فيلم تسجيلي عن الدور الوطني لنقابة الأشراف خلال احتفالية المولد النبوي    رئيس جامعة القناة يتفقد تجهيزات الكلية المصرية الصينية للعام الدراسي الجديد (صور)    «أنا مسامح والدها».. صلاح التيجاني يكشف ل«البوابة نيوز» سر انفصال والديّ خديجة ومحاولته للصلح    رسميًا الآن.. ارتفاع سعر الذهب عيار 21 اليوم الخميس 19-9-2024 بنهاية التعاملات بالصاغة    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال رفع كفاءة كوبري المشاة أمام شارع المدير    فلسطين ترحب بقرار الأمم المتحدة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتطالب مجلس الأمن بتنفيذ القرار    البنتاجون: واشنطن قلقة من التصعيد في الشرق الأوسط.. واتفاق وقف إطلاق النار مهم    مسئول روسى يعلن تدمير ثلثي دبابات أبرامز الأمريكية فى أوكرانيا    وكيل ميكالي يكشف مفاجأة عن حقيقة قيادته منتخب الأولمبي    غزل المحلة يفوز على التحدى الليبى استعدادا لانطلاق الدورى الممتاز    مصرع ربة منزل سقطت من الطابق السابع في شبرا الخيمة    مصرع 3 أشخاص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم ميني باص بعمود إنارة بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي    بدءا من السبت المقبل، انخفاض درجات الحرارة    المؤبد لعاطل بتهمة الإتجار في المخدرات ومقاومة السلطات بالقليوبية    مصرع سيدة وزوجها إثر انقلاب موتوسيكل بطريق السويس الصحراوى    هيئة البث الإسرائيلية: عشرات الطائرات شاركت في الهجوم الأخير على لبنان    ما أهمله التاريخ الفني عن محمد عبد الوهاب، فعالية ثقافية جديدة بدمشق    كلام البحر.. الموسيقار حازم شاهين يستعد لإطلاق ألبوم موسيقى إنتاج زياد رحباني    علي جمعة في احتفال «الأشراف» بالمولد النبوي: فرصة لتجديد الولاء للرسول    مستشفى "حروق أهل مصر" يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي باحتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    للكشف عن الأنيميا والتقزم.. فحص 500 ألف طالبًا وطالبة في بني سويف    أمين الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعا وخيانة للأمانة    7 أبراج مواليدها هم الأكثر سعادة خلال شهر أكتوبر.. ماذا ينتظرهم؟    عاجل.. تطور مفاجئ في الانتخابات الأمريكية بسبب العرب.. ماذا يحدث؟    تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    956 شهادة تراخيص لاستغلال المخلفات    موقف إنساني ل هشام ماجد.. يدعم طفلًا مصابًا بمرض نادر    تكاليف مواجهة أضرار الفيضانات تعرقل خطة التقشف في التشيك    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    جوارديولا يحسم الجدل حول الذهاب إلى الدوري الإيطالي    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    إحباط محاولة تعدٍ على قطعة أرض مستردة من أملاك الدولة بالأقصر    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    عاجل| رئيس الوزراء يكشف تفاصيل حالة مصابي أسوان بنزلة معوية    محاكمة القرن.. مانشستر سيتي مهدد بالطرد من جميع مسابقات كرة القدم    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    تشكيل أتالانتا المتوقع لمباراة أرسنال في دوري أبطال أوروبا    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم "مدرسة أبدية"    انطلاق المرحلة الخامسة من مشروع مسرح المواجهة والتجوال    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    3 شهداء خلال حصار الاحتلال منزلا في قباطية جنوب جنين    محافظ المنوفية يضع حجر أساس لمدرستين للتعليم الأساسي والتجريبية للغات بالبتانون    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الضاحية الجنوبية إلى طهران| توابع زلزال استهداف الرؤوس الكبيرة


نوال سيد عبدالله
منذ عملية اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحماس اثناء وجود فى طهران للمشاركة فى مراسم تنصيب رئيس ايران الجديد واستهداف الرجل الثانى فى حزب الله فؤاد شكر فى الضاحية الجنوبية للبنان معقل الحزب لم يعد السؤال هل ترد ايران على هذه العملية التى نالت من كرامتها وكبريائها وسمعتها ؟
ولكنه تحول الى متى وكيف ترد ؟ مما استوجب حالة تأهب قصوى فى العديد من عواصم المنطقة أولها بالطبع ايران المستهدفة حيث شهدت اجتماعات على أعلى مستوى سياسى وأمنى بمشاركة المرشد الأعلى للجمهورية الايرانية على خامنئى لمناقشة كل السيناريوهات المطروحة مع حالة استنفار فى الساحات الموازية بالطبع اللبنانية بعد اغتيال شكر وفى اليمن جماعة الحوثى والجماعات المسلحة فى العراق وكلهم كان لهم اعمال فى اطار دعم المقاومة الفلسطينية طوال الاشهر الماضية وبعضها تسبب فى أذى شديد للداخل الإسرائيلى وعلى الصعيد الإسرائيلى تبدو الأمور على نفس المستوى من التأهب بعد ان تجاوز رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتانياهو كل الخطوط الحمراء باتخاذ قرارات التصفية دون تشاور متجاوزا داعميه وحلفائه وفى القلب منهم واشنطن التى لم يثبت باليقين انها كانت على علم بذلك على خلفية ماتم نشره عن المكالمة العاصفة التى تمت بين الرئيس بايدن ونتنياهو فى ظل ادراك الجميع بأن الأخير يجر المنطقة الى حرب اقليمية لا تسعى اليها واشنطن مع التأكيد على استمرار دعم اسرائيل فى حال الاعتداء عليها والقيام بعمليات تبديل لحاملات الطائرات فى المنطقة وتكثيف لوجودها كما انها سعت الى فتح قنوات اتصال غير مباشر مع طهران لتحذيرها من مخاطر الحرب والقبول برد ليذهب بها الى هذا الخيار وفى هذا الملف محاولة لرصد سيناريوهات الايام بل السرعات القادمة مع التأكيد على ان مباحثات التهدئة وتبادل الأسرى هى من اكبر المضاربين من هذا التصعيد وقد حرصنا على التذكير على حقيقة مهمة وهى وان حالة الانتصار والنشوة التى يشعر بها نتنياهو فهذا لا يخفى ان بلاده تعانى من حالة نزيف مستمر منذ اكثر من عشرة اشهر على كافة الاصعدة لدرجة انها لم تستطع طوال كل تلك المدة على التعاطى مع انفاق المقاومة فى القطاع التى وفقا لتقارير اسرائيل وواشنطن مازالت تعمل بكفاءة ولم يتمكن الجيش الإسرائيلى الموجود على الساحة بكل قدراته النيل منها.
خيارات المرشد خامنئى بين الحسم والتسوية
كان اغتيال رئيس المكتب السياسى لحماس إسماعيل هنية فى طهران فشلاً أمنيًا محرجًا للحكومة الإيرانية. غالبًا يحصل معظم الرؤساء الإيرانيين الجدد على أشهر للاستقرار فى نمط التصعيد النووى التدريجي، وأحيانًا، محادثات سرية مع الغرب لتخفيف العقوبات الأمريكية. لكن الوقت بين حلف اليمين للرئيس مسعود بزشكيان وبين الانفجار داخل دار تابعة الحرس الثورى الإسلامى فى طهران، كان قصيرًا جدًا. الآن بزشكيان، إلى جانب المرشد على خامنئى وكبار الجنرالات العسكريين، سيكونون غارقين فى خيارات حاسمة قد تحدد ما إذا كان ستندلع الحرب بين اثنين من أقوى الجيوش فى الشرق الأوسط.
القرار النهائى بشأن كيفية الانتقام يقع على عاتق خامنئى الذى أمر القوات الإيرانية الأربعاء الماضى بضرب إسرائيل مباشرة لدورها الظاهر فى اغتيال هنية، وفق ما نقتله صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر مطلعة.
إذا شنت إيران هجمات صاروخية مباشرة، كما حاولت لأول مرة منذ 45 عامًا فى أبريل الماضي، فإن ذلك يمكن أن يتصاعد بسهولة. إذا صعد حزب الله، أقرب حليف لها فى المنطقة، الهجمات على شمال الأراضى المحتلة أو وسع الحوثيون هجماتهم فى البحر الأحمر، فقد تمتد الحرب إلى لبنان، أو تطلب إسرائيل تدخل القوات البحرية الأمريكية للحفاظ على خطوط الملاحة مفتوحة.
وبتحليل كل هذه الخيارات تكهنت الصحيفة الأمريكية أن يكون الاختيار الأكثر خطورة على الإطلاق: هو قرار إيران باتخاذ الخطوة النهائية نحو بناء سلاح نووى فعلي.
قالت سوزان مالوني، مديرة السياسة الخارجية فى معهد بروكينجز إنه من الممكن أن الزعيم الأعلى، فى أمره بضربة انتقامية مباشرة على إسرائيل، يعنى هجومًا صاروخيًا مشابهًا لما حاولته إيران فى 13 أبريل الماضي، وهو أكبر وأوضح هجوم لها على إسرائيل منذ الثورة الإيرانية عام 1979. لكن حتى هذا الاستعراض للقوة تم التلميح إليه بشكل جيد مسبقًا. الآن من المحتمل أن تحاول الولايات المتحدة التنسيق مع حلفاء فى الإقليم لصد هجوم آخر فى الأيام أو الأسابيع القادمة. وسيحثون الإسرائيليين على عدم التصعيد عندما يحدث الهجوم، مذكرين أنه فى إبريل الماضي، تلاشت مخاوف الحرب الإقليمية بعد أن أسقطت إسرائيل بضع أسلحة فى أصفهان، بينما أبقتها بعيدة عن المواقع النووية المحيطة بتلك المدينة.
أشكال أخرى من الانتقام يمكن أن تتبع أيضًا. فى حين يعتقد المسئولون الأمريكيون أن لا إسرائيل ولا حزب الله يرغبون فى حرب على أراضى لبنان، فإن احتمالات وقوع حادث أو رد فعل مفرط قائمة. الخطوة الأكثر خطورة ستكون عبور الخط من تطوير الوقود لسلاح نووى إلى تطوير السلاح نفسه. وسبق أن حذر وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى 19 يوليو الماضى فى منتدى أسبن للأمن: بدلاً من أن يكونوا على بعد عام واحد على الأقل من الحصول على القدرة على إنتاج المادة الانشطارية لسلاح نووي، ربما هم على بعد أسبوع أو أسبوعين من ذلك.
بدوره، قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكي، «إذا بدأوا فى التحرك فى ذلك الاتجاه، سيجدون مشكلة حقيقية مع الولايات المتحدة.
وفى لبنان، شكل اغتيال القيادى بحزب الله فؤاد شكر صفعة كبيرة للحزب. نقاط ضعف حزب الله من الناحية الاستخباراتية وجرأة إسرائيل المتزايدة قد تحدث أيضاً تأثيراً معاكساً، إذ قد تدفع بالحزب وحلفائه إلى التفكير مرتين فيما إذا كانوا سيلجأون إلى التصعيد وكيف سيتم ذلك. وعد نصر الله الخميس الماضى بتنفيذ رد عسكرى من نوعٍ ما، لكنه لم يذكر بأنه سيتم تنسيقه مع جهات فاعلة أخرى مثل «الحرس الثورى الإيراني» أو الحوثيين فى اليمن. وفى الواقع، بدا وكأنه تجنب عمداً ذكر هذا التنسيق أو حتى ذكر اغتيال هنية والرد الإيرانى المحتمل.
ومع أنه تحدث عن الدخول فى «مرحلة جديدة من المعركة مفتوحة فى كل الجبهات»، أوضح أيضاً أن القرار بشأن كيفية الرد لم يتخذ بعد، فقال: «نحن نقاتل إسرائيل لكن بحكمة وغضب. وإسرائيل لا تعرف أين هى اليوم ومن أين سوف يأتيها الرد. نحن نبحث عن رد حقيقى ومدروس جداً».
لعل الأمر الأكثر أهمية هو أن نصر الله أشار إلى أن «حزب الله» سيعود إلى «قواعد الاشتباك» المعتادة على طول الحدود مع إسرائيل فى اليوم التالي، مؤكداً أن اشتباكاته التى دامت شهوراً لن تتوقف حتى يتم التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار فى غزة. وبهذا المعنى، أعطى نصر الله المجتمع الدولى سبباً واضحاً يدفعه إلى مضاعفة جهوده للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة. وقام معهد واشنطن للأبحاث بتحليل خطابات نصر الله الأخيرة، موضحًا أنه قبل وقتٍ قصيرٍ من استهداف شكر، تغيرت مجدداً رسائل «حزب الله»، إذ حدد صيغة لكيفية رده على هجمات محددة ورسم بعض الخطوط الحمراء لإسرائيل. لكن إلى جانب خطاب نصر الله، فإنها تشير إلى احتمال حدوث سيناريوهين.
السيناريو الأول هو الرد المتأخر، أى أن «حزب الله» سيضيف مقتل شكر إلى القائمة الطويلة من الهجمات الإسرائيلية التى وعد بالرد عليها فى نهاية المطاف. وبدلاً من ذلك، قد يقرر الحزب التحرك على الفور من خلال ضرب هدف عسكرى أعمق داخل إسرائيل بدلاً من حصر هجماته فى الشمال أو مرتفعات الجولان. وبصرف النظر عن الطريقة التى سيصمم بها «حزب الله» رده المحدد، من الواضح أن الحزب يئس من محاولة وقف الخسائر المتزايدة التى تكبدها خلال حرب غزة. وسيؤدى هذا اليأس إلى السيناريو الثانى وهو إنشاء فرص دبلوماسية كبيرة للولايات المتحدة وشركائها إذا تم ذلك على النحو الصحيح.
حزب الله والذين معه .. فى انتظار ساعة الصفر
مروى حسن حسين
حيرة كبيرة تعيشها إيران وجماعة حزب الله اللبنانى فى أعقاب الضربتين المتتاليتين فى بيروت وطهران، اللتين اتهمت إسرائيل بالوقوف وراءهما واستهدفتا قياديين بارزين فى حزب الله وحركة حماس، ركنى ما يعرف ب»محور المقاومة»، وهو تحالفٌ من الجماعات المعارضة لإسرائيل والنفوذ الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط، تقوده إيران ويضم حزب الله فى لبنان، وحركة حماس فى غزة، وميليشيات فى العراق، والحوثيين فى اليمن.
جاءت عملية اغتيال إسماعيل هنية فى طهران، بعد 12ساعة فقط ، من غارة نفذتها مسيرة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية، فى العاصمة اللبنانية بيروت، وأعلن الجيش الإسرائيلي، مسئوليته عنها وقال إنها استهدفت فؤاد شكر القيادى البارز فى حزب الله، المساعد الأقرب للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
يطرح اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، والطريقة التى تم بها فى العاصمة الإيرانية طهران، مخاوف من ردود فعل قوية، قد تؤدى لانفلات الحرب الدائرة حاليا فى غزة، لتتحول لحرب إقليمية، تخرج عن قواعد الاشتباك المعروفة حتى الآن، بين إسرائيل ومحور المقاومة فى المنطقة العربية.
اتفق المحللون على أن الضربتين كانتا قريبتين للغاية وفى معقل إيران وحزب الله بحيث لا يمكن أن تمرا من دون رد، وشكلتا خرقا أمنيا خطيرا لطهران وحزب الله. وقد يكون التحضير لهذا الرد لاستعادة استراتيجية الردع من دون إشعال فتيل تصعيد أكبر «العمل الأكثر حساسية» فى عام شهد اقترابا كبيرا من شفا حرب إقليمية.
ويطرح توقيت ومكان اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس ، علامات استفهام كثيرة، إذ أنه يأتى فى خضم محادثات متسارعة، لاتمام صفقة لوقف الحرب فى غزة، وتبادل الرهائن بين إسرائيل وحركة حماس، ومن المؤكد أنه سيؤدى إلى آثار سلبية على تقدم تلك المحادثات، وربما إلى حدوث انتكاسة لها.
اقرأ أيضًا| مصطفى بكري: أمريكا تحاول احتواء الموقف وتحجيم الرد الإيراني على اغتيال «هنية»
فى الوقت نفسه فإن اختيار إسرائيل لطهران، مسرحا لتنفيذ عملية الاغتيال يحمل رسائل متعددة، سواء لطهران، أو لمحور المقاومة المتحالف معها، فى المنطقة العربية، مفادها أن إسرائيل، قادرة على الوصول إلى قلب الدولة، التى تمثل المظلة التى يلتئم تحتها محور المقاومة، كما أن المكان يطرح تساؤلات، تتعلق بالشأن الأمني
كما يمثّل اغتيال هنية، الذى يحظى بشعبية واسعة، تطورًا خطيرًا فى مسار الحرب التى تشنّها إسرائيل على قطاع غزة منذ عملية طوفان الأقصى فى أكتوبر 2023. وفى حين يأمل بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، ، من خلال عملية الاغتيال، زيادة شعبيته فى إسرائيل (وهو ما حصل فعلًا بعد جريمتَى الاغتيال)، وانتزاع صورة انتصار ما زال عاجزًا عن تحقيقه فى غزة، بحيث يمكنه استخدامه مبررًا لمواصلة الحرب إلى حين فرض تصوّره لما يسمى اليوم التالي، أو ربما للمضى فى اتفاق الهدنة إلا أن عملية الاغتيال تهدد فى الوقت نفسه بتوسيع رقعة الصراع، إذا ما قررت إيران الرد على الهجوم الذى وقع على أراضيها وأسفر عن اغتيال أحد أبرز ضيوفها المشاركين فى مراسم تنصيب رئيسها الجديد، وإذا ما قرر أيضًا حزب الله الرد بقوة غير متوقعة على اغتيال القيادى فؤاد شكر. فهناك العديد من سيناريوهات الرد المحتملة من إيران وحزب الله وحماس، سواء كل على حدة أو مجتمعين فى وقت متزامن وبمساعدة جبهات أخرى.
السيناريو الأول، وهو احتمال توسع رقعة الصراع العسكري، ويرتبط الاحتمال بحسابات إيران، وردّها المتوقع على اغتيال هنية.
عقب الإعلان عن عملية الاغتيال، اتسمت التصريحات الإيرانية بالانضباط إلى حد لافت. لكن التوجه الإيرانى بدأ يتخذ منحى مختلفًا بعد اجتماع مجلس الأمن القومي، الذى شارك فيه قائد الحرس الثوري، وكبار قادة الجيش والداخلية والمخابرات. ونشر حساب المرشد الأعلى، على خامنئي، على منصة إكس، تصريحًا توعّد فيه إسرائيل بما سماه «عقابًا قاسيًا»، فى حين هدد بيان صدر عن الحرس الثورى الإيرانى بأن «الرد على الكيان الصهيونى سيكون قاسيًا وموجعًا».
إيران لن يكون فى مقدورها، نتيجة حجم الضربة التى وقعت على أراضيها، إلا أن تقوم بردٍّ من نوعٍ ما، قد يشبه ما قامت به ردًا على اغتيال أمريكا لقاسم سليمانى قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيراني، ، فى مطار بغداد مطلع عام 2020، واستهداف إسرائيل لقنصليتها فى دمشق مطلع أبريل 2024. تجد إيران نفسها مع بداية عهد رئيسها الجديد الذى يسعى لفتح باب الحوار مع الغرب، وخصوصًا مع الولايات المتحدة، أمام اختبار كبير.
حيث إنها تريد أن تقوم بردٍّ ما، لكنها فى الوقت نفسه لا تريد التورط فى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، ولا تريد التأثير سلبيًا فى فرص الحوار مع واشنطن، ولا سيما أن ذلك أحد أهداف عملية الاغتيال التى أمر بها نتنياهو فى طهران. فالعمليات الأخيرة فى الحديدة وفى حارة حريك فى ضاحية بيروت الجنوبية وفى طهران نفسها موجهة كلها ضد إيران التى شدد نتنياهو فى خطابه أمام الكونجرس على الصراع معها، وعلى ضرورة التحالف الأمريكي الإسرائيلى ضدها. ولذلك فقد تلجأ إيران لوكلائها فى المنطقة وفى كل مكان من أجل الرد .
حيث يمكنهم ضرب أهداف إسرائيلية على مستوى العالم»،، وقد تقوم كتائب القسام، الجناح العسكرى لحركة حماس، بإطلاق صواريخ من لبنان على إسرائيل للانتقام من اغتيال هنية، فى نفس الوقت يهاجم حزب الله تل أبيب للانتقام من اغتيال فؤاد شكر، كما يفتح الحوثيون من اليمن والفصائل المسلحة فى العراق جبهة نيران، وبذلك تعلن إيران أنها لن تقوم بشيء لأن الانتقام «من أجل هنية» قد تم. وقد يقوم حزب الله بضرب هدف عسكرى إسرائيلى مهم .
ومن المرجح أن يسعى حزب الله إلى إحداث أضرار مادية فقط بضربته لتجنب مزيد من التصعيد. أما رد فعل إسرائيل على رد حزب الله المتوقع، فيتوقف ليس عند ما لدى إسرائيل من قدرات وأهداف فحسب، بل عند المدى الذى ستدعمها فيه واشنطن، لتغطية أى انفجار كبير بالمنطقة، صار محتملا أكثر من أى وقت مضى. فى المقابل قد يكون هناك سيناريو آخر.
وهو احتمال التوجه نحو اتفاق، فرفع مستوى التصعيد قد يمثّل المرحلة التى تسبق عملية التهدئة، حيث تخشى أطراف إقليمية ودولية عديدة من فقدان السيطرة كليًا على الوضع ودخول المنطقة فى مواجهة شاملة تنجر إليها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى. ويعنى هذا أن الضغوط ستزداد خلال الفترة القادمة على نتنياهو للقبول «بصورة الانتصار» الذى حاول انتزاعه من خلال الهجمات التى حصلت فى طهران وبيروت والتوجه لإبرام اتفاق يُنهى الحرب فى قطاع غزة. كما ان حركة حماس ومعها بقية فصائل المقاومة وحاضنتها الشعبية لديها مصلحة حقيقية فى إنهاء الحرب، فى ضوء الإبادة التى يتعرض لها قطاع غزة منذ عشرة شهور. وينطبق الأمر نفسه على بقية الأطراف الإقليمية والدولية التى تتوجس من اتساع نطاق المواجهة وخروج الأمور عن السيطرة.
‫ «مترو غزة»التهديد الاكبر للجيش الإسرائيلى فى القطاع
فشل أمنى وقدرات عالية للمقاومة
تعددت التقارير الاسرائيلية والامريكية فى الاونة الاخيرة حول احد مظاهر اخفاق الجيش الإسرائيلى فى تحقيق اهدافه فى قطاع غزة رغم حجم الدمار المستمر منذ عشرة اشهر فلم يتمكن من القضاء على المقاومة او انهاء خطورتها ناهيك عن الافراج عن الاسرى وعنوان الاخفاق هذه المرة ملف الانفاق الذى لم تستطع تل ابيب تدميرها او القضاء على خطورتها وجود قواتها بكافة قدراتها العسكرية والامنية فى كل مدن القطاع وتوافر خطط ودراسات تم وضعها منذ عدة سنوات حول كيفية تدميرها حيث اشارت صحيفة اسرائيل تايمر اوف ووكالة اسوشيتد برس منذ ايام بان الجيش الإسرائيلى لم يتمكن سوى من تدمير اجزاء صغيرة من شبكة الانفاق لا يزال جزء كبير يعمل بكفاءة عالية وفى جهوزية كبيرة وهذا ماظهر فى الشجاعية وفى مدينة رفح .
وتعود بداية الانفاق الى اكتوبر 2001 والتى تم استخدامها فى ذلك التوقيت فى إحدى العمليات وتم استخدامها لتخزين الاسلحة والمواد المتفجرة وزاد استخدامها عام 2004 بعد مرور اربع سنوات من انتفاضة الاقصى واتخذت مسارا مختلفا بعد انسحاب اسرائيل الاحادى من القطاع عام 2005 حيث تمكنت المقاومة من انجاز عملية اسر الجندى جلعاد شليط واخفائه وفى عام 2013 اكتشف الجيش الإسرائيلى نفقا ضخمًا بالقرب من احد المستوطنات مما ادى الى حالة طوارئ وتم تشكيل وحدة متخصصة فى اكتشافها وكذلك وحدة( يهلوم ) وكان الهندسة للتعامل مع الانفاق.
حيث كان افراد الجيش يواجهون اشباحا تخرج منها لتنفذ مهامها ثم تعود اليها باريحية شديدة ويومها اعلن الجيش انه يعمل على تطوير منظومة اطلق عليها (المغرفة الحديدية) وتهدف الى اكتشاف اى عمليات حفر من خلال اجهزة استشعار ومن ثم تدميرها باستخدام جيل جديد من الروبورتات وفى عام 2016 بدأت فى انجاز المرحلة الأولى من عملية مكافحة الانفاق الهجومية واطلقت عليها اسم كودي( توهج الجنوب )وتجاوزت تكلفته مليار دولار ضمن مشروع من ثلاث مراحل اكتملت عام 2018 تضمن بناء حاجز خرسانى تحت الارض وتشييد جدار بطول القطاع 65 كيلو وتركيب انظمة رقابة واستشعار تحت الارض وفوقها وانشاء مختبر تكنولوجى أيضا لكشف الانفاق وتحديد مواقعها كما يضم سلاح المهندسين العسكريين قوات متخصصة فى الحروب
ورغم كل الاستعدادات فقد فشلت كل سيناريوهات تل ابيب فى التعامل مع خطر الانفاق على كل المستويات
اولا : على مستوى الاستخبارى : فقد كشفت التقارير ان حجم الانفاق تجاوز تقديرات الاجهزة الامنية ب 600 بالمائة كما ذكرت وسائل اعلام اسرائيلية وذكرت ان التقديرات السابقة تحدثت عن مساحة مابين 100 الى 200 كيلو وان المقاومة لا تملك اى نفق هجومى باتجاه مستوطنات غلاف غزة الامر الذى ثبت عدم صحته وفى السابع من اكتوبر الماضى كما ان طول شبكة الانفاق وصل الى 400 كيلو متر وهى مساحة غير عادية لمنطقة تبلغ اطول نقطة فيها 40 كيلو مترا فقط مع وجود مايقرب من 5700 فتحة تؤدى اليها وفى خان يونس فقط هناك 160 مترا وتم الكشف ان الانفاق نوعان الاول للقادة والمسئولين وهى على اعماق اكبر وتسمح بالاقامة الطويلة اما الثانية فهى على اعماق اقل للمقاتلين وتخترق تلك الانفاق الارض باكثر من 30 مترا وهى عالية التجهيز وتمثل جيلا جديدا من الانفاق
ثانيا : على مستوى المواجهة وكشفت الاشهر الماضية فشل مشروع الجيش الإسرائيلى المعروف باسم اتلانتس فى اغراق الانفاق فى قطاع غزة والذى جرى الكشف فى نهاية يناير الماضى وتم الاشادة به من قبل رئيس الاركان هرتسى هاليفى ومع الوقت اكتشف الجيش انه يعتمد على خطة قديمة وغير مناسبة تمت دون دراسات وتحت ضغط من قيادة المنطقة الجنوبية ولم تجر وفقا لتوصيات المختصين ولم يتم تجربته سوى على نفق واحد وكذلك عدم وجود تنسيق بين الجهات المختص وفشل ايضا اسلوب الاعتماد على الطائرات فى هدم الانفاق او على الاقل تدمير منافذها او اغلاقها رغم ان اسرائيل استهدفت عشرات الاهداف منذ بداية عملية طوفان الاقصى كما ان مشروع اغراق الانفاق بالمياه يحتاج حوالى 15 مليون متر مكعب من المياه ولشهر كامل من الضخ وهناك صعوبة فى ذلك
التهدئة تدفع الثمن.. تل أبيب تدخل «دوامة النمل»
فى عالم الحيوان يوجد الكثير من الأسرار والعجائب التى حيرت العلماء وأثارت دهشتهم خصوصا ظاهرة «دوامة الموت» التى تحدث فى احياناً فى جماعات النمل العسكرى وهى ظاهرة رصدها العلماء وأجريت حولها العديد من الأبحاث وأطلقوا عليها بالإنجليزية اسم Death» Spiral» أو طاحونة الموت وهى ظاهرة مرئية تحدث عندما تنفصل مجموعات النمل عن بعضها خلال فترة البحث عن الطعام.. وفى هذا العالم يكون للنمل القائد ما يشبه «رائحة مميزة» تعرف باسم «الفرمون»..
وتحدث ظاهرة «دوامة الموت» عندما يتبع النمل العسكرى بعضه البعض عن طريق الرائحة أى كل واحدة تتبع النملة التى قبلها لكن المؤثر هنا هو دوران «النملة القائد» التى تقود الفريق حول نفسها لخلل يصيبها مما يتسبب بحدوث هذه الظاهرة وبقاء النمل التابع له ودورانه فى حلقات دائرية قد تستمر وتتسع لأيام دون توقف إلى أن يموت من الإرهاق فى مشهد غريب جدا ومثير لكن الأكثر إثارة هى تلك «المجزرة» التى تخلفها هذه الظاهرة بعد نهاية الرحلة الدائرية العجيبة التى تتسع لأمتار عديدة لتشكل رقصة دائرية جنائزية تنتهى بالكارثة ...
العلماء قاموا بتجربة هذه الظاهرة فى المختبرات وفى مستعمرات النمل وأنشأت منها نماذج. وكان العالم الأمريكى «وليم بيبي» هو أول من سجل هذه الظاهرة عام 1921م حيث شاهد دوامة محيطها 365متراً تستغرق النملة الواحدة فيها ساعتين ونصف الساعة لتدور خلالها.
وقد لوحظت ظواهر مشابهة ل «دوامة الموت» فى أنواع من الحشرات والأسماك ويبدو أيضا أن بعض البشر يتشابهون مع ذلك النمل القائد الذى ضل طريقه إلى المستعمرة حيث تعد تلك الظاهرة مثالًا حيًّا على «القيادة الفاشلة» والاستمرار فيها حين يتسبب جنون التوجيه الخاطئ بضياع سرب كامل لا يعى أن قائدهم فقد بوصلته...
أول يوليو الماضى كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية «أن كبار جنرالات إسرائيل يرغبون بشدة فى بدء وقف إطلاق النار فى غزة حتى لو أدى ذلك إلى إبقاء حماس فى السلطة فى الوقت الحالى وذلك نظراً لعدم استعدادهم لمزيد من القتال بعد أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ عقود حيث إن قواتهم تحتاج إلى وقت للتعافى خاصة فى حالة اندلاع حرب برية ضد حزب الله»..
وردا على ذلك خرج بنيامين نتنياهو فوراً فى فيديو مصور يرفض بشدة ما أوردته الصحيفة بشأن إمكانية إنهاء تل أبيب حربها على قطاع غزة مع وجود حركة حماس فى إدارة القطاع وشدد على ضرورة تحقيق أهداف تلك الحرب.. المنطق العسكرى يقول إن القائد لابد له أن يعمل على تخفيف دائرة الصراع ولا يحاول إدخال المزيد من الأعداء حتى تنتهى المعركة ولكن بدلاً من ذلك يصر نتنياهو على قيادة كتيبة النمل العسكرى الصهيونى إلى دائرة صراع أكبر تشمل إيران وكتائبها فى سوريا والعراق واليمن ولا نعرف ماذا يتمنى ويخطط أبعد من ذلك؟!
كل التحليلات العسكرية الأجنبية ترى أن نتنياهو متخبط وأن اغتياله رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية فى طهران وقبله بساعات اغتيال فؤاد شكر أحد كبار قادة حزب الله تقود جميعها إلى تعزيز الاعتقاد بأن رئيس وزراء الكيان الصهيونى لا يبحث عن نهاية قريبة لهذه الحرب بل يسعى بكل قوة لتأجيجها وسكب المزيد من البنزين على النار بل حرق حتى الأوراق المتاحة أمامه لتنفيذ مفاوضات التهدئة..
تلك المفاوضات واقتراب نجاحها تم الإعلان عنه ليلا ونهارا وبلسان رئيس الولايات المتحدة العجوز والعاجز «بايدن» مرات عديدة وفى كل مرة يؤكد أنه قاب قوسين أو أدنى منها.. وها هى الصورة تتضح ليظهر أن كل أحاديث التهدئة والمفاوضات الماضية لم تكن سوى «فلاش» كاميرا سيئة الصنع من أجل أن تخطف أبصار العالم عن الوضع الإنسانى المزرى بغزة..
وفى مشهد التصفيق الحار له داخل الكونجرس الأمريكى بعث نتنياهو رسالة للداخل الإسرائيلى وخارجه أنه رغم كل الأصوات الصارخة والمعارضة ضده حول العالم إلا أنه يضع إدارة الولايات المتحدة فى الجيب الخلفى لبنطاله.
حيث أصبحت أكثر ضعفًا فى ممارسة نفوذها عليه لتجنب التصعيد بل وتسير خلف دائرته الجهنمية الهادفة إلى إطالة أمد هذه الحرب لأطول فترة مع عدم ممانعة حقيقية لتوسيع الصراع وتأجيج مخاطره الإقليمية. وفى كلتا الحالتين وحتى يأتى رئيس جديد للولايات المتحدة فلا نتوقع أن يتغير الكثير.. كل مقدمات الرحلة الصهيونية المتطرفة بقيادة نتنياهو منذ 7 أكتوبر الماضى تشير جميعها إلى نتائج نهاية الرحلة الدائرية العجيبة التى تتسع وتتسع فى مستعمرة النمل الصهيونى لتشكل رقصة دائرية جنائزية تنتهى بالكارثة.
حتى لا ننسى.. نزيف خسائر إسرائيلية مستمر فى كافة المجالات
لا تقتصر مؤشرات خسائر إسرائيل الفادحة جراء الحرب فى قطاع غزة على الجانب الاقتصادى، وإنما طالت منذ موقعة «طوفان الأقصى» 7 أكتوبر الماضى، وبعد مرور 300 يوم، محاور سياسية، واستراتيجية، واستخباراتية، وعملياتية، أسقطت جميعها نظرية الأمن الإسرائيلية، وأفقدتها مضمونًا عوَّلت عليه دوائر إقليمية عند الانضمام إلى طابور التطبيع مع تل أبيب، لاسيما أن العدوان وردود أفعال المجتمع الدولى المناوئة له، وكذلك الرفض الشعبوى الأمريكى، وضع البيت الأبيضالداعم الأكبر لإسرائيل فى خانة التحفظ على سيولة الإمدادات العسكرية للدولة العبرية.
وفى سابقة هى الأولى من نوعها، تآكلت أبواق التأثير الإسرائيلى على الرأى العام، وانتفضت الشعوب الرافضة لدموية حكومة اليمين المتطرف، وتقلَّصت قائمة الدول التى فتحت أبوابها فى السابق أمام الإسرائيليين، وزادت فى المقابل سلسلة الدول المعترفة بدولة فلسطين المستقلة، وقوطعت منتجات المستوطنات، وتعرض المعسكر ذاته لعقوبات غير معهودة فى الماضى القريب والبعيد.
وفى موقع «والَّا» العبرى، اعترف المحلل الإسرائيلى المخضرم نير كبنيس بحجم الكارثة، مشيرًا إلى أن «الساسة وكبار المسئولين العسكريين فى إسرائيل باتوا يتجاهلون حقيقة كراهية العالم لنا. الواقع يؤكد أن شريحة كبيرة من الإسرائيليين ليست على استعداد للوقوف أمام المرآة، وهو ما يؤشر إلى تنامى ظاهرة رفض الخدمة العسكرية، لاسيما فى ظل ترجمة تلك الخدمة إلى عشرات آلاف الضحايا المدنيين نتيجة إلقاء قنبلة إسرائيلية واحدة فقط».
ومنذ أول أيام العدوان على غزة، لم يهدأ الداخل الإسرائيلى، وانبرت أبواق حكومة نتانياهو فى تخفيف حدة كارثة «السبت الأسود» على إسرائيل، لكن الواقع المأساوى فند زيف مقامرات اليمين المتطرف، وأوصت كل الدوائر بحتمية انتزاع الأقدام من الوحل الغزاوى، ولم ينتظر «مراقب الدولة» متانياهو إنجلمان إجراء تحقيقات تقليدية حول فشل إسرائيل استخباراتيًا وأمنيًا وعسكريًا قبل وإبان وبعد الحرب فى غزة، وهو ما حدا بنتانياهو إلى التنصل صراحة من المسئولية المنفردة، داعيًا الجميع إلى انتظار للعقاب الوشيك!
وعبر موقع «زمن يسرائيل» يعلن الكاتب الإسرائيلى عمرى لافى نتيجة العدوان، مؤكدًا هزيمة إسرائيل حتى قبل بداية الحرب، فالأجهزة الأمنية خاصة ثلاثية ال«شاباك»، والموساد، و«أمان»، فقدت شرعيتها حين عجزت من البداية عن التنبؤ ب«طوفان الأقصى» بعد ما حدث، حسب الكاتب الإسرائيلى، لا يمكن اعتبار أية نتيجة محتملة للحرب انتصارًا لإسرائيل، ولابد من مغادرة قطاع غزة فورًا، تفاديًا لتفاقم الأزمة فى إسرائيل بشكل أكبر. وأضاف: «لن ننظم مسيرات النصر والاحتفالات فى الشوارع بعد ذلك».
رغم أن حرب إسرائيل فى قطاع غزة لم تضع أوزارها، لكن تقديرات دوائر تل أبيب الاقتصادية والعسكرية أيضًا، روَّجت لتكاليفها الفادحة، وأكد أنها تتراوح ما بين 150 إلى 250 مليون شيكل فى اليوم الواحد، أو بعبارة أخرى 1٫70 مليار شيكل أسبوعبًا، حسب موقع bizportal العبرى، الذى أشار إلى أن فاتورة الطلعات الجوية فقط تكلف إسرائيل 150 مليون شيكل يوميًا، ويضاف إليها الحوافز المالية غير المسبوقة لجنود الاحتياط.
يستثنى من التكاليف العسكرية المباشرة، تكاليف غير مباشرة لم تتحملها إسرائيل، وإنما تحملتها مؤسسات مالية فى واشنطن؛ فمع صدور قرار استدعاء الاحتياط من الخارج وفقًا للمرسوم المعروف إسرائيليًا ب«مرسوم 8»، تحملت تلك المؤسسات تكاليف تسيير رحلات مجانية إلى تل أبيب، تحمل على متنها أعدادًا بالغة من حاملى الجنسية الإسرائيلية فى الخارج.
ورغم أن الطائرات المدنية المكلفة بالمهمة تتبع شركة طيران «إيل عال» الإسرائيلية، لكن الشركة لم تتحمَّل أعباء نقل الاحتياط من مختلف دول العالم.
ويستثنى من التكاليف أيضًا معونات الأسلحة والذخائر الأمريكية، التى توفدت وما زالت على جيش الاحتلال.
وإلى جانب تكاليف الحرب، تجاوزت فاتورة الخسائر الاقتصادية كل حد، وبينما أفادت تقديرات موثقة بوصولها إلى 4 مليارات شيكل أسبوعيًا، أكدت تقديرات هيئة اتحاد الصناعات الإسرائيلية وصول الخسائر إلى 4٫6 مليار شيكل كل 5 أيام؛ وعزا التقديران الخسائر إلى إصابة قطاع السياحة على وجه الخصوص بالشلل التام، فضلًا عن افتقاد ما يُعرف ب«ضريبة الأملاك»، والخسائر المترتبة على الإغلاق الاقتصادى، ومدفوعات الضمان الاجتماعى، ووقف الدراسة، وإغلاق طرق المرور، وتعطيل المرافق الاقتصادية بغياب العمال، الذين وصل عددهم إلى 1٫3 مليون متغيب عن العمل.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد تقرير شامل منسوب إلى «بنك إسرائيل» بخسارة إسرائيل خلال أول أيام موقعة «طوفان الأقصى» 10 آلاف سيارة، وتضرر 8402 مبنى فى مستوطنات غلاف قطاع غزة؛ ويقدر إجمالى خسائر المرافق الاقتصادية خلال الشهور التسعة الأول من الحرب 600 مليون دولار أسبوعيًا، ما يقدر ب 6% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى الأسبوعى، كما خفَّضت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيف إسرائيل الائتمانى فى خطوة غير مسبوقة من «مستقر» إلى «سلبى»، مشيرة إلى ترشح التصنيف الائتمانى للهبوط حال اتساع دائرة الصراع العسكرى، وهو ما يزيد من المخاطر الأمنية والجيوسياسية التى تواجهها إسرائيل.
ربما يسود الاعتقاد باحتمالية مبالغة إسرائيل فى تكاليف عدوانها على قطاع غزة، لدواعٍ تتعلق بالحصول على تعويضات من جهة أو أخرى، لكن مراجعة بيانات الاعتداءات السابقة.
تؤكد أن تكلفة العدوان الإسرائيلى على لبنان عام 2006، الذى استمر شهرًا تقريبًا، وصلت فى حينه إلى 12 مليار شيكل؛ كما بلغت تكلفة العدوان السابق على قطاع غزة، والمعروف إسرائيليًا ب«الرصاص المصبوب» 1٫5 مليار شيكل، رغم أنه لم يستمر أكثر من أسبوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.