قال سفير الصين لدى القاهرة، لياو ليتشيانج، إنه في السنوات الأخيرة، تحت الاهتمام الشخصي للرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس شي جين بينج، تمت المواءمة العميقة بين التحديث الصيني النمط وبناء «الجمهورية الجديدة» في مصر، والمواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية مصر 2030»، الأمر الذي أضفى قوة دافعة قوية للتعاون العملي بين مصر والصين، جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي اليوم الأحد للإعلان عن نتائج القمة الصينية الإفريقية. وأضاف السفير أن الصين تظل كأكبر شريك تجاري لمصر منذ عام 2013، وقد اجتذبت منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري (تيدا) أكثر من 160 شركة، مما وفر فرص عمل لعشرات الآلاف من المصريين، وأصبحت منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة والأبراج في مدينة العلمين الجديدة بمقاولة الشركات الصينية، رمزا بارزا ل«الجمهورية الجديدة»، وأصبحت السكك الحديدية بمدينة العاشر من رمضان أول سكة حديدية مكهرب في مصر، يستفيد منه 5 ملايين شخص على طول الخط، أصبحت مصر أول دولة إفريقية أصدرت «سندات الباندا» في الصين، مما يوفر الدعم المالي للتنمية المستدامة في مصر، وتم إطلاق القمر الاصطناعي «مصر سات 2» من الصين، مما ساعد مصر لأن تصبح دولة متقدمة في إفريقيا في مجال الفضاء. وتابع: هناك حوالي 30 جامعة تدرس فيها اللغة الصينية، وتدرّس أكثر من 20 مدارس متوسطة حكومية اللغة الصينية، كما توجد 32 رحلة جوية مباشرة بين البلدين كل أسبوع، ويتكثف تبادل الأفراد باستمرار. وساهمت الفعاليات الثقافية مثل «معرض الأعمال الإبداعية للفنانين الصينيين والعرب» والحفلة للموسيقى القومية الصينية المصرية وبطولة «عيد الربيع السعيد» الوطنية للووشو، و«الشاي والعالم» في إثارة حماسة المصريين بالصين، في الفترة الأخيرة، نقلت مصر حوالي 800 قطعة أثرية نفيسة إلى الصين للعرض في مدينة شانغهاي، الأمر الذي أثار اهتماما واسعا لدى الصين. وأوضح أن منتدى التعاون الصيني الإفريقي، الذي تم تأسيسه في عام 2000، يعتبر أول آلية منتظمة أقامتها الصين مع الدول النامية، وأول آلية متعددة الأطراف أقامتها الصين مع القارة ككل، خلال السنوات ال24 الماضية، قد تمت إقامة 4 قمم و9 اجتماعات وزارية و17 اجتماع كبار المسؤولين، وقد أصبح المنتدى منصة مهمة وآلية فعالة لتعزيز الحوار الجماعي والتعاون العملي بين الصين والدول الإفريقية، وكذلك علامة بارزة للتعاون بين دول الجنوب. وتابع: منذ تأسيس المنتدى، تحولت العلاقات الصينية الإفريقية من «الشراكة الجديدة» إلى «الشراكة الاستراتيجية الجديدة» ثم إلى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» وصولا إلى «المجتمع الصيني الإفريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد»، وازداد الطابع الاستراتيجي باستمرار. وعن حجم التبادل التجاري، قال إنه في عام 2000 زاد من 10.5 مليار دولار إلى 282.1 مليار دولار في عام 2023، بزيادة 26 ضعفا، كما ارتفع إجمالي الاستثمار الصيني في إفريقيا من 500 مليون دولار إلى 40 مليار دولار في الوقت الحالي. وحقق التعاون في بناء «الحزام والطريق» إنجازات مثمرة، ونُفذت «خطة التعاون العشر» لقمة جوهانسبرج و«الأعمال الثمانية المشتركة» من قمة بكين و«المشاريع التسعة» من قمة داكار بشكل سلس، ووفقا للإحصاء، قد ساعدت الصين إفريقية في بناء وتحديث 100 ألف كيلومتر من الطرق العامة، و10 آلاف من السكة الحديدية وحوالي ألف جسر و100 ميناء، وأرسلت الصين الفرق الطبية إلى تقريبا جميع الدول الإفريقية، وتجولت هذه الفرق في المناطق الريفية لتقديم العلاج لحوالي 230 مليون شخص في إفريقيا، وفي ال 3 سنوات الماضية وفرت الشركات الصينية أكثر من مليون و100 ألف فرصة عمل لإفريقيا. وأوضح أنه خلال التعاون طويل الأمد مع إفريقيا، تبلورت الخصائص والتقاليد التي يجب الاعتزاز والالتزام بها: أولا، عدم التدخل في الشؤون الداخلية لإفريقيا وتقديم المساعدات بنية صادقة، وعدم فرض أي شرط سياسي. ثانيا، تلبية احتياجات إفريقيا، وإيلاء الاهتمام بمشاريع البنية التحتية كالمحرك وكذلك المشاريع المعيشية الصغيرة والجميلة، ومساعدة إفريقيا في رفع القدرة على التنمية الذاتية، وتحويل المزايا في الموارد الطبيعية والبشرية إلى القوة التنافسية ورفاهية الشعب. ثالثا، عدم الخوض في اللعبة الجيوسياسية، ورفض المحاولات لتشكيل الاستقطاب في إفريقيا أو تحقيق المصالح الأنانية باستخدام إفريقيا. ولفت إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينج، طرح الرؤية ذات ال 6 نقاط، للتعاون الصيني الإفريقي في دفع التحديث، وهي العدالة والإنصاف، والانفتاح والكسب المشترك، وأولوية الشعب، والتنوع والشمول، والحفاظ على البيئة، والسلم والأمن، جاءت هذه الرؤية من التفكير العميق حول مجتمع المستقبل المشترك للبشرية والتحديث الصيني النمط، مع أخذ في الاعتبار متطلبات إفريقيا العملية بزيادة مشاركتها في الحوكمة العالمية، وتصحيح المظالم التاريخية، وتحقيق التحديث، وذلك يجسد سعي الصين وإفريقيا نحو بناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن الشامل والرخاء المشترك والانفتاح والشمول والنظافة، ويوضح الاتجاه للتعاون الصيني الإفريقي في حل عجز السلام وعجز التنمية وعجز الأمن وعجز الحوكمة، وهذا الاتجاه يتجاوز النمط التقليدي لنظرية التحديث الغربي، ويكمل نظرية التحديث للبشرية.