الوضع فى منطقة الشرق الأوسط لن يبقى كما هو عليه، بل أن ثمة معطيات تشير إلى أن «الأرض تتأهب لحدث عظيم»، ما لم يتم «وضع حد لسياسة حافة الهاوية» التى ينتهجها، رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مدفوعًا بأجندة اليمين الإسرائيلى المتطرف ووهم ما يسمى ب«إسرائيل الكبرى»، مستنكرًا سياسات نتنياهو وسعيه الدؤوب ل«إعادة هندسة المنطقة» وإخضاعها ل«الأجندة الترمبية»، عبر الاغتيالات وتوسيع دائرة الصراع فى المنطقة العربية، أكد عيران عتصيون نائب رئيس المجلس الأمنى الإسرائيلى السابق، عبر تدوينة طويلة بموقع «إكس»، أن إسرائيل لن تنتصر تحت أى ظرف، معتبرًا أن الأرض ربما «تتأهب لحدث عظيم» فى ظل وجود حلقة خانقة شكلتها إيران ونجت فى لفها حول عنق إسرائيل. وحذر المسؤول الإسرائيلى السابق، نتنياهو من إشعال المنطقة، مؤكدًا أن إسرائيل أكثر عرضة للخطر من «أعدائها»، لا سيما فى ظل الخطر الذى يحدق بها بسبب «وحدة الساحات»، معتبرًا أن نجاح إسرائيل فى اختراق طهران استخباراتيا وتنفيذها عملية اغتيال نوعية على أراضيها لا ينفى أن طهران فى وضع جيد جدا، بعد نجاحها فى بناء جسر يجعل منها حلقة وصل حيوية فى المحور الروسى-الصينى، وبعدما نسجت «حلقة خانقة» حول عنق إسرائيل وأثبتت أن نموذج «حلقة النار» و«حرب الوكلاء»، يعمل بشكل مثالى وفعال ويغير قواعد اللعبة على المستوى الاستراتيجى. ووفق المسؤول الإسرائيلى، أدى فشل واشنطن وتل أبيب فى تشكيل تحالف مناهض لإيران فى المنطقة العربية إلى نجاح مساعى طهران عبر وكلائها «الحوثى» و«حزب الله» فى خوض حرب استنزاف ناجحة ضد إسرائيل ولف «حلقة خانقة» حول عنقها. واعتبر المسؤول الإسرائلى، أن نتنياهو الذى يسعى بشكل دؤوب لتوريط الولاياتالمتحدة فى سيناريو« الحرب الإقليمية الموسعة»، لا يهدد أمن المنطقة العربية فحسب بل «يعرض الأمن القومى الإسرائيلى للخطر عن عمد»، فيما قادة الجيش الإسرائيلى والجهاز الأمنى فى حيرة من أمرهم، ورغم فهمهم خطورة الوضع جيدا، إذ يخشون اتخاذ موقف علنى، ونتنياهو يدرك ضعفهم ويستغله. ويجاهر نتنياهو، فى تصريحات رسمية، بأن إسرائيل تتأهب لجميع الاحتمالات، بما فى ذلك سيناريو الحرب الكبرى، لذا حذر نائب رئيس المجلس الأمنى الإسرائيلى السابق، من هذا السيناريو، مؤكدا أنه «فى السياق والتوقيت الحاليين، لن تنتصر إسرائيل، تحت أى ظرف حال خاضت حربا موسعة، بل ذهب إلى أن إسرائيل أكثر عرضة للخطر من أى من أعدائها، على حد وصفه. واعتبر المسؤول الإسرائيلى، أن وحدة الساحات تشكل خطرا على إسرائيل- لاسيما فى وقت تعانى فيه تل أبيب أسوأ أزمة اقتصادية منذ 1973 وسط استنزاف قواتها الاحتياطية وتضرر جيشها النظامى بسبب إنهاكها فى حرب غزة خلال ال300 يوم السابقة، محذرا من تحالف «الحلقة الخانقة» لوكلاء إيران وأن القدرة الاستيعابية لدى الحوثيين وحزب الله ولبنان، وبالتأكيد لدى إيران، أكبر بكثير من قدرة إسرائيل، مختتما بأن: دولة صغيرة بأرضها وعدد سكانها، وغربتها وغرقها فى بحر أعدائها لا ينبغى لها أن تنزلق لحرب أوسع نطاقا مع أعداء أقوى من حماس. إذا، تشكل المنطقة حلبة صراع بين إيران ومعها «محور المقاومة»، متمثلا فى الفواعل من غير الدول (حزب الله اللبنانى وجماعة الحوثى اليمنية والنجباء العراقية/ السورية ومعهم حماس)- من جانب ونتنياهو ومعه اليمين المتطرف المدفوع بأجندة توسعية إحلالية يغريها وهم «إسرائيل الكبرى» على حساب أمن المنطقة وسط ظرف إقليمى ودولى مأزوم ومشحون مع انشغال واشنطن والغرب فى الحرب الأوكرانية فى سياق مساعى بعض القوى ومنها روسيا والصين وإيران لاغتنام الفرص وإنهاء الهيمنة الغربيةوالأمريكية على العالم ودفعه نحو التعددية القطبية فى سياق يضع منطقتنا قسرا على خط الصراعات المتواصلة. وللوقوف على مستقبل المنطقة فى ظل هكذا ظرف مشحون، وهل تدفع تداعيات عملية اغتيال إسماعيل هنية وتوقيتها نحو« تصعيد تدريجى» للوضع الأمنى فى المنطقة، قال اللواء نصر سالم، الخبير الاستراتيجى والعسكرى والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية: إن نتنياهو يتبع «استراتيجية الهروب إلى الأمام» لصرف الأنظار عن قطاع غزة ومواصلة الإبادة بحق الحد الأقصى من المدنيين فى القطاع تحت مظلة (حلم إسرائيل الكبرى) موضحًا أنه يريد كسب مزيد من الوقت لحين الانتهاء من الانتخابات الأمريكية أملا فى فوز ترامب وتنفيذ «الأجندة الترمبية» التى لا تعترف بإقامة الدولة الفلسطينية. المحلل العسكرى الفلسطينى، اللواء متقاعد، يوسف الشرقاوى، يرى أن شعار أمريكا فى هذه المرحلة فى ظل الخطر الذى يهدد انفرادها بالهيمنة على العالم: «إما الإذعان بشأن الملفات العالقة فى المنطقة كافة أو تركها للحرب»، مؤكدًا أن حزبى أمريكا الديمقراطى. والجمهورى يعتبران إسرائيل مصلحة أمريكية مستدامة، وضرورة لضمان استقرار مصالحها فى المنطقة. وأضاف الشرقاوى أن إعادة هندسة المنطقة استراتيجيا تستوجب أن تكون منطقة الشرق الأوسط بلا محور مقاومة أو ممانعة، والوصول لذلك يقتضى أن تكون إسرائيل قوية ومتفوقة عسكريا، من ناحية، مع أضعاف إيران وعزلها من ناحية أخرى، لكن ذلك لن يحدث فى المدى القريب أو المتوسط لذا سوف تستمر الصراعات. وأعادنا لتصريح بايدن خلال زيارته لبيت لحم وقوله إن «أمريكا تأمل وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة جنبا إلى جنب مع إسرائيل لكن ذلك ليس متاحا فى المدى القريب». ويرى المحلل الفلسطينى، أن إيران سوف تسعى لفرض سيناريو اللاحرب واللا سلم من خلال أذرعها حزب الله فى لبنان، والحوثى فى اليمن، والحشد الشعبى فى العراق، وقواعدها فى سوريا وتوحيد الساحات فى المنطقة ضد إسرائيل مرجحا أننا سنرى مزيدًا من التصعيد على الجبهة اللبنانية (كون حزب الله أقوى أذرع إيران فى المنطقة) وتوقع أن اجتماع المرشد الإيرانى مع حزب الله اللبنانى والنجباء العراقية وجماعة الحوثى اليمنية، ما يرفع سقف الردع عبر وكلائها؛ وسينتهى إلى تأجيل الرد الانتقامى لدماء هنية واتباع سياسة الانتظار الاستراتيجى إلى حين إتمام مشروع إيران النووى مرجحًا تواصل الصراع بين إسرائيل و«الحلقة الخانقة» لمحور المقاومة بقيادة إيران ومد أمد الصراع بينهما فى حلبة «الشرق الأوسط».