لا أكتب هذا المقال الموجز ببعض صفاتى الثقافية كمؤلفٍ للعديد من الكتبِ والمقالاتِ وليس كمحاضرٍ أكاديمى، وإنما كشخصٍ كان ذات يوم الرئيس التنفيذى لشركة بترول عالمية، كانت ولاتزال واحدةً من محتلى مواقع القمة بتروليًا. كذلك، فأنا أكتبُ هذا المقال كواحدٍ ممن صاغوا منذ أربعة عقود أسس اتفاقيات البحث عن الغاز الطبيعى وإنتاجه. وأنا أكتبُ من بابِ الخشيةِ على مصداقيةِ قطاع البترول المصرى. يرتبط رواجُ وازدهارُ ونجاحُ قطاع البترول المصرى فى مجالِ النجاحِ فى جذبِ شركات البترول العالمية للبحث عن البترول والغاز الطبيعى بكلمتين، هما «اقتسام الإنتاج». فالاتفاقيات التى نجحت مصرُ عن طريقِها فى حضِّ الكثير من شركات البترول العالمية على الاستثمارِ فى مجال البحث عن البترول والغاز وإنتاجهما معروفة عالميًا باتفاقيات اقتسام الإنتاج. وعن طريق محرك البحث «جوجل» يمكن إلقاء نظرة على كتابٍ ألفتُّه (بالإنجليزية) ونُشِر منذ سنوات فى هولندا عن هذه الاتفاقيات. وحياة أو موت الاتفاقيات البترولية المعروفة باتفاقيات اقتسام الإنتاج يرتبطان بالتنفيذ العملى لهاتين الكلمتين «اقتسام الإنتاج» أى اقتسام عوائد الإنتاج وفق القواعد والأسس المُتفق عليها. وحصول الجانب المصرى على الحصتين من البترول أو الغاز المنتج، أى حصته وحصة الشريك دون تمكين هذا الشريك من الحصول على حصته، إما كبترول أو كغاز، أو الحصول على المقابل المادى/ المالى لحصته هو (بلا شك) يُعادل أو يُقابل أن يُقال لهذا الشريك: أمامك اختيار أول هو «الخسارة» الفادحة، واختيار آخر هو «الرحيل»!. ومعروفٌ أنه منذ بدأ عدم حصول الشركاء على حصصهم من الإنتاج، فإن معظم أكبر عشر شركات بترول عالمية (وأكبرها إكسون) لم يعد لها كبير وجود فى مجال البحث عن البترول والغاز فى مِصر. لذلك، فإننى أحلمُ بتجاوز هذه الغمة، أى عدم حصول شركاء قطاع البترول المصرى على حصصهم، وفق ما حددته اتفاقيات اقتسام الإنتاج التى وقعوها مع الجانب الوطنى. ومعلوم أن أكثر شركة بترول عالمية كانت تثق فى جدوى الاستثمار فى عمليات البحث عن البترول والغاز فى مِصْرَ هى شركة إينى الإيطالية. وكلى أمل ألَّا يتسبب عدم حصولها على حصتها من الإنتاج (عينًا أو نقدًا) فى تراجع حماسها للاستثمار فى مِصْرَ. فهى (كما ذكرت) كانت الأكثر إقبالًا على العمل فى مجال البحث عن البترول والغاز فى مِصْرَ بموجب اتفاقيات اقتسام إنتاج. ومعروفٌ عنى (فى كل ما أكتب) العزوف عن المفردات المتشددة، ومع ذلك فأنا مضطرٌ لأن أقول إن عدم القضاء الكلى على هذا المُشكل هو بمثابة طعنة دامية لقطاع من أهم قطاعات الاقتصاد المصرى، وهو قطاع البترول.