أثارت استعادة الاحتلال الإسرائيلي ستة أسرى جثثا هامدة تزامنًا مع تعطيل رئيس وزراء الاحتلال المفاوضات وإطاحته بصفقة كانت محتملة جراء تمسكه بالبقاء على محاور صلاح الدين «فلالفيا»؛ غضبا في الأوساط الإسرائلية، وذلك وسط تأجج الخلافات بين نتنياهو ووزير جيشه يؤآف جالانت، وفي ظل نشوب اشتباكات بين الشرطة الاسرائلية وأسر الأسرى الذين خرجوا في تظاهرات رافضة. رصاصات قاتلة في الرأس ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر مجهل بجيش الاحتلال قوله إن تشريح جثث جميع الأسرى الستة الذين جرى استعادة جثامينهم من قطاع غزة أظهرت أنهم أصيبوا برصاصات قاتلة في الرأس، في إشارة إلى أن المقاومة أبت ألا يعودوا أحياءً. وأضافت الصحيفة أن ضمن الأسرى الستة ثلاثة كانت أسماؤهم مدرجة في قائمة عرضها الاحتلال في الصفقة التي كانت محتملة لولا إفشال نتنياهو جولة التفاوض الأخيرة، معتبرة أن رئيس وزراء الاحتلال أجهز على فرص استعادتهم أحياء، وأن الأسرى «ضحايا تعنت نتنياهو». أما صحيفة يديعوت أحرونوت ذات الميول اليمينية، فانتقدت في مقال لعنان شاكيد «عدم التزام إسرائيل بالتزاماتها تجاه مواطنيها» معتبرة أن «حكومة نتنياهو تقاعست عن نجدة الأسرى وضحت بهم قربانا على مذبح محور فيلادلفيا». وأضافت الصحيفة في مقال شاكيد الذي حمل عنوان «العقد مختل والدولة لن تبذل قصارى جهدها»، أن «الأسرى القتلى ليسوا ضحايا حماس فقط، بل أيضا ضحايا إسرائيل» على حد وصفها. من جهة أخرى ربطت بعض الصحف تمسك نتنياهو بالبقاء على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وإفشاله فرص التهدئة بما حدث للأسرى؛ إذ قالت «هآرتس» -في مقال افتتاحي بعنوان «إصرار نتنياهو على محور فيلادلفيا قد يفشل الصفقة والوسطاء يبحثون عن حل آخر»- إن مجلس الوزراء الأمني المصغر صوّت لصالح البقاء في المحور ولم يعترض عليه إلا وزيرالدفاع يؤآف جالانت الذي نُقل عنه قوله ساخطا في اللقاء: «يستطيع رئيس الوزراء اتخاذ قرار قتل كل المحتجزين»، خاصة أن الانسحاب من المعبر لن يكون - وفقا له - إلا ل6 أسابيع تستطيع بعدها إسرائيل استئناف القتال في أي مكان من قطاع غزة، بما فيه المحور نفسه. وأضافت الصحيفة الإسرائلية أن تصويت المجلس الوزاري لصالح البقاء في المحور حتى قبل عودة الوفد الإسرائيلي من الدوحة، لا يحتمل إلا معنى واحدا وهو أن قرار نتنياهو غير مبني على الوقائع، وما هو إلا مناورة سياسية تهدف لتأخير المفاوضات. وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن موقف جالانت يثبت أن الجيش الإسرائيلي ليس من يصر على البقاء في محور فيلادلفيا، إذ لا يراه ضروريا، وذلك على عكس موقف نتنياهو وشركائه وأنصاره الذين تحركهم اعتبارات غير أمنية، وباتوا يرون في المحور مكسبا إستراتيجيا يساعد في إفشال الصفقة. مشادة بين نتنياهو وجالانت يأتي ذلك بعد خلافات نشبت بين نتنياهو ووزير جيشه، يؤآف جالانت بشأن «خرائط فلادلفيا»؛ إذ قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن اجتماع مجلس الحرب الوزاري المصغر «كابينيت» بشأن محور فلادلفيا (صلاح الدين) شهد مشادة كلامية وصراخا بين نتنياهو وجالانت، موضحة أن البأخير قدم في الاجتماع الأمني الوزاري لمحة عامة عن «المفترق الإستراتيجي» الذي تواجهه إسرائيل، عندما عرض نتنياهو خرائط محور فيلادلفيا فهاجمه غالانت واتهمه بفرضها على الجيش ليرد نتنياهو على جالانت قائلا إنه سيحمل الخرائط بشأن فيلادلفيا إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها. وذكرت الصحيفة أن وزيرين كبيرين، لم تسمهما، وصفا المواجهة بين نتنياهو وجالانت بأنها «أخطر اشتباك» بين الطرفين منذ بدء الحرب على قطاع غزة، معتبرة أن رؤساء الأجهزة الأمنية يعتقدون أن إسرائيل على مفترق إستراتيجي ولا أهمية للبقاء في فيلادلفيا، وأن الوزراء المشاركين في الجلسة الأمنية وقعوا على وثيقة تمنعهم من تسريب النقاش. من جهتها، نقلت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مصدر دبلوماسي قوله إن قرار مجلس الوزراء بشأن البقاء في محور فيلادلفيا يشكل ضربة للمفاوضات. وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلت الجمعة عن مسؤولين مطلعين أن المجلس الوزاري المصغر صدق على إبقاء السيطرة على محور فيلاديلفيا في إطار صفقة محتملة. وقال المسؤولون إن وزير الدفاع يوآف جالانت عارض قرار السيطرة على المحور وأيده 8 من أعضاء المجلس لافتة إلى أن وزراء في المجلس المصغر قالوا خلال اجتماع إن إبقاء السيطرة على المحور تسهم في احتمال التوصل لصفقة تبادل. كما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن سبب هجوم السابع من أكتوبر 2023 كان عدم سيطرة إسرائيل على محور فيلاديلفيا في حينه. ويصر الاحتلال الإسرائيلي على استمرار سيطرنه العسكرية على محوري فيلادلفيا ونتساريم في حين تتمسك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من قطاع غزة، ضمن أي اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى. ومنذ أشهر، تتوسط مصر وقطر في مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، بينما تدعم الولاياتالمتحدة هذه الجهود عبر اتصالات ولقاءات مع مسؤولين إسرائيليين ومصريين وقطريين. وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 حربا على غزة، أسفرت عن أكثر من 134 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.