمصابين، مما أجبر الأطباء على إتمام عملية الولادة بإحدى الغرف غير المجهزة لذلك، ثم تقرر خروجى بعد أقل من خمس ساعات فى ظل الضغط الكبير على المستشفى وضعف الإمكانيات المتاحة حينها».
اتسمت تصريحاته فى هذه المرحلة بالرفض لفكرة وقف إطلاق النار التام والأولوية لإرجاع الرهائن الإسرائيليين. ففى أول شهر من الحرب اتضح موقف بايدن المشجع والمساند لإسرائيل، وحينما كان يُسأل عن وقف إطلاق نار، يقول «يجب أن نحرر هؤلاء الرهائن ومن ثم يمكننا التحدث»، وكان رافضًا لفكرة وقف إطلاق نار بشكل تام، حيث رآها فرصة لزيادة العنف من حماس. فى التاسع من نوفمبر، قال بايدن إنه لا توجد إمكانية لوقف إطلاق النار فى غزة، تزامنًا مع ضغط الولايات المتحدة باتجاه التوصل لهدنة إنسانية للمساعدة فى حماية المدنيين وإيصال المزيد من المساعدات إلى القطاع المحاصر. وفى اليوم التالى لتصريحات بايدن، تحديدًا 10 نوفمبر 2023 قُتل 260 فلسطينيًا واختفى نحو 2700 من ضمنهم 1500 طفل، لا يزالون فى عداد المفقودين. ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فر نحو 30000 نازح من شمال غزة، باتجاه الجنوب عبر ما تسمى الممرات الآمنة، ولكن سجلت وقوع انفجارات عدة فى ذلك الممر، مما أسفر عن سقوط ضحايا وإصابات بين الفارين.
فى 18 نوفمبر وفقًا لمقال نشرته «واشنطن بوست»، رد بايدن على الدعوات لوقف إطلاق النار قائلًا: «طالما أن حركة حماس متمسكة بأيديولوجية التدمير، فإن وقف إطلاق النار ليس سلامًا، بالنسبة لعناصر حماس، كل وقف لإطلاق النار هو الوقت الذى يستغلونه لإعادة بناء مخزونهم من الصواريخ، وإعادة تموضع المقاتلين، وبدء القتل من خلال مهاجمة الأبرياء مرة أخرى»، على حد وصفه. وبالرغم من موقف بايدن الرافض لوقف إطلاق النار فإن الولايات المتحدة شاركت مصر وقطر فى الوساطة للتوصل لهدنة بين حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلى، فى 22 من نوفمبر 2023 وأكدت قطر توصل حماس وإسرائيل إلى اتفاق على «هدنة إنسانية» لمدة أربعة أيام قابلة للتمديد، وفى هذه الهدنة يتم إطلاق سراح رهائن إسرائيليين مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وإدخال المساعدات. وكان الاتفاق على هدنة لأربعة أيام بدأت فى 24 نوفمبر 2023، وتم تمديدها يومين إضافيين. وتم تبادل الأسرى خلال أيام الهدنة وإدخال مساعدات، ولكن إسرائيل خرقت الهدنة فى يومها الثالث بقصفها لمخيم وسط غزة للاجئين، ورغم ذلك اتهمت إسرائيل حماس بأنها اخترقت الهدنة، وفور انتهائها استأنف الاحتلال قصفه على كامل القطاع.
المرحلة الثانية:
9 تصريحات من 16 ديسمبر
حتى 10 مارس
تطورت أوضاع أسرة نورا من سيئ إلى أسوأ فى هذه المرحلة، مع فرض الحصار على القطاع وإيقاف المساعدات التى تصلهم من كل من مصر والأردن، مع مضاعفة واستمرار القصف من جانب قوات الاحتلال خاصة بمنطقة الشمال مما أجبر عائلاتها على النزوح نحو الجنوب لمدينة رفح وانقطاع اتصالها بهم قرابة الأربعة أشهر، تلك الفترة التى شهدت تصاعدًا كبيرًا للأحداث على المستوى العام فى غزة مع بدء المرحلة الثانية من خطابات بايدن التى تم تحليلها من خلال قاعدة البيانات والتى بدأت من منتصف ديسمبر 2023 حتى أوائل مارس 2024، والتى بدأ فيها ينتقد بعض أفعال إسرائيل والمطالبة ببدء المفاوضات لوقف إطلاق النار.
وعلى الصعيد الخاص ل«نورا»، قرر زوجها التوجه لإحدى شاحنات المساعدات التى تصل للشمال للحصول على بعض من الطحين دون علمها بعد أن فتكت بهم المجاعة وتناولوا على إثرها كل أنواع شعير الحيوانات- على حد وصفها- وهو ما دفعه للمجازفة بروحه لسد جوع أطفاله، لتستيقظ على خبر تعرضه لإصابة خطيرة فى الحادثة المعروفة إعلاميًا ب«مجزرة الطحين» ونقله لمستشفى الشفاء.
هرولت نورا نحو المستشفى ولم تجده بين المصابين أو الشهداء مما دفعها للنزوح نحو الجنوب لأهلها، وفى طريقها نحو رفح استقرت بمستشفى المعمدانى فى محاولة للنجاة بأطفالها من القصف المتلاحق لتصادف زوجها بين الحالات الخطرة، مقرر له بتر ساقيه على إثر دهسه من إحدى الدبابات التابعة لقوات الاحتلال التى هاجمت شحنات المساعدات، وعلمت حينها أنه بعد مرور 24 ساعة على إصابته تمكنت قوات الإسعاف من الوصول إليه ونقله للمستشفى فاقدًا للوعى، لتعثر عليه مصادفة ومقرر له إجراء العديد من العمليات الجراحية فى محاولة لإنقاذ ساقيه بعد أن ربطها بملابسه فى محاولة منه لتقليل نزيفها قبل أن يفقد الوعى، وخلال تلك المرحلة فقدت نورا عددًا كبيرًا من جيرانها وصديقاتها، بالرغم من تردد الأنباء الكثيرة عن وقف إطلاق النار إلا أن ذلك لم يتحقق بعد.
هنا بدأ بايدن ينتقد بعض أفعال إسرائيل، فبحسب «بى بى سي»، فى 16 ديسمبر 2023، بايدن قد حذر إسرائيل من أنها قد تخسر التعاطف والدعم الذى تلقته من العالم بعد هجوم حماس فى 7 أكتوبر- على حد وصفه- كما أنه انتقد ما وصفه بالقصف العشوائى الإسرائيلى لقطاع غزة، ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو لتغيير حكومته بإقصاء العناصر الأكثر تشددًا فيها، وتغيير استراتيجية إسرائيل العسكرية وتوضيح التزامها بحل الدولتين صيغةً وهدفًا لعملية سلام مع الفلسطينيين مستقبلًا.
وفى اليومين التاليين لذلك الخطاب تعرض مستشفى الشفاء للقصف مرة أخرى، بما فى ذلك بوابة الدخول ومبنى الجراحة، ويعد ذلك أكثر الأحداث دموية التى أوردتها التقارير فى يومى 17 و18 وكسرت حالات الاستشهاد ال100 وكذلك الإصابات. ورغم انتقاد بايدن لإسرائيل إلا أنه فى البداية كان يؤكد على أنه لم يطلب من إسرائيل وقف إطلاق نار فورى، ولكن بالتدريج خاصة مع اقتراب شهر رمضان، وأصبحت هناك حالة من الأمل والتفاؤل التى كانت تظهر فى ردود بايدن على سؤال ما إذا كان سيحدث وقف لإطلاق النار قريبًا فى غزة.
من ضمن ردوده «الأمل ينبع إلى الأبد، لقد كنت على اتصال هاتفى مع زعماء المنطقة، على الأرجح ليس بحلول يوم الاثنين، لكنى متفائل» كان ذلك يوم 1 مارس 2024.
وكان يعبر عن أمله فى حدوث وقف لإطلاق النار بحلول شهر رمضان فقال فى تصريح له يوم 2 مارس «آمل أن يتم التوصل لوقف إطلاق نار بين إسرائيل وحركة حماس بحلول شهر رمضان، لكننا لم نصل إلى هذه النقطة بعد».
ومن يوم 1 حتى 4 مارس تواصلت عمليات القصف الإسرائيلى الكثيف والعمليات البرّية وفقًا لمكتب الأمم المتحدة وارتفع عدد القتلى جراء حادثة 29 فبراير على طريق الرشيد جنوب مدينة غزة، حيث قُتل وأصيب أشخاص أثناء سعيهم للحصول على المساعدات المنقذة للحياة، إلى 118 شخصًا، وفى الأيام الأربعة استشهد 306 وأصيب 543 مواطنًا. فى تصريح آخر 10 مارس قال إن التوصل إلى وقف إطلاق النار قبل رمضان لا يزال ممكنًا. مقابل ذلك من يوم 8 مارس إلى 11 مارس جاء تقرير الأمم المتحدة بارتفاع حصيلة الضحايا جراء سوء التغذية والجفاف إلى 25 ضحية، من بينهم 21 طفلًا، وفقًا لوزارة الصحة فى غزة وفى هذه الفترة استشهد 234 وأصيب 358.
ومع نهاية هذه المرحلة وصل عدد الشهداء إلى 31.112 شهيدًا و72.760 مصابًا.
المرحلة الثالثة:
12 تصريحًا من 26 مارس حتى 19 مايو
مع تغير النبرة العامة فى خطابات بايدن التى تم تحليلها من خلال قاعدة البيانات والتى ضمت فى تلك المرحلة 12 خطابًا من نهاية شهر مارس حتى منتصف مايو من العام الجارى، لتشمل لغة أكثر تشددًا مع إسرائيل مع ضرورة البدء فى اتخاذ خطوات تجاه المفاوضات نتيجة تصاعد الموقف العالمى على إثر أفعال قوات الاحتلال بقطاع غزة، إلا أن تطور تلك اللهجة لم يكن ملموسًا على أرض الواقع، ففى تلك الأثناء تعرضت المنطقة التى تقطنها نورا وأطفالها لقصف شديد، مهرولة إلى إحدى المناطق المجاورة فى محاولة منها للنجاة بأطفالها، وخلال ذلك شهدت ابنتها «رزان» ذات الثمانى سنوات عمليات قتل كثيرة خلال ذلك القصف، مما عرضها لصدمة نفسية شديدة فقدت على إثرها النطق. ومع فقدان «رزان» النطق فقدت «نورا» الأمل فى وقف إطلاق النار بالرغم من البيانات الكثيرة التى تصدر عن جهات مختلفة للتأكيد على ضرورة المفاوضات والوصول لحل لإرضاء جميع الأطراف. فى هذه الفترة اختلفت لهجة بايدن تجاه إسرائيل فأصبحت أكثر تشددًا، كما بدأ بايدن فى أخذ خطوات تجاه المفاوضات.
وحسب ال«بى بى سى» فى ال26 من مارس بدأ صبر جو بايدن وكبار مسؤوليه ينفد إزاء الطريقة التى تخوض بها إسرائيل الحرب، حيث استخدم المسؤولون الأمريكيون لغة أكثر تشددًا بشكل كبير ليعبروا عن استيائهم مما يجرى فى غزة لإسرائيل أو للعالم أجمع. ويظهر سماح الولايات المتحدة بتمرير قرار وقف إطلاق النار خلال مجلس الأمن، أن بايدن قرر أن الكلمات القوية تجاه إسرائيل ليست كافية.
وبعد ذلك بيوم فى 27 مارس قتل 76 فلسطينيًا وأصيب 102 إثر دمار واسع لحق بالخدمات الصحية فى شمال غزة ووقتها أوشكت المنظومة الصحية على الانهيار فى جنوب غزة.
وفى التاسع عشر من مايو وخلال خطاب التخرج بكلية مورهاوس فى أتلانتا، قال بايدن إن هناك «أزمة إنسانية فى غزة، ولهذا السبب دعوت إلى وقف فورى لإطلاق النار. وقف فورى لإطلاق النار، أوقفوا القتال!» وأشار إلى أن «هذه واحدة من أصعب المشاكل وأكثرها تعقيدًا فى العالم، وليس هناك شىء سهل فيها».
فى 20 مايو بعد خطاب بايدن بيوم واحد، سقط 106 شهداء وأصيب 176 وحذرت وزارة الصحة من زيادة كبيرة أخرى فى سوء التغذية والأمراض المعدية بسبب النزوح نحو مناطق تفتقر إلى الغذاء والمياه وغيرهما من الضرورات الأساسية. وفى نهاية هذه الفترة وصل عدد الشهداء إلى 35.562 وعدد المصابين 79.562.
المرحلة الرابعة:
«مشروع بايدن» ضمن 9 تصريحات من 31 مايو حتى 19 أغسطس
فى المرحلة الرابعة سعى بايدن إلى وقف إطلاق النار الفورى، ففى 31 مايو أعلن بايدن عن مقترح إسرائيلى لوقف إطلاق النار من خلال خطة مكونة من ثلاث مراحل.
وطلب بايدن من إسرائيل التريث والتفكير، وتزامن ذلك مع استمرار القصف على غزة وتوقف عمل كافة مخابز رفح حسب برنامج الأغذية العالمى، وغدت الشواغل الصحية تتخطى مستويات الأزمة فى خان يونس ودير البلح. ومنذ يوم 31 مايو حتى 3 يونيو قتل 195 وأصيب 720 فلسطينيًا. ورغم ظهور عثرات كثيرة منذ بداية الخطة كان بايدن يقول إنه مازال هناك أمل، حيث إنه قال للصحافة فى 19 أغسطس 2024- بعد قضائه عطلة نهاية الأسبوع فى منتجع كامب ديفيد- إن المحادثات لا تزال جارية و«نحن لن نستسلم والتوصل إلى اتفاق ما زال ممكنًا».
وجاء تصريح بايدن بالتزامن مع وصول وزير خارجيته أنتونى بلينكن إلى تل أبيب، فى إطار الجهود الدبلوماسية المكثفة التى تبذلها واشنطن للتوصل إلى وقف لإطلاق النار فى غزة.
تزامن ذلك مع المزيد من الأحداث الوحشية فى غزة، حيث جاء فى تقرير مكتب الأمم المتحدة من يوم 19 إلى 22 أغسطس أنه تم قصف مدرسة مصطفى حافظ الحكومية، التى تؤوى نازحين فى حى الرمال، غرب مدينة غزة، كما بلغ عدد الأطفال الذين شُخصت إصابتهم بسوء التغذية الحاد فى شمال غزة أربعة أضعاف ما كان عليه فى شهر مايو، فى حين زاد عددهم عن الضعف فى الجنوب. ولم يتمكن سوى 1٪ من الأطفال فى شمال غزة و6٪ منهم فى الجنوب من الحصول على التنوع الغذائى الموصى به، ونتيجة كل ذلك استشهد 126 وأصيب 401.
المرحلة الخامسة:
عودة المرحلة الرمادية
«كانت لدينا حياة وأحلام نسعى لتحقيقها.. كانت لدينا بيوت وعائلات وأرحام نصلها، جاءت الحرب وأخذت كل شىء، أخذت منا مدينتا لم يبق من غزة شىء.. دُفنت كلها تحت الدمار والهدم، ودفنا أرواحنا وذكرياتنا تحت الركام، ليتنى مِتُ مع الشهداء».. تلك هى كلمات «نورا» الأخيرة بعد أن فقدت الأمل فى إيقاف الحرب، لا سيما أن معاناتها هى وأسرتها تتفاقم كل يوم تلو الآخر.
وتوافق حالة اليأس التى تملكت «نورا» المرحلة الخامسة من تحليل تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن، والتى طغى عليها عدم الوضوح.
فالمرحلة الخامسة من تحليل التصريحات شملت الفترة من 23 أغسطس حتى شهر سبتمبر، حيث إنه بعد فشل خطة بايدن، وعدم التوصل لحل يرضى الطرفين عادت تصريحات بايدن مجددًا إلى النبرة الرمادية، حيث إن معظم تصريحاته يتحدث فيها عن السعى للمفاوضات ولكن دون وضع خطة حقيقية.
فى 23 أغسطس عادت اتصالات بايدن مع أمير قطر والرئيس عبدالفتاح السيسى (بشكل منفصل) «لمناقشة الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراح الرهائن» وفقًا لما أعلن البيت الأبيض. ومقابل ذلك جاء تقرير مكتب الأمم المتحدة لأحداث غزة من يوم 23 حتى 26 أغسطس، بمقتل 170 شهيدًا وإصابة 390 بسبب عمليات القصف المتواصلة.
وفى آخر يوم من شهر أغسطس 31 وعلى الرغم من الأحداث غير المبشرة بقرب وقف إطلاق النار، فإن بايدن لا يزال يتحدث بتفاؤل تجاه التوصل لحل وإنهاء الصراع، ففى «ريهوبوث بيتش» بولاية ديلاوير قال بايدن للصحفيين: «أعتقد أننا على وشك التوصل إلى اتفاق، حان الوقت لإنهاء هذه الحرب»، وأضاف «نعتقد أننا قادرون على إتمام الاتفاق، لقد قالوا جميعًا إنهم متفقون على المبادئ». وفقًا لرويترز.
فى الثانى من سبتمبر قال بايدن إن بنيامين نتنياهو لا يفعل ما يكفى من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة وتبادل الأسرى، مشيرًا إلى قرب التوصل لاتفاق نهائى بهذا الشأن. وأضاف للصحفيين فى البيت الأبيض «نحن قريبون جدًّا من التوصل إلى اتفاق، ولا أعتقد أن نتنياهو يفعل ما يكفى حيال ذلك».
وفى الناحية الأخرى وفقًا لتقرير مكتب الأمم المتحدة من يوم 29 أغسطس إلى 2 سبتمبر تواصلت عمليات الاجتياح البرى، خاصة فى بيت حانون وجنوب غرب مدينة غزة والمنطقة الشرقية من خان يونس ودير البلح وشرق رفح وجنوبها، فضلًا عن استمرار القتال العنيف، وأدى ذلك إلى وقوع 184 شهيدًا وإصابة 369.
من أبشع الحوادث الدموية فى تلك الأيام الخمسة هو ما حدث فى 29 أغسطس، حيث قتل 9 فلسطينيين من بينهم 3 أطفال اثنان منهم حديثا الولادة وامرأتان إحداهما حامل فى قصف مبنى سكنى غرب مخيم النصيرات للاجئين فى دير البلح. وفى الخامس والسادس والثامن من سبتمبر صدرت تصريحات من إدارة بايدن تفيد بأن الإدارة تبحث لوضع خطة جديدة لوقف إطلاق النار وأن البيت الأبيض يعمل على مدار الساعة للتوصل لوقف إطلاق النار فى غزة وأن بايدن يريد انتهاء الحرب وعودة المحتجزين.
مقابل ذلك جاء تقرير مكتب الأمم المتحدة من يوم 2 حتى 5 سبتمبر، بسقوط 110 شهداء وإصابة 230، إثر عمليات القصف غير المنقطعة.
ومن يوم 5 حتى 8 سبتمبر قتل 94 وأصيب 307 ليصل بذلك عدد الشهداء الكلى منذ بداية الحرب إلى ما لا يقل عن 40.972 وإصابة 94.761.
وتنهى «نورا» حديثها: «لا أعلم مصيرى أنا وأطفالى، فزوجى طريح الفراش وابنتى فقدت النطق ونحن مشردون والحصار شديد فى الشمال؛ فلا نجد ما نقتاته أنا وأطفالى بعدما أطعمتهم شعير الحيوانات بعد أن بلغ بهم الجوع أشده، وبالرغم من كل ذلك فالقصف لا يتوقف، فتلك الحرب اللعينة لن تهدأ إلا بعد أن يتم محو غزة».
لم يختلف وضع نورا وأطفالها كثيرًا عن حال كل العائلات فى غزة، فالحرب التى استمرت ل365 يومًا لم تشبه مثيلاتها من الحروب، فإنها تعمدت قصف المدنيين والمناطق الآمنة والمستشفيات ومحو كل المعالم الرئيسية فى المدينة. وبالرغم من كل تلك التصريحات التى تم رصدها وتحليلها بالتحقيق فإنه لم يكن لها تأثير واضح على أرض الواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.